فعلها جبران باسيل … و”حزب الله” يشهر النصاب!
فعلها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل واستبق قوى المعارضة التي تقاطع معها فأعلن مساء أمس من جبيل، وبحضور عمه الرئيس السابق ميشال عون، ترشيح وزير المالية السابق جهاد أزعور للرئاسة، في مؤشر على عمق خلافه مع “حزب الله”، بعدما كان هذا الأسبوع شهد تصريحات يومية من أركان المعارضة عن الوصول إلى توافق، ثم تراجع الوصف إلى تقاطع مع التيار، وكل يوم كان أحد النواب المعارضين يبشّر بأن الترشيح سيعلن غداً. وفيما كان من المفترض أن يعلن أمس السبت، يبدو أن شيطان التفاصيل أجّله إلى يوم غد الاثنين وفق “القوات اللبنانية”، إلا إذا كانت شياطين صغيرة لا تزال تختبئ في مكان ما وتؤجله إلى يوم آخر.
وبينما حضر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حفل تنصيب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لولاية جديدة، دخل لبنان الشهر الثامن على التوالي في الفراغ الرئاسي ولا يبدو أن الطبخة الأزعورية ستفضي إلى انهاء هذا الفراغ، بعد تأكيد “حزب الله” أن انتخاب الرئيس يتطلب توافقاً، ملوّحاً بلعبة النصاب في مجلس النواب.
ولا يبدو أن مشكلات باسيل تكفيه، إن كان في شق علاقته مع الحزب أو تضعضع تكتله النيابي، فقد نشرت صحيفة فرنسية أمس أن سفير لبنان لدى فرنسا رامي عدوان، الذي عيّنه “العهد القوي” من خارج الملاك بسبب علاقته الوثيقة بباسيل، متهم بالتحرش الجنسي والاغتصاب، وأن الخارجية الفرنسية طلبت نزع الحصانة الديبلوماسية عنه لكي يستطيع القضاء الفرنسي التحقيق معه. وفيما نفى محامي عدوان أن تكون التهم صحيحة، سارعت الخارجية اللبنانية في بيان أًصدرته أمس الى تأكيد “حرصها على التعاطي المسؤول مع القضية المطروحة بما يصون مكانة الدولة وسمعتها وتمثيلها الديبلوماسي المعتمد في العالم ومن ضمنه لدى الجمهورية الفرنسية”. وقررت “إستعجال ايفاد لجنة تحقيق الى السفارة في باريس للتحقيق مع السفير المعني ومقابلة من يلزم من الجهات الرسمية الفرنسية لاستيضاحها عمّا نقل عنها في وسائل الاعلام ولم تبلغ به وزارة الخارجية اللبنانية عبر القنوات الديبلوماسية أصولاً، ليبنى عندها على الشيء مقتضاه القانوني المناسب بما يصون المصلحة العامة”.
وبينما كان باسيل يعلن التقاطع مع المعارضة على ترشيح أزعور، يبدو أن التوافق بينها لا يزال بحاجة إلى مزيد من الحوار، فقد أكدت عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائبة غادة أيوب، أن “هناك تقاطعاً مع التيار الوطني الحر على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية ويوم الاثنين المقبل كحد أقصى سيتم الاعلان عن موقف المعارضة بالذهاب نحو ترشيحه للرئاسة والتلاقي واضح بين مختلف قوى المعارضة”، وهذا تأجيل للموعد الذي كان مقرراً أمس السبت لاعلان الترشيح، ما يطرح علامات استفهام عن مدى التجانس بين قوى المعارضة، وإن كان فعلاً تم الاتفاق مئة بالمئة على أزعور.
وعلى الرغم من أن أزعور كان من الأسماء التي طرحتها كتلة “اللقاء الديموقراطي”، الا أن من المرجح أن لا يسير في تسميته إذا تبين أنه مرشح تحدٍ للثنائي الشيعي، وهذا ما أكده عضو اللقاء النائب بلال عبد الله، موضحاً أن “الحزب التقدمي الاشتراكي يريد مرشحاً توافقياً يؤمن صيغة توافقية داخلية”. وقال: “ان اجتماع اللقاء الديموقراطي الثلاثاء المقبل سيحمل كل الخير للبنان”، مضيفاً: “رشحنا اسم جهاد أزعور لرؤيته الاقتصادية وخبرته الناجحة في وزارة المالية، لكن المطلوب اعادة التفتيش عن مساحة حوار جديدة والبحث عن مرشح مشترك بين القوى السياسية كافة وسنعلن موقفنا بعد أن نلمس أن كل الأطراف توافقت على مرشح معين”.
ويبدو أن صاحب المبادرة الرئاسية النائب غسان سكاف علم بموقف الحزب “التقدمي الاشتراكي” في اتصالاته، اذ أعلن في حديث أن “اللقاء الديموقراطي عبّر عن موقفه بعدم السير بأزعور بكلّ وضوح بعد الانقسام في المجلس ولكنّ القرار النهائي يعود اليه ومن الصعب في الدورة الأولى أن نصل إلى أكثر من 65 صوتاً في ظلّ التجاذبات”، لافتاً الى أنه يعمل على توصية لا تؤدي إلى معركة كسر عظم مع الثنائي الشيعي.
وفي هذا السياق، أكد مسؤولو الثنائي أن من المستحيل وصول رئيس في ظل الفيتو الشيعي عليه، واعتبر رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين أن “ليست هناك جهة وحدها قادرة على أن توصل رئيساً للجمهورية في لبنان أياً كان هذا المرشح، بغض النظر عن اسمه وطبيعته وانتمائه ولونه وخياراته السياسية، وبالتالي، ما لم تتوافق الجهات مع بعضها البعض، فلا يمكن أن ننجز الاستحقاق الرئاسي”، سائلاً: “هل يمكن لرئيس تحدٍ أياً كان هذا الرئيس أن يقوم بهذا البلد وينهض به ويجد الحلول السياسية والاقتصادية فيه، خصوصاً في ظل الوضع المتأزم والمنهك والمتهاوي؟”.
وبينما رأى عضو تكتل “لبنان القوي” النائب غسان عطا الله أن “مبدأ التسلّط لدى حزب الله يتجلّى بفرض رئيس على المسيحيين”، شدد على أن “جهاد أزعور مرشح جدي وليس مرشح مناورة”، مؤكداً أن “انتخاب رئيس هو استحقاق مسيحي وعلى المسيحيين أن يكون لهم القرار الأول وسنحاول أن نصل إلى تفاهم مع الآخرين كي لا يكون مرشحنا رئيس تحدٍ”.
وبينما تتجه الأنظار إلى عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي اليوم، بحيث تتوقع الأوساط السياسية أن تكون مهمة، ويطلب فيها مباشرة من رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة إلى جلسة نيابية، ويشدّد على عدم تخطي المسيحيين، تم تداول معلومات أن الراعي التقى رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية عقب عودته من باريس، وأكد له أن المسيحيين توافقوا على اسم، لكن بكركي على الرغم من أنها لا تفضل مرشحاً على آخر، لن تقف في مواجهة الكتل المسيحية الكبرى.
الى ذلك، علم “لبنان الكبير” أن أزعور تلقى نصيحة من مرجعية سياسية بالتريث ودرس موضوع ترشيحه جدياً، لأنه على الأرجح مناورة سياسية هدفها إسقاط فرنجية وطرح المرشح التسووي الحقيقي بعده، ويبدو أن أزعور أخذ بالنصيحة، كون ترشيحه يعني استقالته من منصبه في صندوق النقد الدولي، وهو لا يريد أن يخسر هذا المنصب إلا في حال كان لقب فخامة الرئيس مضموناً.
لبنان الكبير