من يقف وراء التسريبات بالعقوبات على بري ؟

الأوضاع إلى مزيد من التعقيدات ومفتوحة على كل الاحتمالات، وما دام لبنان ساحة وليس دولة، لا يمكن فصل مشاكله عن تطورات المنطقة والتبدلات الجذرية فيها، والمتابعون للملف اللبناني يرصدون في الفترة الأخيرة حراكا اميركيا غايته الأساسية نسف التفاهمات الإيرانية -السعودية – السورية واستخدام كل الوسائل لذلك، والرد على سياسات الرياض بالانفتاح على روسيا والصين والسعي إلى الانضمام لمنظمة «البريكس» بمزيد من إجراءات الحصار على دمشق وبيروت واثارة الصراعات مجددا في اليمن والعراق والسودان لفرملة الاندفاعة السعودية المستمرة نحو الشرق وهذا ما سيرفع التباينات بين الدولتين المطروحة على طاولة البحث خلال زيارة وزير الخارجية الاميركي للرياض الثلاثاء.

المتابعون للملف اللبناني يؤكدون، ان هناك افراد في بلاد الاغتراب من أصول لبنانية، مع وفود من بيروت بينهم نواب تغيريون واعلاميون وجمعيات يتحركون في واشنطن، ويجتمعون بنواب من الكونغرس ومجلس الشيوخ وموظفين في وزارة الخارجية الأميركية لتنفيذ انقلاب على الصيغة الحالية، والتدخل للمجيء برئيس للجمهورية معاد لحزب الله، ويمارسون تحريضا على كل حلفاء الحزب من نواب واحزاب وجمعيات وتزويد الادارة الاميركية بتقارير عن فساد هؤلاء كما يزعمون، وضرورة اصدار عقوبات ضدهم، كما حصل من خلال قانون محاسبة سوريا عام ٢٠٠٥… بالاضافة الى اعطاء المعلومات عن المتمولين الشيعة، وتركزت عمليات التحريض مؤخرا على رئيس مجلس النواب نبيه بري وتحميله مسؤولية إقفال المجلس النيابي وتعطيل الاستحقاق الرئاسي، وهؤلاء بدؤوا يسربون عن عقوبات اميركية على ١٨ شخصية لبنانية كلهم حلفاء لحزب الله وأضيف اليهم مؤخرا الرئيس نبيه بري و»التهليل « لهذا الإجراء وتعميمه على وسائل التواصل الاجتماعي والتاكيد، ان المرحلة المقبلة ستاتي برئيس للجمهورية من ١٤ آذار.

وبالتزامن مع هذه الاجواء حسب المتابعين للملف اللبناني، تم تسريب القرار الاتهامي في حادثة العاقبية التي ادت الى مقتل الجندي الايرلندي من قوات الطوارئ الدولية في كانون الاول الماضي واتهام حزب الله في الحادث. وتم التعميم من خلال مصدر قضائي مجهول عبر وكالة الصحافة الفرنسية في ظرف داخلي حساس، رغم ان مطالعة النائب العام القاضي كلود غانم صوبت القرار الاتهامي بان القتل ليس عمدا وليس من جهة حزبية وراء الحادث. والسؤال: من يقف وراء هذه التسريبات؟ لماذا الاصرار على شيطنة الثنائي الشيعي والعودة الى الاجواء التي سادت البلاد بين ٢٠٠٥ و٢٠٠٨؟ رغم ان جميع القوى السياسية تعلم جيدا، ان حزب الله لا يخضع للضغوطات مهما بلغ حجمها، والتجارب القريبة والبعيدة اكبر دليل على هذا الامر، والنتائج معروفة.

المطلعون على الأوضاع يؤكدون، ان واشنطن مستمرة في حربها ضد حزب الله مهما كانت النتائج، وتعتبر ذلك مهمتها المركزية ويتقدم هذا الخيار على الاستحقاق الرئاسي، ولم تبدل ولن تبدل في هذا التوجه، والاساس عندها ارباك الحزب واضعافه والباقي تفاصيل، مع تأكيدها استحالة التعافي في وجوده، لذلك تريد رئيس مواجهة، ضده وضد سوريا وضد كل من يدافع عنهما وتحديدا الرئيس بري الذي طوع المؤسسات لمصلحة الثنائي.

هذا المسار الأميركي يفخخ البلد وينسف الاتصالات ويجعل الفراغ طويلا، والسؤال: كيف سيرد حزب الله المشغول بالاستعدادات الكبرى للمواجهة المقبلة، بالتزامن مع تسريبات بان المقاومة اعادت منذ مدة احياء جبهة مزارع شبعا مجددا في اطار الجهوزية لاستعادة المزارع من الاحتلال الاسرائيلي وهي تنفذ اعمالا تاهيلية للقوة الموجودة على حدود المزارع، باعتبار ذلك جزءا من حق المقاومة في استعادة الاراضي المحتلة، كما تم اتخاذ خطوات عسكرية في مواجهة القوات الأميركية في دير الزور بالتنسيق مع الحلفاء، في ظل نسف الادارة الاميركية كل الحلول والاصرار على اقامة كيان كردي مستقل، حتى الحوارات الخجولة بين مسؤولين اميركيين وسوريين في مسقط توقفت كليا بسبب التباعد في المواقف ورفض سوريا اي حوار قبل انسحاب القوات الاميركية من اراضيها.

رضوان الذيب- الديار

مقالات ذات صلة