هل يحدث معركة «كسر عضم» داخل البرلمان؟
على الرغم من الدعوات المتكررة التي توجهت فيها قوى الثامن من آذار إلى الفريق الآخر، من أجل الاتفاق على مرشح واحد، تمهيداً للنزول إلى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، قد يكون من الصعب توقع حصول مثل هذا السيناريو في الوقت الراهن على الأقل، نظراً إلى أن ليس هناك من بين الأفرقاء الأساسيين في المجلس النيابي، مَن هو مستعد لفتح الباب أمام وصول مرشح الفريق الآخر من دون ثمن سياسي باهظ.
في هذا السياق، يمكن الحديث عن أن قوى الثامن من آذار تمتلك ورقتين أساسيتين: الأولى هي ورقة الدعوة إلى الجلسة، على إعتبار أنه لا يمكن أن تنعقد من دون أن يقدم رئيس المجلس النيابي نبيه بري على الدعوة لها، أما الثانية فهي ورقة النصاب، نظراً إلى أن هذا الفريق يستطيع أن يمنع انتخاب أي شخصية لا تحظى بموافقته، كذلك هناك ورقة ثالثة أقل قوة هي ورقة المرشح المتفق عليه، إذ لا يواجه سليمان فرنجية مرشح آخر متفق عليه بين قوى نيابية أخرى، بينما القوى المعارضة تمتلك حالياً ورقة واحدة هي ورقة النصاب، وتسعى الى ان تمتلك ورقة أكثر قوة هي ورقة التوافق على المرشح، ما سيشكل مفاجأة للفريق الآخر، قد تدفعه الى اعادة حساباته بخصوص الدعوة لجلسة انتخابية.
اليوم، هناك ضغط حقيقي خارجي يُمارس على النواب، وتحديداً النواب المعارضين، من أجل الاتفاق على مرشح والنزول الى المجلس النيابي لمنافسة مرشح الفريق الآخر سليمان فرنجية، وبحسب مصادر سياسية مطّلعة، فإن هذا الضغط لن يبقى في إطار الكلام بل قد ينتقل الى الافعال بحال لم تتم الاستجابة له، فالخارج يريد انتخاب الرئيس قبل نهاية شهر حزيران، وهو لم يعد يجد حلاً أفضل من المنافسة داخل الجلسة الانتخابية، لأنها الفرصة الوحيدة التي تُتيح للجميع النزول من على شجرة المواقف العالية.
لكن هذا السيناريو يطرح سؤالاً أساسياً، انه في حال نجحت المعارضة والقوى المسيحية بالاتفاق على اسم مرشح، هل فعلا سيتم الاحتكام للانتخابات دون معرفة مسبقة بنتائجها؟ وهو أمر بحال تحقق سيكون يحصل للمرة الأولى في عمر لبنان بعد اتفاق الطائف، وبكل تأكيد سيكون تغييراً جذرياً في آليات الحكم فيه. وهل يمكن أن يقبل حزب الله التوجه الى معركة انتخابية غير محسومة مسبقاً؟
طوال الأشهر الماضية، كان حزب الله يتحدث عن ضمانات يريدها في الرئيس المقبل، وبالتالي من غير الممكن اليوم أن يتراجع عن هذا الأمر، من أجل التسليم بنتائج إنتخابات لا يعرفها مسبقاً، ما يعني أن الأمور ستبقى على حالها بإنتظار الوصول إلى تسوية ما، بينما أي جلسة قد تعقد سيكون الهدف منها إستعراض القوة من قبل جميع الأفرقاء، وتُشير المصادر إلى أن حزب الله يُدرك أن اللعبة الرئاسية في لبنان لا تجري من خلال منافسة انتخابية، وبالتالي عندما تحصل انتخابات داخل الجلسة ستكون نتيجتها مرسومة.
وتؤكد المصادر السياسية أن الصندوق سيكون إخراجاً للتسوية الرئاسية لا صانعاً للرئيس، فبعد أن بلغت المواقف سقوفاً مرتفعة جدا بخصوص النصاب والحضور والدعم، لا بد من حل يُتيح المشاركة بالجلسة، وما من حل أفضل من تصوير الانتخابات الرئاسية تنافسية، مشددة على أنه من الصعب جداً، لا من المستحيل، أن يرضى حزب الله بخسارة مرشحه الى الرئاسة داخل المجلس النيابي، وهنا تعود المصادر بالذاكرة الى تصريح للنائب علي حسن خليل، الذي قال : «أن الثنائي لن يتبنى مرشحاً بحال لم يكن مؤمناً بوصوله الى رئاسة الجمهورية».
محمد علوش- الديار