هذا ما طلبته المعارضة من أزعور لتبني ترشيحه!
على الرغم من تهرب “التيار الوطني الحر” من الاعلان رسمياً عن تبنيه جهاد أزعور للرئاسة بعد اجتماعه أول من أمس، إلا أن هذا ما أعلنه نيابة عن التيار رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وكذلك أكده عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سليم عون، علماً أن الخلافات داخل التكتل لم تعد سرية وأصبحت تخرج إلى العلن بصورة فاضحة. ولكن بغض النظر عن الموضوع فالتيار ليس وحده هنا، اذ بدأت تنتشر الأخبار عن الضمانات التي تطلبها المعارضة من أزعور، لتتبنى ترشيحه رسمياً، وعلى رأس هذه الضمانات، لا ثلث ضامن لأحد، ولا توزيع طائفي للوزارات، تحديداً المالية والداخلية، اللتان هما عرفاً من حصة الطائفتين الشيعية والسنية. وبغض النظر عن أن هذا الأمر يمس بصلاحيات رئيس الحكومة ولا علاقة لرئيس الجمهورية به، هل يمكن لأزعور أن يقدم هذه الضمانات؟
لم يكن رئيس مجلس النواب نبيه بري يصر على وزارة المالية قبل أن يتولاها الوزير علي حسن خليل لأول مرة منذ حوالي عشر سنوات، في عهد الرئيس ميشال سليمان، إلا أنه في العام 2016، أصر بري على إسناد حقيبة المال للشيعة، ويعود السبب إلى عدم ارتياحه للرئيس ميشال عون، وأراد أن يكون “التوقيع الثالث” جاهزاً لمنع عون من الاقدام على تجاوزات لن يقبل بها، ولم تطمئنه ضمانة “حزب الله” لعون. وبعد 6 سنوات من الحكم البرتقالي، أصبح حتى “حزب الله” يصر على أن تكون المالية من حصة الثنائي الشيعي، لأنها استطاعت الوقوف في وجه مشاريع عونية تضرب دور الطائفة الشيعية. ولذلك، في حال كانت الرئاسة من نصيب جهاد أزعور، الذي لا يرغب في الثنائي الشيعي، و”حزب الله” تحديداً، وأطلق الاشارات السلبية باتجاهه في عدة مناسبات، من المؤكد أن المالية ستكون مطلباً أساسياً للثنائي، وإن لم يتمكن من الحصول عليها، فسيتعطل تشكيل الحكومة لأشهر، إن لم يكن سنوات. وطبعاً الأمر يعود إلى رئيس الحكومة وشخصيته وقدرته على الوقوف عند هواجس كل الأطراف، ولكن المؤكد أن أزعور لن يستطيع أن يحكم إن كان في مواجهة مع الثنائي.
أما وزارة الداخلية، فأصبحت بالعرف من نصيب الطائفة السنية في آخر بضع سنوات، بسبب التعنت العوني في الحكم، ما دفع القادة السنة الى التشدد في الحصول عليها، تحديداً لجهة دورها مع قوى الأمن الداخلي، وقائدها، الذي عرف أيضاً بأنهما من نصيب هذه الطائفة، ولذلك إن قدم أزعور هذه الضمانة للمعارضة، فقد يخسر تلقائياً تكتل “الاعتدال الوطني”، الذي يحاول قدر الامكان تعبئة الفراغ السياسي السني، إلى حين عودة الرئيس سعد الحريري، الممثل الحقيقي للطائفة.
المحاصصة الطائفية أمر يجب التخلص منه، ولكن لا يجوز أن يكون في مقعد هنا أو مقعد هناك فقط، بل عن كل المقاعد، مع التسليم بالرئاسات الثلاث الأولى فقط، أما بقية المراكز، فمن غير المنطقي أن تبقى على حالها، ويجب أن تكون هناك مداورة فيها، من قيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان ومجلس القضاء الأعلى وكل المراكز والمدراء العامين، وعندها لا تبقى حجة لدى الطوائف، بالتوزيع العادل للوظائف، ولن تكون لديها أي حجة للتمسك بوزارة ما. وطبعاً الأفضل هو تنفيذ اتفاق الطائف الذي يوصل إلى دولة لا طائفية فيها.
محمد شمس الدين- لبنان الكبير