لهذه الأسباب بري مُتشائم… من هذا التاريخ المفصلي!
يستعجل رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة لعقد جلسة للمجلس لانتخاب رئيس الجمهورية، وقد حدد يوم 15 حزيران موعدا لها، يمكن خلالها للنواب ان يمارسوا دورهم في الاقتراع، بعد تعليق العمل الانتخابي بوصول عدد الجلسات الى 11 ،وقفزت فوق مهلة الشهرين المحددة في الدستور لانتخاب رئيس للجمهورية، وبدأت منذ مطلع ايلول الماضي دون ان يتمكن مجلس النواب من انتخاب خلف للرئيس ميشال عون، الذي انتهت ولايته الدستورية في 31 تشرين الاول 2022 ،وبات موقع الرئاسة الاولى شاغرا، وتولت صلاحيات رئيس الجمهورية حكومة تصريف الاعمال، فحصل خلاف حول صلاحياتها ومهامها ، الذي فجره «التيار الوطني الحر» فقاطع جلسات الحكومة التي كان يدعو لها رئيسها المكلف نجيب ميقاتي عند الضرورة القصوى.
فمنذ سبعة اشهر ومجلس النواب لم يتوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية، ولم يدع رئيسه الى جلسات جديدة حتى يتم التوافق عبر الحوار الداخلي، وهذا لم يحصل بسبب رفض «الكتل النيابية» الممثلة للمسيحيين للحوار، الذي لم يعد يدعو اليه بري الذي كان يردد امام زواره ولوسائل اعلام ان الدعوة من اجل الدعوة لمجلس النواب دون انتخاب رئيس للجمهورية، ليس هي الهدف بل الوصول الى اتمام العملية الانتخابية، وهذا غير متوافر لجهة تأمين الاغلبيىة النيابية لاي مرشح حتى يفوز بـ 65 صوتا في الدورة الثانية، اذا لم يحرز في الدورة الاولى اكثرية الثلثين أي 86 نائبا ، وهذا هو النصاب الدستوري لجلسة الانتخاب كي تعقد، والذي كان يتعطل في الدورة الثانية لجلسات الانتخاب ال 11 التي انعقدت.
من هنا، فان بري يعلم بان اي مرشح لن يتمكن هو او من يدعمه، من تأمين لا النصاب الدستوري، ولا الفوز بالاغلبية النيابية، فدعا الى التوافق ولما لم ينجح في مسعاه، سمى رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية مرشحا لرئاسة الجمهورية، حيث اضطر رئيس مجلس النواب الى الوصول الى هذا الموقف، عندما رفض «الفريق المسيحي» الحوار حول اسم المرشح، ودعوة اطراف ما يسمى «معارضة» او «القوى السيادية» الطرف الآخر، لا سيما «الثنائي» «امل» و حزب الله ومعهما حلفاؤهما الى الاعلان عن مرشحهم، فكانت تسمية فرنجية من بري وتأييد من الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في اطار المنافسة بين مرشحين، ولان فرنجية مرشح طبيعي وسبق ان كانت حظوظه قوية.
وبعد ترشيح فرنجية، حصل خلط للاوراق، فلم يعد «الفريق السيادي»، واحد اطرافه رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط متمسكا بانتخاب النائب ميشال معوض، وذهب الى الخيار الثالث وسمى كلا من: جهاد ازعور وصلاح حنين وقائد الجيش العماد جوزف عون، ثم اوقف ما يمكن تسميتها «مبادرته»، لانه لم يلق التجاوب معها لا سيما من «الثنائي الشيعي» الذي تمسك بفرنجية، حيث تشير مصادر متابعة للملف الرئاسي، الى ان الحوار المطروح، لا سيما من بري وحزب الله حول عدد الاصوات التي يؤمنها المرشحون، ولن يملك الاكثرية العددية فينسحب له آخرون اذا لم تتوافر الحظوظ لهم لاتمام الاستحقاق الرئاسي، في وقت يحاول «المعارضون» من «قوات لبنانية» و»كتائب» ونواب «تغييريين» ان يتوحدوا حول اسم مرشح فلم ينجحوا بعد، وكذلك تقوم مساع بين «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» لتعطيل الاستحقاق الرئاسي، في ظل استمرار ترشيح فرنجية من قبل «امل» و حزب الله، حيث لم تصل الاتصالات بين نواب من الطرفين المسيحيين الى توافق، لان الثقة معدومة من قبل «القوات» ب «الوطني الحر» ورئيسه جبران باسيل، بعد تجربة «اتفاق معراب» الذي سهّل «التسوية الرئاسية» بانتخاب عون رئيسا للجمهورية، ولن تكرر «القوات الخدعة العونية – الباسيلية مرتين».
فتاريخ 15 حزيران المقبل، مفصلي في انتخابات رئاسة الجمهورية مع ضيق الوقت، في ظل استحقاقات مقبلة، لا سيما انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في تموز المقبل، ورفض اي طرف سياسي تولي احد من نواب الحاكم مهامه، وهو ما اكده بري مرارا، وهذا سيرتب تداعيات مالية على لبنان في ظل الانهيار الذي لحق بسعر صرف الليرة، وزعزعة القطاع المصرفي والازمة الاقتصادية.
واذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية، الذي تصر دول القرار والمؤثرة في لبنان عليه، فان زوار عين التينة ينقلون عن بري تشاؤمه حيال المرحلة المقبلة التي تنتظر لبنان على كل الصعد، حيث تنشط الاتصالات الدولية والاقليمية وتشجع على انجاز الاستحقاق الرئاسي، حيث جرى تبليغ الاطراف السياسيين، ومن يديرون لعبة انتخاب رئيس الجمهورية، بان الوقت ليس لمصلحتهم والكرة في ملعبهم، وعليهم ان يستفيدوا من اللحظة الاقليمية لا سيما الاتفاق السعودي – الايراني، واستعادة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية ومباشرة انخراطها في اعمالها، اذ ان هذين العاملين لهما تأثير ايجابي، وعلى اللبنانيين ان يستغلوا هذه الفرصة الذهبية وانتخاب رئيس للجمهورية، والا فان العقوبات ستفرض على مسؤولين لبنانيين.
كمال ذبيان- الديار