صحة الخرف ليس شيخوخة طبيعية.. كيف ندرك الفارق؟
كشفت دراسة مسحية جديدة أن ثلث الأشخاص الذين يلاحظون أعراض الخرف في أنفسهم أو لدى أحد أفراد أسرتهم يلتزمون الصمت حيال ذلك لمدة شهر أو أكثر، وفقا لما ذكر موقع “ياهو نيوز”.
وأوضح المسح، الذي نشرته، جمعية الزهايمر في لندن، مؤخرا، أن 15% من 1100 مريض ومقدم رعاية شملهم الاستطلاع طرحوا ملاحظاتهم على الفور، بينما لم يذكر 11 في المئة أي شيء بشأن تلك الأعراض.
وشمل الاستطلاع مرضى الخرف الذين تم تشخيصهم ومقدمي الرعاية لهم، بالإضافة إلى مرضى الخرف المحتملين ومقدمي الرعاية لهم.
ووجد المسح أن ما يقرب من ربع الذين شملهم الاستطلاع انتظروا أكثر من ستة أشهر قبل طلب المساعدة الطبية.
والسبب الأكثر شيوعًا بشأن الصمت حيال تلك الأعراض لم يكن مرده القلق والخوف بشأن الحالة الصحية، التي تكون متصاعدة بشكل عام، بل يعزى إلى كون المصابين ومن يقدم لهم الرعاية لم يكونوا على يقين فيما إذا كانت تلك الأعراض مرتبطة بالشيخوخة الطبيعة، أو أن لها علاقة بأمراض الخرف.
وعلى سبيل المثال فإن تالا، ابنة النجم الأميركي، بروس ويليس، كان قد جرى إعلامها بأن والدها مصاب بـ”الحبسة الكلامية” العام الماضي، مما جعله يفقد القدرة على التحدث والقراءة والكتابة وفهم الكلام.
وأضافت تالا في مقال نشر في مجلة “فوغ”، أواخر مايو الماضي، أنه جرى تشخيص مرضه لاحقا بالخرف الصدغي الجبهي، وهو مصطلح شامل لمجموعة من الاضطرابات الدماغية التي تصيب الفصين الجبهي والصدغي من الدماغ بشكل أساسي.
وترتبط تلك المناطق المصابة من الدماغ عامةً بالشخصية والسلوك واللغة.
والأشخاص الذين تترواح أعمارهم بين 45 و 64 عامًا هم الفئة السنية الأكثر عرضة للإصابة به، وفقًا للمعهد الوطني للشيخوخة.
ومثل العديد من مقدمي الرعاية الآخرين، قالت تالا في مقالها إن علامات التدهور المعرفي لوالدها كانت واضحة في تلك الفترة، ومع ذلك عزت “عدم استجابته الغامضة” إلى “فقدان حاسة السمع” بسبب طبيعة عمله كممثل كان يؤدي أدوارا صعبة في أفلام الإثارة والحركة.
واعترفت قائلة: “لقد علمت أن هناك خطبا ما لفترة طويلة”، موضحة أن “أفراد العائلة كثيرًا ما يحاولون إقناع بعضهم البعض بأن أفلام (DIE HARD) قد عبثت بأذني والدي”.
وأضافت: “لاحقًا اتسع نطاق عدم الاستجابة، وأخذت الأمر في بعض الأحيان على محمل شخصي”.
من جانبها، قالت كيت لي ، الرئيس التنفيذي لجمعية الزهايمر، في بيان صحفي بشأن نتائج الدراسة، أن الارتباك والقلق بشأن “وصمة الخرف” يؤخر التشخيص والعلاج.
وتابعت: “لا يمكننا الاستمرار في تجنب المسألة.. نحن بحاجة إلى مواجهة الخرف وجهاً لوجه”.
كيف نفرق بين الشيخوخة والخرف؟
يقول د. جون شومان ، المدير الطبي التنفيذي لـ” أوكا ستريت هيلث”، وهي سلسلة من عيادات الرعاية الأولية التي تخدم كبار السن: “الخرف بالتأكيد ليس شيخوخة طبيعية”.
ويوافقه الرأي الطبيب، ديفيد روبن، مدير برنامج “مولتيكامبوس” في طب الشيخوخة بكلية الطب في جامعة كاليفورنيا، إذ يشبه الشيخوخة، وهي ظاهرة بيولوجية طبيعية ، بـ “معالج كمبيوتر في عقلك لا يعمل بالسرعة نفسها”.
ويضرب مثلا، فيشرح: “عندما تكون هناك كلمة أو عبارة على طرف لسانك وتجد نفسك تقول (أعطني دقيقتين وسأتذكرها) فإن تلك حالة شائعة جدا تتناسب مع أعراض الشيخوخة الطبيعي”.
أما الخرف فهو مصطلح شامل لمجموعة واسعة من الاضطرابات التي تنطوي على فقدان تدريجي أو مستمر للأداء الفكري، بحيث يتدرج الأمر من المستوى الخفيف إلى الحاد، ويعتبر مرض “الزهايمر” أكثر أنواع تلك الاضطرابات شيوعا.
وفي حين أن بعض “التباطؤ” المعرفي يمكن أن يحدث كجزء من عملية الشيخوخة الطبيعية، فإن أعراض الخرف مميزة وهي تدل على المرض، بحسب خبراء الصحة.
وفقًا للمعهد الوطني للشيخوخة ، تشمل العلامات التي تشير إلى أنك أو أحد أفراد أسرتك مصاب بالخرف:
– طرح نفس السؤال بشكل متكرر.
– تواجه مشكلة في اتباع التوجيهات مثل استخدام الوصفات الطبية.
– توهان وضياع المرء في مكان أو منطقة يعرفها جيدا.
– أن يعاني المريض الارتباك بشأن الوقت والأماكن والأشخاص بشكل متزايد.
– عدم الاعتناء بنفسك، بما في ذلك تناول الطعام بشكل سيء، أو نسيان الاستحمام، أو التصرف بطريقة غير آمنة.
ماذا تفعل إذا كنت قلقًا بشأن الخرف؟
يجب على الشخص الذين يعاني علامات الخرف التواصل مع طبيبه، الذي سيطرح أسئلة مثل متى بدأت الأعراض، وما إذا كانت تزداد سوءًا، وإلى أي مدى، وهل يحدث تداخل في الأنشطة اليومية؟
وقد يختار الطبيب إحالة المريض لإجراء فحص نفسي عصبي، يمكن أن يلقي مزيدًا من الضوء على الوضع الصحي أو يوفر ببساطة سجلًا للأداء المعرفي الأساسي.
وهنا يقول شومان: “كل شخص لديه زلة من حين لآخر” ، مستشهداً بمثال حادثة وحيدة بوضعه مفاتيحه في مكان آخر غير المعتاد.
وتابع: “لكن الأعراض الأخرى مثل صعوبة موازنة دفتر الشيكات وتذكر كيفية ارتداء الملابس والعناية بها غالبًا ما تكون علامات على الخرف”.
من جانبه يرى روبن بضرورة عدم التفكير في أن تشخيص الخرف يمكن أن يكون مخيفًا، موضحا أن المعرفة المبكرة مفيدة جدا للمريض إذ تسمح له بترتيب بعض أموره وشؤونه قبل تدهور الحالة.
ويختم بالقول: “التشخيص المبكر يمنح بصيص أمل للمرضى إذ أن هناك بعض الأدوية يمكن أن تساعد المصابين في تخفيف آثار المرض”.
الحرة