السيارات الكهربائية تتسلل إلى طرقات لبنان فما التحديات التي تواجه أصحابها؟

في السنوات الأخيرة، حققت السيارة الكهربائية انتشاراً واسعاً في أوروبا وأصبحت الأكثر مبيعاً. حتى إن دولاً أوروبية عديدة تتجه إلى وقف تصنيع السيارات التي تعمل على الوقود بحلول عام 2030، فيما تتزايد شعبية السيارات الكهربائية. فهذه الدول تتجه إلى الانتقال الكامل نحو السيارات الكهربائية. ولا يقتصر السبب وراء هذا التوجه على أنها صديقة للبيئة، بل يمكن أن تساعد في مكافحة التغير المناخي، بحسب ناشطي البيئة في العالم. في لبنان، بدأنا نشهد دخول مزيد من السيارات الكهربائية إلى السوق سنوياً، كاختيار صديق للبيئة من جهة، إنما أيضاً لجدواها الاقتصادية بحيث يمكن الاعتماد عليها في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار المحروقات بمعدل أضعاف، لكن لا يخفى على أحد أن التحديات كثيرة في لبنان بما أننا لا نزال في بداية الطريق في هذا المجال. وعلى من يقدم على خطوة شراء سيارة كهربائية أن يفكر بشحنها وبمدى توافر محطات شحن بتغذية كهربائية في البلاد. هناك مبادرات عديدة ومشاريع مستقبلية لإطلاق محطات شحن للسيارات الكهربائية، لكن ما مدى توافر هذه المحطات في الوقت الحالي في مختلف الأراضي اللبنانية؟

تسهيلات وحوافز

قد يكون ثمن السيارة الكهربائية أغلى من السيارة التقليدية، وقد يراوح بين 15 و250 ألف دولار أميركي، بحسب مواصفاتها والشركة المصنعة لها، لكن ألغت الدولة اللبنانية الرسوم الجمركية ورسوم الاستهلاك الداخلي على السيارات الكهربائية الخصوصية، وألغي رسم التسجيل والميكانيك للعام الأول، إذا كانت السيارة مخصصة للنقل العمومي، للتشجيع على استيراد السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة والحد من السيارات التقليدية التي تعمل على الوقود، هذا ما حفز كثيرين على اقتنائها حتى بدأت تحقق انتشاراً أوسع في لبنان، مع التسهيلات الجمركية وأصبحت متاحة لشريحة أوسع من الناس بمختلف أسعارها والمواصفات المتوافرة منها.

إنما تبقى مسألة شحن السيارة الكهربائية هماً أساسياً لمن يقتنيها، خصوصاً في لبنان الذي قد لا يكون جاهزاً بعد لاستقبال السيارات الكهربائية على نطاق واسع في المرحلة الحالية.

يبدو أن المبادرات الخاصة كثيرة. وبطبيعة الحال، لا يمكن إلا الاعتماد على القطاع الخاص حالياً. إنما لا يزال التطبيق على الأرض خجولاً، ومعظم المشاريع لا تزال قيد الدرس أو أنها قد تنطلق خلال فترة قصيرة، فيما بدأ تطبيق بعضها أخيراً.

فيبدو واضحاً أن ثمة اهتماماً متزايداً في هذا المجال، وتتجه معظم شركات المحروقات في البلاد بشكل تدريجي إلى إطلاق محطات للشحن الكهربائي، ما يسمح بإعداد البلاد بشكل أفضل.

مبادرات خاصة واعدة

من المبادرات الخاصة، إطلاق أول شبكة ذكية، أخيراً، للشحن الكهربائي بهدف تعزيز بيئة مستدامة، على أن يتم إنشاء المئات من النقاط في المطاعم ومراكز التسوق والنوادي الرياضية الكبرى لتعزيز استخدام السيارات الكهربائية في لبنان.

وبحسب ما أوضحته المهندسة الكيميائية في إحدى الشركات ألكسا ماريا إلهد، في مرحلة أولى ستضع 50 “نقطة كهربائية” في مناطق مختلفة في لبنان، في المجمعات التجارية والنوادي الرياضية والسوبرماركت وغيرها من المراكز التجارية والترفيهية ما يسمح لصاحب السيارة بتمضية أوقات ممتعة في فترة الشحن بدلاً من الانتظار والشعور بالملل. ويمكن لصاحب السيارة تنزيل التطبيق الخاص لمعرفة نقاط الشحن المتوافرة، وتلك الأقرب إلى موقعه بفضل نظام التتبع، إضافة إلى التفاصيل المتعلقة بكلفة الشحن وغيرها من المعلومات، فيحدد بعدها موعداً حتى يتوجه إلى نقطة الشحن. على أن يصار إلى زيادة نقاط الشحن تدريجاً في مرحلة ثانية.

كما أقامت مجموعة أخرى لمحطات المحروقات في لبنان، محطة الشحن الأولى الخاصة بها في منطقة الذوق في شمال بيروت. وأوضح كمال ناصر من قسم التسويق أن الشركة خفضت تسعيرة شحن السيارة إلى ما دون التسعيرة التي وضعتها الدولة فبلغت 60 سنتاً للكيلوواط الواحد، وترتبط كلفة الشحن حكماً بسعة البطارية. ويشير إلى أن الشركة أقامت أيضاً صالة انتظار لأصحاب السيارات الكهربائية للاستراحة فيها خلال فترة الشحن التي تعتبر الأكثر سرعة في لبنان لاعتمادها نظام الشحن المباشر، وفي أقل من 15 دقيقة توفر المحطة الطاقة لنحو 100 كيلومتر بسعة 60 كيلوواط في الساعة. وتضاف إلى مشاريع الشركات الكبرى، محطات الشحن التي أقامها البعض في منازلهم لتسهيل.

شحن في المنازل أو في المحطات

تجدر الإشارة إلى وجود طريقتين لشحن السيارات، إما من خلال الطاقة المتجددة، أو بالتغذية التي تتطلب حرق الوقود، وفق ما يوضح خبير في هندسة السيارات الكهربائية. فإذا كان المبدأ الأساسي حماية البيئة والحد من التغير المناخي، مع استخدام السيارات الكهربائية ونشرها على نطاق واسع وصولاً إلى مرحلة وقف استخدام السيارات التي تعمل على الوقود بشكل تام، من البديهي الاعتماد على الطاقة الشمسية لشحن السيارة للحد من استهلاك الوقود الأحفوري، لكن قد لا يكون نظام الطاقة الشمسية متوافراً للكل، وعندها يبدو الشحن بالتغذية الكهربائية في محطات الشحن أو في المنازل حلاً لا بد منه.

قد يتطلب الشحن في المنزل من أربع إلى ثماني ساعات. ويكون الشحن عندها بطريقة (AC) Alternating Current، فيما يمكن الشحن من المحطات أو من الشركات بالتيار المباشر (DC) Direct current فيؤمن الشحن السريع بالتغذية خلال ما لا يزيد على نصف ساعة أو ساعة كحد أقصى.

تماماً كما في السيارة التي تعمل على الوقود، تظهر حاجة السيارة الكهربائية إلى الشحن من خلال علامة توضح ذلك، بحيث لا تتوقف بشكل مفاجئ ويعرف صاحبها مسبقاً أنه ثمة ضرورة لشحنها. مع الإشارة إلى أن السيارة الكهربائية تتميز بالقدرة على الشحن الذاتي في الطرقات المنحدرة بوجود نظام يخزن الكهرباء في البطارية، فيمكن عندها الاستفادة من فرصة الشحن هذه والحد من استهلاك الطاقة.

مع التطور الحاصل في صناعة السيارات الكهربائية، يتميز بعضها بمسافة سير تصل إلى 600 أو 700 كيلومتر بعد إعادة شحنها، وذلك بحسب قدرة البطارية. وعندها من الممكن الاكتفاء بشحن السيارة مرة واحدة في الأسبوع لا أكثر ما يخفف من الأعباء على من يقتنيها، خصوصاً أن صيانة السيارة الكهربائية أكثر سهولة ولا تتطلب تغيير الزيت مثلاً. إلا أنها تحتاج إلى اختصاصي للتعامل معها بالشكل الصحيح. هذا، وقد استغنت الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية عن أكثر من ثلاثة آلاف قطعة غيار في السيارة الكهربائية كانت موجودة في السيارة التقليدية، ما يجعل كلفة صيانتها متدنية. وفي الوقت نفسه تنخفض كلفة استخدام السيارة الكهربائية بنسبة 60 في المئة مقارنة مع تلك التي للسيارة التي تعمل على الوقود. أما بالنسبة إلى البطارية التي تعتبر العنصر الأهم في السيارة الكهربائية فتقدم الشركات المصنعة كفالة تراوح بين سنتين وثماني سنوات.

من المتوقع أن تزداد السيارات الكهربائية انتشاراً في الأراضي اللبنانية مع زوال التحديات وزيادة التسهيلات لمن يقتنيها ليصبح استخدامها عملياً أكثر. فاختيار السيارة الكهربائية مشابه لاعتماد نظام الطاقة الشمسية الذي يبدو اختياراً موفقاً من الناحية الاقتصادية وكاستثمار ذات منفعة اقتصادية للمدى البعيد. وفي السنوات المقبلة تتوقع الشركات المصنعة أن يزيد الطلب عليها مع تبلور الفكر وزيادة التسهيلات وعندما يتهيأ لبنان بشكل أفضل لذلك، في مواجهة ارتفاع أسعار المحروقات الذي أصبح عبئاً ثقيلاً على اللبنانيين وحرصاً على البيئة أيضاً.

اندبندنت

مقالات ذات صلة