سيناريوهان لشهر حزيران المقبل… وإلاّ!
يجزم الكثيرون بأنّ انتخاب رئيس جمهورية لبنان سيحصل قبل انتهاء حاكمية مصرف لبنان في أول تموز المقبل، خشية أن يُصبح أمام فراغين كبيرين يؤثّران سلباً أكثر فأكثر على الأزمة الإقتصادية والمالية والمعيشية غير المسبوقة التي يعاني منها البلد. وصحيح بأنّ المشاورات تجري على قدم وساق في الداخل بين جميع الأطراف السياسية، غير أنّ التوافق على إسم الرئيس لم يتمّ بعد، ولا على إسم مرشّح المعارضة ليُنافس به مرشح «الثنائي الشيعي».. فما الذي ينتظر لبنان خلال الفترة المقبلة التي يجري التأكيد أنّ رئيس الجمهورية سيُنتخب خلالها، وتحديداً قبل نهاية حزيران المقبل؟
تقول مصادر سياسية مطّلعة بأنّ الوضع الراهن بات بين فريقين سياسيين متنازعين، فقد حاول نوّاب «التغيير» تشكيل جبهة ثالثة بينهما غير أنّها لم تُفلح، لهذا قرّرت الإصطفاف الى جانب المعارضة. ولبنان وصل الى مرحلة يتجه فيها الى انتخاب رئيس جمهورية البلاد قبل انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 1 تموز المقبل، ويفرض الأمر الواقع حالياً أنّ لبنان ذاهب نحو أحد السيناريوهين في حزيران المقبل، وهما:
1- التوصّل الى اتفاق على مرشح توافقي أو وسطي يجمع كلّ المكوّنات السياسية في البلد، ويكون على مسافة واحدة من كلّ منها، وقادر على التعاطي مع الجميع على كلّ العناوين والملفات.
2- في حال لم تتمكّن المبادرات الداخلية التي تجري على الساحة الداخلية، فسيضطر الجميع الذهاب الى جلسة انتخاب الرئيس بمرشّحين، ولينجح من ينجح منهما.
وأكّدت المصادر بأنّ المرحلة الراهنة التي تشهد إنفراجات وتسويات إقليمية بين دول المنطقة، تفرض على اللبنانيين الذهاب الى الإتفاق على مرشّح غير طائفي وغير محسوب على أي من الفريقين السياسيين، ويكون قادراً على جمع الجميع الى طاولة الحوار بعد انتخابه، وعلى التواصل مع الدول العربية والغربية. لهذا فالخيار الأفضل هو خيار الإتفاق على إسم الرئيس، على ما تنصح دول الخارج، لا سيما الدول الخمس التي تجتمع لبحث الملف اللبناني أي كلّاً من أميركا وفرنسا والسعودية وقطر ومصر. فالتوافق سيؤدّي الى تعزيز الوضع الإقتصادي في البلاد خلال المرحلة المقبلة من عمر المنطقة المتجهة نحو التطوّر، فيما عدم الوصول اليه سيقود لبنان الى المزيد من الأزمات، دون إيجاد حلول لها.
أمّا سيناريو التنافس، فهو خيار ديموقراطي أيضاً، على ما أوضحت المصادر نفسها، وقد سبق وأن شهده مجلس النوّاب، وأدّى الى فوز أحد المرشّحين على صوت واحد. وقد يذهب المجلس عندها الى انتخاب مرشّح واحد في الدورة الأولى، فيما يتنافس مرشّحان (أي سليمان فرنجية وجهاد أزعور) على منصب الرئاسة في الدورة الثانية. علماً بأنّ لائحة أسماء المرشّحين لا تزال مفتوحة وتضمّ مرشحين كُثر، وتتمّ جوجلة مواصفات كلّ منهم من قبل الكتل النيابية.
وتقول المصادر بأنّ الوقت لا يزال سانحاً للتوصّل الى اختيار رئيس توافقي، ولهذا تتمّ جوجلة الأسماء لمعرفة أي منها تكمن فيه المواصفات التي يجب أن تتوافر في الرئيس، الذي بإمكانه قيادة البلد في المرحلة المقبلة الى التطوّر والنمو والإزدهار وليس العكس.
فدول المنطقة والخارج أكّدت عدم وضعها «الفيتو» على إسم أي مرشّح، وإن كان كلّ منها يُفضّل مرشّح على آخر. غير أنّها لا تتدخّل بالأسماء، أو بفرض إسم هذا المرشّح أو ذاك، بل تترك هذه المهمّة للنوّاب في البرلمان الجديد، الذي انتخبه الشعب بعد انتفاضة 17 تشرين الأول من العام 2019.
بناء عليه، تنتظر دول الخارج توافق اللبنانيين لكي تتعامل مع نتائج الإنتخابات الرئاسية، وليس مع من ينتج عنها. وهذا يعني بأنّ مواقفها ستُقرّر لاحقاً بناء على أفعال الرئيس الذي سيتمّ انتخابه من قبل الكتل النيابية، وليس على شخصه. وستتخذ مواقفها منه وفقاً لمصالحها في لبنان والمنطقة. ومع حصول التسوية في المنطقة بين السعودية وإيران، وبين بعض الدول العربية وسوريا، لا بدّ لرئيس الجمهورية المقبل أن يتوافق مع العرب لحلّ بعض أزمات بلاده، لا سيما أزمة النازحين السوريين، كما لحصوله على دعم الدول العربية ولا سيما الخليجية منها، التي ستستثمر في قطاع النفط، وخصوصاً قطر التي انضمت الى «كونسورتيوم» الشركات عن طريق «قطر إنرجي».
من هنا، اعتبرت المصادر عينها بأنّ دول الخارج من خلال رفعها «الفيتو» عن إسم أي من المرشّحين، تقوم بتسهيل المهمّة على النوّاب اللبنانيين وليس العكس، من أجل التوصّل الى اتفاق يرضي جميع الأطراف بالحدّ الأدنى، ويحافظ بالتالي على وجود لبنان كبلد استراتيجي في الشرق الأوسط، كما على مصالح اللبنانيين في لبنان، والعاملين في بعض دول المنطقة. ومن هنا، يجري الحديث عن قرب التوافق على إسم الرئيس، لأنّ عدا ذلك قد يأخذ لبنان الى المجهول، لا سيما إذا دخل في فراغين: رئاسي وعلى مستوى حاكمية مصرف لبنان ، دون التوصّل الى انتخاب رئيس في حزيران المقبل.
دوللي بشعلاني- الديار