المستقبل تسلّل إلى «الطبخة» ورتب البيت البيروتي… والسنيورة يُحاول «الحرتقة» !

ببراعة، أحكَم تيّار المستقبل قبضته على «اتحاد جمعيّات العائلات البيروتيّة»، بعدما تمكّن من فرض محي الدين كشلي مرشحاً لرئاسة الاتحاد. رغم الاعتراض الأولي لعدد من العائلات على كشلي لدى طرح اسمه، نجح التيار في فرضه كمرشّح أقوى على الأرض وألزم الجميع بتسوية وفاقيّة، قاطعاً الطريق على عمليّة «تفريخ» أي رئيس توافقي، أو حتّى طرح التسوية من طرفٍ آخر.

هي رسالة أراد «الحريريون» توجيهها إلى من يهمّهم الأمر بأنّهم ما زالوا قادرين على بسط نفوذهم على العاصمة. اختبار انتخابات «الاتّحاد» نجح ليشكل بداية مسار سيسلكه «الحريريون» إلى الاستحقاقات الأُخرى، حتى إخراج خصومهم من مركز القرار السني.

 

بدايةً، تسلّل «المستقبل» إلى «الطبخة» واستعان على قضاء حوائجه بالكتمان، قبل أن يُصبح اليوم هو المُتحكّم بإدارة اللعبة الدّاخليّة. ولم يسبق للتيّار أن تدخّل في «الشاردة والواردة» في قلب «الاتّحاد»، منذ أسّسه الرئيس رفيق الحريري، إلا أنّه يفعلها اليوم ويُخضع المرشحين لـ«آلات» الكشف السياسي. «الاستشراس» الواضح في خوْض معركة «الاتحاد» مردّه إلى «حساسيّة» العلاقة مع الرئيس فؤاد السنيورة الذي حوّل «الاتّحاد» في الانتخابات النيابية الأخيرة إلى مركز لإلحاق الهزيمة بـ«الحريريين»، قبل أن تنقلب المؤامرة عليه ليظهر أن فائض القوة الذي أوحى به ليس إلا وهماً.

في الأيّام الأولى للمعركة، كان «المستقبل» يرفع سقف «فيتواته» في وجه رؤساء «الاتحاد السابقين»، وعلى رأسهم محمّد الأمين عيتاني ومحمد عفيف يمّوت، محاولاً ردّ الصاع لهما لدعمهما لائحة السنيورة. ولمّا رأى أنّ هذا التكتيك لا يُجدي نفعاً، قرّر السيْر في استمالة الرؤساء الذين انتقلوا من «أحضان» رئيس كتلة المستقبل النيابية السابق، ليتحولوا إلى رأس حربة في معركة استعادة «المستقبل» لـ«الاتّحاد»، وتجرّأوا على الإعلان أنّهم يقفون خلف «لائحة المستقبل»، على حدّ تعبير عيتاني.
هكذا، أخرج «المستقبل» السنيورة من قلب «الاتحاد»، من دون ضربة كف، وحتّى «مجموعة العمل للنهوض ببيروت» التي تأسّست بـ«كلمة سر» صدرت من «السادات تاور»، والتقت بجميع الأفرقاء سعياً إلى التوافق، أخرجها «الحريريون» خالية الوفاض. قلّة حيلة السنيورة أوصلته إلى أن يكون «محرتقاً» كي يقطع محسوبون عليه الطريق على أي تسوية تؤدي إلى اتفاق جامع عبر تشجيع المرشحين على عدم الانسحاب لصالح لائحة كشلي أو عدم التواصل معها، أو حتّى تشطيب اسم كشلي!

 

ولكن كلّ ما يفعله السنيورة يبدو أنّه غير ذي فائدة، إذ إنّ المعلومات تُرجّح إمكانيّة ولادة لائحة موحّدة يرأسها كشلي ويشترك في عضويّتها محسوبون على «المستقبل» ورؤساء «الاتحاد» السابقين و«اللقاء التشاوري». وفي هذا الإطار، تتتالى اللقاءات التي يعقدها المنسّق العام المركزي للإدارات المحلية والجمعيات الأهلية في هيئة الرئاسة في «التيّار» جلال كبريت مع مختلف القوى، ويضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق مع رؤساء «الاتحاد» السابقين. ويتردّد أنّ الاتفاق ينص على إمكانية أن تكون هناك 5 أسماء مشتركة بين «المستقبل» والرؤساء، ومنهم: كشلي، محمّد بالوظة، عدنان المصري، فيما يتردد أن عيتاني يُطالب بأن يكون ممثلوه من «الطاقم القديم».

أمّا على صعيد «اللقاء التشاوري»، فإن الاتفاق لم يتبلور بشكلٍ نهائي، خصوصاً أنّ الاتصالات مع كبريت بدأت منذ يومين، وتحديداً عندما شعر «اللقاء» بأن رهانه على تشكيل لائحة يرأسها نائب الرئيس الحالي عبدالله شاهين فيها كثير من المخاطرة، مع إمكانيّة انسحاب الأخير بسبب الضغوط التي تُمارس عليه، إضافة إلى أنّه يفضّل أن يكون مرشحاً توافقياً وليس مرشّح تحدٍّ في وجه «المستقبل» الذي قد «يأكل الأخضر واليابس».

وتشير معلومات «الأخبار» إلى أن اللقاءات بين كبريت وممثلين عن «اللقاء» أفضت إلى اتفاق أولي على دعمهم لكشلي، مُطالبين بأن يشتركوا في تسمية نصف مرشحي اللائحة واشتراكهم في نصف المراكز الأساسيّة: نائب الرئيس، أمين السر، أمين الصندوق، المُحاسب، المفوّض لدى الحكومة. وفيما لم يجب «المستقبل» بعد على هذه المطالب، يعتقد متابعون أن الاتفاق بين «المستقبل» و«اللقاء» صار قاب قوسين أو أدنى من الإعلان في انتظار الاتفاق النهائي على الحصص والأسماء. وبعدها، ستُعقد اجتماعات متتالية للعائلات يدعو إليها «المستقبل» للدفع إلى التوافق حول كشلي.

من جهة النائب فؤاد مخزومي، فإن الأخير يُردد أنه لا يُريد التدخّل في «الاتحاد»، فيما يقول المدير العام لمؤسّسته سامر صفح إنه يتدخّل «بصفتي العائليّة» وليس ممثلاً عن مخزومي.

لينان فخر الدين- الاخبار

مقالات ذات صلة