“الحاكم” في أسوأ وضع تاريخي… وقرارات مفصلية الأسبوع المقبل!

يشتد الخناق الدولي يوماً بعد يوم حول عنق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومن وراءه من اطراف في المنظومة السياسية الحاكمة التي تسانده بهدف تبرئته من تهم الاحتيال والاختلاس وتبييض الاموال. فبعد أن أصدر القضاء الفرنسي يوم الثلاثاء الماضي مذكرة لاعتقاله في إطار تحقيق في ما إذا كان قد اختلس مئات الملايين من الدولارات من الأموال العامة، أعلن وزير الداخلية بسام مولوي أن «لبنان تلقى مذكرة اعتقال من منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) يوم الجمعة بحق حاكم المصرف المركزي»، كما تسلم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات النشرة الحمراء عبر القنوات الرسمية.

تصريح مولوي

وأشار وزير الداخلية في تصريح له الى أن «السلطات اللبنانية تناقش بجدية مصير سلامة بعد مذكرة الإنتربول»، لافتاً الى «أنه سينفذ مذكرة الاعتقال التي أصدرها الإنتربول إذا قرر القضاء اللبناني الامتثال لها».

واوضح: «سنسلّم سلامة لفرنسا إذا طلب القضاء اللبناني ذلك»، مضيفاً: «رأيي الشخصي أنّه يجب عليه التنحي فوراً»، كما أعلن أنّه «سيكون للحكومة موقف من بقاء سلامة في منصبه الإثنين المقبل».

رد سلامة

وردّ سلامة على تسلّم النيابة العامّة مذكّرة التوقيف الصادرة بحقّه والمُعمّمة عبر الإنتربول الدولي، بأنّ هذه الإشارة جاءت بناءً على طلب القاضية الفرنسيّة، والتي استندت لتغيّبه عن جلسة الإستجواب التي حدّدتها في 16 أيار.

وأضاف سلامة في تصريحات خاصّة لـ CNBC عربيّة، أنّه لم يحضر جلسة الإستجواب لعدم إخطاره تبعاً لأصول القواعد والقوانين المرعية الإجراء، وأنّه سيتقدّم باستئناف لإلغاء هذه الإشارة». من جهته أكد المدعي العام الفرنسي إصدار مذكرة توقيف بحق سلامة.

الإستماع إليه

وذكرت وسائل اعلامية نقلا عن مصادر قضائية أن «القضاء اللبناني سيستمع لسلامة الأسبوع المقبل بعد تسلمه مذكرة الإنتربول، ولن يسلمه لقضاء فرنسا وفقا لقوانينه». وفي الاطار نفسه، قال مصدر قضائي لبناني لوكالة فرانس برس، إن «القانون اللبناني لا يجيز تسليم مواطن لبلد آخر».

وأضاف المصدر: «عندما ترد مذكرة التوقيف الدولية عبر النشرة الحمراء، سيطلب القضاء اللبناني من الجانب الفرنسي الملف الذي يتضمن المعطيات والمستندات التي بنت عليها القاضية بوريسي قرارها».

وتابع: «إذا ثبتت صحة هذه الأدلة، عندها يبدأ القضاء اللبناني ملاحقته في لبنان باعتباره صاحب الصلاحية في مثل هذه القضية».

وقال مصدر قضائي كبير لرويترز، «ان قاضي التحقيق الذي يشرف على قضية محلية ضد حاكم مصرف لبنان رد الدفوع التي قدمها محامو الدفاع، ممهداً الطريق لعقد جلسة يوم 15 حزيران».

300 مليون

تجدر الاشارة الى أن مذكرة التوقيف الدولية بحق حاكم المصرف المركزي، تأتي في إطار تحقيق في اتهامات بالاحتيال. ويواجه سلامة ومساعدته ماريان الحويك وشقيقه رجا تحقيقات في لبنان، وخمس دول أوروبية على الأقل، للاشتباه في استيلائهم على أكثر من 300 مليون دولار من البنك المركزي.

وكان سلامة قد اعلن يوم الاربعاء أنه «سيتنحى عن منصبه لو صدر بحقه حكم قضائي، وأنه يعتزم الطعن بمذكرة الاعتقال الفرنسية، لأنها مخالفة لأصول الاتفاقية بين لبنان وفرنسا من دون أن يذكر أي تفاصيل». وأضاف سلامة: «المسار القانوني ظالم لكنني مستعد له». وسيمثل تركه المنصب علامة فارقة في الانهيار المالي، الذي نتج عن عقود من الإنفاق المسرف والفساد والسياسات غير المستدامة من جانب قادة لبنان.

مواقف منددة ببقائه

وفي اطار المواقف المنددة في بقاء سلامة في منصبه، بالرغم قرار التوقيف الفرنسي، غرّد النائب مارك ضو قائلا: «وجود مطلوب بموقع حاكم مصرف لبنان سيهدد حكماً كل علاقات المصارف اللبنانية مع كل مصارف العالم. بدأت مصارف بعض الدول ترفض أي تحويل من مصارف لبنانية. على رياض سلامة الاستقالة فوراً. القضاء اللبناني مش مسموح يستمر بدفن رأسه بالرمال».

من جهته غرّد النائب ميشال دويهي قائلا: «بعد تأكيد وزير الداخلية انه تسلم مذكرة اعتقال من «الانتربول» بحق سلامة، ماذا تنتظر السلطات القضائية المختصة والاجهزة الامنية لاعتقاله؟ لا تريدون تسليمه للقضاء الفرنسي بموجب قانون يمنع تسليم مواطنين لبنانيين على ارضه لدولة اجنبية للمحاكمة، لا يمنع ابداً اعتقاله فوراً حماية للقضاء!

مناشدة القضاء

و أصدر تحالف متحدون بياناً طالب فيه «بموقف حاسم مطلوب من القضاء اللبناني وإلا هو مسؤول عن فوضى عارمة».

وقال البيان إنه «وسط الهرج والمرج الحاصل في قضية حاكم مصرف لبنان، الأقرب إلى «السيرك» إذا ما نظرنا إلى الحصاد الفعلي لكل ذلك: لا قرش سيعود إلى المودعين ولا إلى اللبنانيين من المال المنهوب».

اضاف: «بيت القصيد هو القضاء اللبناني. إن تحرّك هذا القضاء، أو تابع القسم المنتفض منه لنفسه وللعدالة تحرّكه الإصلاحي بالحد الأدنى ــ وجلّه من القضاة المدنيّين وعدد محدود من قضاة الجزاء الذين تجرّأوا على إنصاف أصحاب الحقوق لا سيما المودعين منهم ــ لأمكن للشعب اللبناني التعويل عليه ودعمه، بما يؤدي إلى نتائج ملموسة تنفع الناس، هي أبعد ما تكون عن مجرد شعارات أو فقاعات لا تسمن ولا تغني من جوع. وطبعاً، ليتَ القسم الآخر الضارب فيه الفساد بأشدّه، من نوّاب ومدّعين عامّين وقضاة تحقيق يتحرّك، فيستوي دور قضاء الادعاء العام باسم الشعب اللبناني ولصالحه».

وتابع: «من باب ما لا يُدرَك كله لا يُترَك جلّه، أتت في هذا التوقيت الحسّاس جداً من عمر لبنان دعوة تحالف متحدون إلى القضاء اللبناني كي ينتقل من موقف المتفرّج إلى موقف الفاعل المقتدر، كونه السلطة الوحيدة الناجزة للمحاسبة ولدرء المزيد من الانقضاض على حقوق المواطنين»، مشدداً على أن «المطلوب منهم أيضاً التنبه لما يجري من قضم لهذه الحقوق الراسخة بكل المعايير المحلية والعالمية، وإبعاد كل أشكال التسييس والاستغلال عن تحرّكاتهم الضاغطة، لا سيما تحرّكات المودعين، والعمل معاً لاستعادة هذه الحقوق والحد من إزهاقها من قبل ثلاثية شرّيرة قابضة عليها، يستفيد أركانها ومحازبوهم منها إلى أقصى الحدود على حساب سائر اللبنانيين: المصارف وأصحابها، مصرف لبنان وحاكمه وحاشيته، السياسيون النافذون وأزلامهم».

وختم بالقول: «من موقع المسؤولية الوطنية، لعل ما أسّسه محامو التحالف وشركاؤهم بعملهم المتواصل، على مدى السنوات الأربع المنصرمة من عمر الأزمة من دعاوى قضائية، مدعّمة بالأدلة والمستندات وذات صلة مباشرة ووثيقة بكل ما يجري، خير ما يمكن للقضاة الأكفّاء البناء عليه بهذا الصدد – مع التأكيد على ضرورة إبعاد كل أشكال التسييس عنها، والإقلاع بالكامل عن فكرة استخدامها مطية للتخلّص من ملاحقات القضاة الأجانب».

نداء الوطن

مقالات ذات صلة