إفتتاح العرض المسرحي الهزيل…!
استدعى القاضي عماد قبلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فحضر على الموعد، بعدما كان أرسل قاض آخر (شربل أبو سمرا) 3 دوريات أمنية لتبليغه موعد حضوره أمام القاضية الفرنسية أود بوريسي في باريس، فلم تجده تلك الدوريات كما ادعى أبو سمرا والقوى الأمنية المعنية. وبعد صدور مذكرة التوقيف الدولية بحقه، أجرى سلامة بسهولة شديدة وسرعة لافتة مقابلة تلفزيونية “مريحة” حضرها كبار القضاة وقادة الأجهزة الأمنية الذين ادعوا انه تعذر إيجاده.
فعلى مدى ساعة و20 دقيقة، استمع المحامي العام التمييزي القاضي قبلان أمس إلى سلامة، حول التهم الموجهة اليه من القضاء الفرنسي في “النشرة الحمراء الانتربولية”، المتعلقة بالاختلاس وتبييض الأموال والتهرب الضريبي. وقرّر قبلان بعد انتهاء الاستماع حجز جوازي سفره (اللبناني والفرنسي) ومنعه من السفر، طالباً من جهاز الأمن العام تعميم قراره. كما كلّف قبلان المباحث الجنائية المركزية التواصل مع مكتب الانتربول في بيروت للتواصل بدوره مع مكتب الأنتربول الدولي للطلب من فرنسا ايداع القضاء اللبناني ملف استرداد سلامة، حيث سيستدعى مجدداً بعد وصول الملف ليصار الى استجوابه في ضوء تلك التهم الموجهة اليه “فرنسياً”. ويفترض تكرار الأمر عينه عندما تصل مذكرة التوقيف الصادرة عن ألمانيا، بانتظار مذكرات لاحقة قد تصدر عن بلجيكا وسويسرا واللوكسمبورغ… ليتكرر نفس سيناريو “الاستماع” ثم طلب استرداد الملفات، لأن لبنان قرر عدم تسليم سلامة للقضاء الأوروبي.
وخرج سلامة بعد الجلسة من قصر العدل في بيروت كما دخله، بإجراءات أمنية مشددة، وتدابير قيّدت تحرّك الصحافيين الذين خصصت لهم مساحة بعيداً عن المكان الذي عبر منه الحاكم الى مكتب القاضي قبلان، بهدف حجب الحاكم عن عدسات كاميرات الهواتف.
وأفادت مصادر مطّلعة أن القاضي قبلان أعدّ تقريراً سريعاً بإجابات سلامة وأرسله برقيّاً الى السلطات الفرنسية، طالباً تسليم لبنان مذكرة الإسترداد التي ترتبط بالملف ليطّلع القضاء اللبناني على المضمون ويتخذ قراره.
وسربت مصادر مقربة من سلامة أنه أجاب على كل أسئلة قبلان و”دحض كل الاتهامات بسهولة ويسر”، معتبراً أن مذكرة التوقيف التي صدرت بحقه “باطلة وغير قانونية وأن القضاء الفرنسي يتعسف بحقه”، وأنه طلب من القضاء اللبناني “عدم تسليمه الى القضاء الفرنسي ومحاكمته في لبنان، على اعتبار أنه يؤمن بالقضاء اللبناني أكثر من الأوروبي، وله ملء الثقة بقضاة لبنانيين لا يرقى الشك الى نزاهتهم واستقلاليتهم، وعدم اكتراثهم لأي ضغوط من أي جهة أتت” .
وكرر سلامة أن راتبه الشهري كان 150 ألف دولار قبل أن يكون حاكماً للمصرف المركزي ما خوّله جني ثروة طائلة. مثلما كرّر أقواله التي أدلى بها سابقاً في معرض التحقيقات الأولية التي اجراها معه حينها القاضي جان طنوس، ونفى خلالها أي تواطؤ مع شركة “فوري” المملوكة من شقيقه رجا سلامة.
مصادر قانونية متابعة لمجريات تعاطي القضاء اللبناني مع سلامة، أكدت أن “مسرحية جديدة بدأت في التحقيقات معه، علماً بأنه مدعى عليه وآخرين من قبل القاضي رجا حاموش. أي أن مثوله أمام اي قاض يفترض أنه لتوقيفه لا “للاستماع اليه”، حسب توصيف القاضي قبلان. فالاستماع شيء، والاستجواب المتعلق باتهام صادر عن قاض انهى تحقيقاته شيء آخر”. واستغربت المصادر القانونية “كيف أن القضاء اللبناني سبق ووافق على دخول الدولة طرفاً في التحقيقات المحلية والأوروبية لحفظ حقها في الأصول والحسابات والعقارات التي حجزت تحفظياً في عدد من الدول الأوروبية، ما يعني ان الدولة مقتنعة باتهامه، لكنها فضلت الاستمرار في الاستماع فقط!”. كما لم تستغرب المصادر عينها عدم خوف سلامة من القضاء المحلي، لأنه مطمئن الى “تربيطات سياسية ومصلحية تحول دون أي مفاجأة ليست في الحسبان”.
ولفتت المصادر الى تصريحات سابقة لسلامة ترقى الى العام 2021 و2022 أكد خلالها انه مستعد للمثول امام القضاء الاوروبي، وكيف أنه اليوم يتهم القاضية الفرنسية أود بوريسي بأنها تخالف الأصول القانونية والقضائية في ملاحقته”. وسألت المصادر: “هل سيقول الشيء نفسه عن قضاة ألمانيا وبلجيكا وسويسرا واللوكسمبورغ…؟”.
وعن طلب القضاء اللبناني الملف من فرنسا ولاحقاً من دول أخرى، ترى المصادر أنه أداة “للعب على الوقت ريثما تتضح الرؤية السياسية بشأن مصير سلامة. فالأمر يختلف بين ضغوط دولية عادية وأخرى فوق العادية، ليبنى على الشيء مقتضاه بعد تقييم أضرار الخيار الذي يفرض نفسه، علماً بأن الاتجاه هو الى تبرئة سلامة وحمايته حتى الآن”.
نداء الوطن