القمة العربية… من “صفر” مشاكل الى “تصفير” لبنان ونقله الى أسافل الأرض!…

قفلت القمة العربية أمس على ملموس جوهري يتعلّق بلبنان، وهو أن السلطات اللبنانية، ومعظم القوى السياسية اللبنانية، تغسل أيديها وأفواهها مثل من يقوم بذلك بعدما يكون تناول وجبة طعام دسمة. ولكن التدقيق في أحوالها (السلطات والقوى اللبنانية) يوضح أنها لم تأكل شيئاً، وأنها تغتسل “عالريحة”.

“تصفير”

فبين إصرار بعض اللبنانيين على الفرص الثمينة من جراء تسوية بكين، والانفتاح العربي على سوريا، وسخرية بعضهم الآخر من “نجومية” الرئيس السوري بشار الأسد التي ضاعت خلال القمة العربية، نجد أن سوريا لم تقدّم على الطاولة العربية أي مشروع رسمي حول كيفية استعادة شعبها الهارب من جحيم حربها منذ 12 عاماً، ولا حول مستقبل الحلّ السياسي لديها، وذلك رغم أن هذه النّقاط أساسية لـ “تصفير” المشاكل في المنطقة العربية عموماً، وفي لبنان خصوصاً.

ضربة تسويات

أمر آخر أيضاً، وهو أن من بين أبرز نقاط “إعلان جدة” أمس، الحديث عن رفض دعم تشكيل الجماعات والمليشيات المسلّحة الخارجة عن نطاق مؤسّسات الدولة.

وبذلك، تكون القمة العربية عوّمت، ودعمت، وشدّت على أيدي الأذرع العسكرية الإيرانية الناشطة في دول عربية عدّة، وذلك لأن تلك الأذرع تصنّف نفسها على أنها سيادية، ووطنية، ومن أهل وناس البلدان التي تعمل فيها. كما أنها تحظى بتغطية الحكومات في تلك البلدان، وحتى إنها باتت داخلها، وتُمسك بقرار تشكيلها أو تعطيلها. وبالتالي، يكون “تصفير” المشاكل في لبنان والمنطقة العربية مسألة حلم، سقط بضربة تسويات إقليمية.

فماذا عن مستقبل لبنان الزاهر، والواعد، في ظلّ تلك الأجواء؟

مستحيل؟

أشار مصدر مُطَّلع الى أن “اللغة التي استُعمِلَت خلال القمة العربية تنسجم مع محاولات المنظومة العربية لـ “تصفير” المشاكل. فلو قرّرت أن تطرح الأمور بتفاصيلها، لكانت ستصطدم بالإيرانيين من جديد”.

ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “محاولة إصلاح العلاقة مع إيران، وعدم إفشال تسوية بكين، منعت أي حديث عربي صريح وواضح عن مشكلة التمويل الإيراني لميليشيات في دول عربية عدّة. وبالتالي، شهد الكلام العام بعض التقيّة، بحثاً عن التفاهم والحوار بدلاً من التصادُم. ولكن علينا أن ننتظر أكثر بَعْد، لنعرف إذا ما كانت الأمور ستتطوّر نحو الأفضل، أو لا”.

وأضاف:”الانطباع العام يشير الى استحالة تخلّي إيران عن أدواتها في المنطقة، قبل أن تضمن سيطرتها على كل شيء، ورفع العقوبات عنها”.

لبنان

وردّاً على سؤال حول مغادرة أمير قطر تميم بن حمد القمة العربية قبل بَدْء الأسد كلمته، وإذا ما كان الموقف القطري الحالي من سوريا مُستداماً، أو تحضيرياً للتعامل معها في وقت لاحق، انسجاماً مع أمر واقع نجاح الرئيس السوري بحَسْم نتيجة الحرب لصالحه، أجاب المصدر:”قد يكون الموقف القطري من باب الحثّ، والدّفع لانتزاع بعض الإصلاحات داخل سوريا في وقت سريع”.

وتابع:”يمكن للدول العربية أن تموّل ثمن وقف تجارة الكبتاغون من دون حلول سياسية وأمنية سوريّة فعلية، ولكن ليس إعادة إعمار سوريا. فلا شيء ممكناً على هذا الصّعيد من دون مقابل، وهذا المقابل هو خريطة سياسية – أمنية يجب أن تُبصر النور”.

وختم:”بالنّسبة الى لبنان، المنظومة التي قام عليها هذا البلد، والتي لا تزال تتمسّك بما كان في الماضي، فقدت كل أدوارها. وهذا قد يعني نهاية لبنان بصيغته الحالية أيضاً. خرائط المنطقة الديموغرافية والسياسية القديمة لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه، بالنّسبة الى الغربيين، لأنها فقدت كل أدوارها السابقة، وصارت عاملاً سلبياً. وحتى إننا نلاحظ تماماً كيف أن لبنان ما عاد نقطة تواصُل بين الشرق والغرب، وهو الدور الذي لطالما تفاخر به في الماضي”.

أخبار اليوم

مقالات ذات صلة