المسؤولية على عاتق «المعارضات»… حذار من فخّ تأمين النِصاب!
تتواتر المعلومات عن الاجتماعات المكثفة التي تجرى لترتيب توافق «المعارضات» على مرشح يواجه سليمان فرنجية. وتنهال التصريحات الداعية لعقد جلسات متواصلة لمجلس النواب بغية انتخاب رئيس، وتترافق مع إشارات خارجية تصل إلى حد التهديد بعقوبات إذا ما استمر التعطيل.
وحتى الساعة لا يبدو مسعى «المعارضات» متوافراً أو مضموناً. فتجربة العام الماضي من عمر مجلس النواب الحالي، بيّنت أنّ التناقضات بين أطيافها حرمتها من تأمين أصوات 65 نائباً بوجه المنظومة التي يقودها «حزب الله»، والتي ساهمت بمواصلة «الحزب» ومن يدور في فلكه، الاستئثار بالسلطة وقرارات الدولة المنهارة، والتي أسفرت عن عودة نبيه بري رئيساً لمجلس النواب والياس بو صعب نائباً له وتوزيع وظائف المجلس بطريقة المحاصصة المعهودة على قوى المنظومة.
ويستمر «حزب الله»، وبإصرار، في فرض فرنجية رئيساً، وبتعالٍ واستخفاف بالقوى السياسية المعارضة له، في حين يمكن لتوحيد صفوف «المعارضات»، إذا حصل، إحداث نقلة نوعية باتجاه تأليف معارضة حقيقية وطنية، وإرساء قواعد التوازن المنشود في حال تذليل الصعوبات وإزالة التناقضات والحشد للمرشح المختار، ما قد يساهم في تغيير المعادلة، والإطاحة بمرشح المحور الإيراني في لبنان.
وإذا لم تكن خطوة «المعارضات» متينة، ستتحول المعركة الانتخابية إلى واجهة لتراجع تكتيكي عن مقاطعة الانتخابات وتؤدي إلى تأمين النصاب، مع حصول مرشح الممانعة على الأكثرية، لا سيما إذا ما استوت صفقة متوقعة بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل و»حزب الله»، من شأنها أن تنسف كل المعلومات عن تداولات تجريها أطراف في المعارضة مع باسيل لتكريس ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور بمواجهة فرنجية.
وليس سراً أنّ الرهان على باسيل هو خاسر بامتياز، كما أنّه علّة موصوفة تنسف محاولة «المعارضات» رص صفوفها لمواجهة إصرار الحزب على فرنجية، فباسيل صرح قبل أيام أنّه لن يغادر خط الممانعة، الذي فتح له الأبواب العربية بفعل الاتفاق السعودي/ الإيراني، وبفعل إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، وهو ليس بوارد الانتحار سياسياً وخسارة كل ما استثمر فيه.
ولعل هذا الكلام اقترن باعتبار باسيل أنّ «غزوة بيروت» في 7 أيار 2008 أعادت الحق إلى أصحابه، وهو بالطبع من ضمن هؤلاء الأصحاب الذين صادروا كل ما في الدولة ومؤسساتها، وصولاً إلى إفلاسها.
كما أنّ الرجل هو ملك الانقلاب على تعهداته. وهذا ما بيّنته مسيرته مع شركائه في «اتفاق معراب»، ومع الرئيس سعد الحريري، في حين لم يلتزم ويصدق إلا مع «حزب الله»، بما حمّل لبنان تبعات عزلته عن محيطه العربي، وعن انتمائه إلى الشرعية الدولية، وعطل الحياة السياسية والاقتصادية في محطات كثيرة أوصلت إلى الانهيار الحالي.
لذا، يمكن القول إن موقف «المعارضات» حساس ودقيق في هذه المرحلة، إن لجهة أطيافها المتنافرة، أو بالنظر إلى المعطيات الخارجية وتأثيرها المباشر على لبنان.
فموقف المجتمع الدولي والعربي لا يأخذ إلا مصالح أصحابه في الحسبان، ويترك لأهل البيت اتخاذ قراراتهم، ليصار إلى التعامل معهم وفق ما ينجم عن هذه القرارات عملياً، على أن تتم المحاسبة بناءً على الوفاء بالالتزامات الذي سيظهر تباعاً في أداء العهد الجديد، رئيساً وحكومة، وقدرته على التقيّد بالضمانات حول الاستراتيجية الدفاعية وضبط الحدود والإصلاح والقضاء على الفساد وما إلى ذلك.
وهنا دقّة المسؤولية الملقاة على عاتق «المعارضات» إذا لم تدرس خطوتها جيداً، حينها ستكون قد وقعت في فخ تأمين النِصاب، ليتمكّن «حزب الله» ومحوره من إيصال مرشحهما والإيحاء بالالتزام بتعهداته لاستقطاب المساعدات وفق مخططهما المستمر بقيادة إيران.
سناء الجاك