جبران باسيل: هل وضع نفسه في مأزق أم يلعب دور «بيضة قبان»؟
يتصرف رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في الآونة الاخيرة على اساس انه «بيضة القبان» في حسم الاستحقاق الرئاسي، وانه قادر ان يشكل القوة التي ترجح الخيار الرئاسي ما دام يملك ورقتين مهمتين: كتلة نيابية كبيرة ومؤثرة في ترجيح كفة فريق من الفريقين المتنافسين، وغطاء مسيحيا قويا للثنائي الشيعي شرط عدوله عن دعم سليمان فرنجية.
لكن القيام بدور «بيضة القبان» له محاذيره ايضا، خصوصا اذا حاول اطالة فترة المناورة بين الفريقين، ولم يحسن الاختيار او اصطياد الفرصة.
في الشكل يوحي باسيل، كما يقول مصدر نيابي مستقل، انه يسعى الى اعتماد الخيار الثالث، بين خياري «الثنائي الشيعي» والمعارضة التي تقودها «القوات اللبنانية». لكنه في الحقيقة يسعى الى فرض ايقاعه على مسار الاستحقاق الرئاسي، ويكون الاقرب الى تأدية دور صانع الرئيس.
وفي الظاهر ايضا، يلتقي باسيل مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي يدعو الى اختيار مرشح غير محسوب على «الثنائي الشيعي» او المعارضة المواجهة، اي الى مرشح واقعي على حد تعبيره في اطلالته التلفزيونية يوم الاثنين الماضي. لكن في المضمون هناك اختلاف بين الرجلين، فباسيل يعمل لانتزاع دور اساسي في بلورة وتسمية الخيار الثالث، بينما يريد جنبلاط ان يكون الخيار التسووي الواقعي، محصلة تفاهم يؤمن تاييدا مسيحيا واسعا، ولا يكون موضع «فيتو» او اعتراض من الثنائي الشيعي.
ووفقا للمعلومات من مصدر سياسي مطلع، فان باسيل وضع بعض المقربين منه في اجواء الخطوط العريضة التي يعمل على اساسها، ومنها انه لا يريد اغضاب او استعداء حزب الله رغم اهتزاز العلاقة معه، ويحرص على الاتفاق معه على مرشح غير فرنجية، رغم معرفته مسبقا بصعوبة هذه المهمة. وفي الوقت نفسه يسعى ايضا الى الانفتاح على المعارضة و»القوات»، لانه يكون في ذلك قد كسب ورقة ضغط قوية في تفاوضه مع الحزب.
ويقول المصدر ان باسيل وضع نفسه في موقع لا يحسد عليه، فــ «القوات» التي تقود المعارضة تمارس عليه ضغطا متزايدا لحسم امره والاتفاق على اسم المرشح الرئاسي، بغض النظر عن مفاوضاته غير المعلنة مع حزب الله ونتائجها. وهي تجتهد ايضا لتكريس اسم مرشح مواجهة مقابل فرنجية، وهذا ما لا يريده باسيل.
اما حزب الله فيريد منه جوابا نهائيا ليس في شأن تحديد موقعه في معركة الرئاسة، وانما على الاقل في حسم موقفه من المشاركة في الجلسة وتأمين النصاب لها، لا سيما ان الحزب ليس في صدد الانتقال الى ما يسمى الخطة «ب» او التخلي عن ترشيح ودعم فرنجية.
ويعتبر المصدر السياسي المطلع، ان باسيل في وضع دقيق لان هامش المناورة عنده ضيق وقصير. لكن النقطة الايجابية لمصلحته في الوقت الحاضر هي ان المعارضة تشهد نوعا من الارباك في حسم امرها تجاه مرشحها النهائي من بين عدد من المرشحين المطروحين.
ووفقا للمعلومات من اوساط هذه المعارضة، انه على الرغم من تقدم اسم الوزير السابق جهاد ازعور، فان هناك اسماء ما زالت مطروحة بنسبة قوية ايضا، ابرزها قائد الجيش العماد جوزف عون.
وتضيف المعلومات ان «القوات» ادرجت اسم ازعور مؤخرا كملحق في لائحة ترشيحاتها المؤلفة من العماد عون والنائب السابق صلاح حنين والنائب ميشال معوض. وانها فعلت ذلك لحسابات عديدة منها:
١ – محاولة حشر باسيل، الذي كان اول من بادر الى طرح اسم ازعور الى جانب اسم الوزير السابق زياد بارود .
٢- اظهار رغبتها في تأييد مرشح مستقل يحظى بثقة دولية من الهيئات والمنظمات والدول المانحة، ويملك علاقات طيبة مع السعودية.
٣- يمكن ان يؤمن عددا من اصوات النواب السنة، نظرا الى علاقاته الجيدة مع «تيار المستقبل»، مع العلم ان ارتباطه بعلاقة مميزة مع الرئيس فؤاد السنيورة ربما لا يعطي النتيجة المرجوة، خصوصا ان غالبية نواب السنة في الشمال هم على علاقة مودة مع فرنجية.
وفي الخلاصة، يقول المصدر «يُخشى ان يكون باسيل قد وضع نفسه في مأزق بدلا من ان يستثمر موقعه كـ «بيضة قبان» في الاستحقاق الرئاسي. لكن هناك وقتا قصيرا ما زال متاحا له لحسم خياره بشكل جيد وموضوعي، لا يجعله ملحقا في معارضة تقودها «القوات»، ويوفر له في الوقت نفسه رصيدا محسوبا في العهد الجديد».
محمد بلوط- الديار