إرتفاع كبير في الرسوم على السيّارات… فما الحل؟
طلبان شكّلا عنوان التحرّك الذي نفّذه أمس قطاع استيراد السيارات المستعملة: إلغاء رسم الإستهلاك الذي يشكّل نسبة 45% من قيمة السيارة المستعملة المستوردة، واحتساب الدولار الجمركي على سعر 15 ألف ليرة، للسيارات الـ600 التي «تصطفّ» على المرفأ بانتظار تخليصها منذ نحو 20 يوماً، فضلاً عن الشحنة الأخيرة التي ستصل في طريقها إلى لبنان.
ولتحقيق هذين المطلبين نفّذت نقابة مستوردي السيارات المستعملة في لبنان اعتصاماً أمس أمام تمثال المغترب ـ مدخل مرفأ بيروت، وذلك بعد عدم توصّل المفاوضات مع وزارة المالية إلى نتيجة.
ويعتبر رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة في لبنان إيلي قزي أن «رفع الدولار الجمركي بهذه الطريقة غير المدروسة يعتبر تسونامي لضرب هذا القطاع، وهو قرار ظالم ومجحف بحق المستوردين والتجار».
وشدّد على أن «رسم الاستهلاك غير قانوني. وضع منذ كان الرئيس فؤاد السنيورة وزيراً للمالية على أن يتم العمل فيه خلال سنتين. ولكنه لا يزال سارياً بعد أكثر من 25 سنة. ومن المفترض أن ندفع 5% أو11 % TVA ولا يمكننا أن ندفع أكثر من ذلك».
إلا أن مشهد الإعتصام وإحراق الدواليب وقطع الطريق من قبل نحو 2000 معتصم يمثّلون قطاع استيراد السيارات لم يدم طويلاً، إذ عمد الجيش الى فتح الطريق بالقوة فاصطدم مع المعتصمين الذين أصيب بعضهم بجروح نقلوا على أثرها الى المستشفى.
ويقول قزي لـ»نداء الوطن» خلال تلقّيه العلاج في المستشفى إن «قطاع استيراد السيارات أوقف الإستيراد حالياً وهو مهدّد بالإقفال مع ما يرتبط معه من قطاعات مثل قطاع غيار السيارات والكاراجات والبطاريات والدواليب والزيت والفرش… فقطاع استيراد السيارات «تعتاش» منه 15 ألف عائلة، وبالتالي ستكون للقضاء عليه آثار إقتصادية». فهو يدرّ على الخزينة نسبة 15% من إيراداتها، وبالتالي لن توافق الحكومة عموماً ووزارة المال خصوصاً على إلغائه في هذا الظرف الذي تبحث فيه عن مورد بـ»السراج والفتيل» لتسديد رواتب القطاع العام.
وأكّد قزّي رداً على سؤال حول كمية السيارات الكبيرة التي دخلت الى البلاد قبل رفع الدولار الجمركي الى 15 ألف ليرة، أن السوق اللبنانية تحتاج الى هذه السيارات وهذا عملنا.
وفي حال تمّ إلغاء رسم الإستهلاك، تتوقفون نهائياً عن سداد الرسوم؟ في تلك الحالة أوضح قزي «نسدّد الرسم الجمركي للسيارة المستعملة المستوردة وفق سعر صرف السوق السوداء للدولار، ونحدّد جمركنا بنسبة 5% في المئة و11 في المئة كضريبة على القيمة المضافة».
رسم الإستهلاك
ممّ يتألف رسم الإستهلاك ولماذا فرض على السيارات المستعملة؟ تفرض الإتفاقية الموقعة بين لبنان والإتحاد الأوروبي على تسديد إما رسم جمركي على السيارات المستعملة المستوردة أو ضريبة على القيمة المضافة، الأمر الذي لم يعتمد.
ويشرح خبير المحاسبة المجاز جمال ابراهيم الزغبي لـ»نداء الوطن» أن «رسم الاستهلاك الداخلي في لبنان يوازي ما يعرف برسم رفاهية في بعض الدول العربية. في لبنان يفرض رسم الاستهلاك على كل مبلغ يفوق العشرين مليون ليرة بمعدل 45 في المئة والوعاء الضريبي هو ثمن السيارة تضاف إليه المصاريف الأخرى كالشحن والنقل الداخلي بعد أن تُحسم العشرون مليوناً ويفرض الرسم على المبلغ المتبقّي.
وفُرِض رسم الاستهلاك الداخلي على السيارات المستعملة بحجة تطبيق العدالة الاجتماعية والضريبية، فكلّما زادت قيمة السيارة ارتفعت رسومها مع سقف العشرين مليوناً الذي يعتبر للطبقات الفقيرة، وإن لم تتجاوزها فلن تفرض عليها رسوم استهلاك».
من هنا يشير الى أنه «مع بقاء سقف العشرين مليون ليرة على حاله وزيادة سعر السيارات بالليرة اللبنانية على سعر منصة صيرفة يُعتبر الرسم ارتفاعاً كبيراً جداً، ما يعني انتفاء الهدف وهو العدالة الاجتماعية والضريبية، وبالتالي أصبح الهدف فقط هو الحصول على أكبر قدر من الضرائب والرسوم. وهذا يعني عدم قدرة هذه الطبقة على اقتناء السيارات الجديدة والمستعملة وخاصة أن عنصر الائتمان الذي كانت توفّره المؤسسات المالية غير موجود حالياً».
وفي المقلب الآخر أشار الزغبي الى أن «الضريبة على القيمة المضافة لم تكن مكلفة بالنسبة الى المستوردين إذ كانوا يطلبون استردادها. ولكن بعد أن تمّ تعديل المادة 60 من قانون الضريبة على القيمة المضافة عام 2017 بات ممنوعاً على مستوردي السيارات المستعملة استرداد الضريبة على القيمة المضافة، وأصبحت تدخل ضمن الكلفة وبالتالي زادت الكلفة على المستورد بمقدار القيمة المضافة.
الحلول للمعضلة!
حول الحلّ الممكن التوصّل إليه في ما يتعلق بالرسوم، رأى الزغبي أنه من الأجدى رفع السقف بما يوازي ارتفاع الدولار الجمركي. وأعطى مثالاً تقريبياً: «إذا كان ثمن سيارة 20 ألف دولار أي ما يعادل 30 مليون ليرة على سعر صرف 1500. أول عشرين مليوناً تفرض عليها ضريبة 5 في المئة والعشرة ملايين المتبقية تفرض عليها نسبة 45 في المئة فيكون مجموع الرسوم نحو 5 ملايين ونصف أي ما يوازي 3666 دولاراً دون القيمة المضافة. أما في حال أصبح الدولار الجمركي على سعر منصة صيرفة فتصبح الرسوم دون القيمة المضافة توازي 8063 دولاراً. ومن هنا يلاحظ ارتفاع كبير جداً في الأسعار التي كانت معتمدة قبل الأزمة».
باتريسيا جلاد