فرنجية وضعه على المحكّ ورسائل دبلوماسيّة للمعارضة: سمّوا مرشحكم وإلّا!
عبثاً تحاول المعارضة بالاتفاق مع بعض التغييريين التوافق على اسم مرشّح في مواجهة مرشّح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية. تعقد اجتماعات متكرّرة لمحاولة التقريب بين وجهات النظر، وإلى اليوم لم يتصاعد الدخان الأبيض. صارت المعارضة محرجة دولياً، وقد تلقّت رسائل مباشرة وعبر قنوات دبلوماسية أنّ الاستحقاق الرئاسي مع دخول الشغور شهره الثامن يجب أن يشهد خطوات جديدة وأن تسمّي المعارضة مرشّحها الرئاسي. ويمكن وضع مثل هذه الرسائل في معرض الضغط فوق العادة وصولاً إلى التلويح بعقوبات تستهدف المعطّلين من أيّ جهة كانوا. صار فشل نواب المعارضة والتغييريين في الاتفاق على مرشّح نقطة قوّة لفرنجية وفرصته الوحيدة رئاسياً.
الثلاثي البديل عن فرنجية
في المدى المنظور ما يزال الحديث رئاسياً يدور في فلك الوزير السابق جهاد أزعور والنائب السابق صلاح حنين وثالثهما مرشّح الاحتياط قائد الجيش جوزف عون الذي لم يُسحب اسمه بعد من السباق الرئاسي.
صار أزعور المرشّح الذي لا يعترض عليه رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع شرط أن يكون ترشيحه موحِّداً للمعارضة ليتقدّم موقفه خطوة إلى الأمام لأنّ أزعور لم يكن مرشّحه عندما كان مطروحاً من قبل باسيل. الكلّ يتحدّث عن أزعور، لكنّ أحداً لم يفاتحه بالترشيح بعد. هذا ويؤكّد مقرّبون منه رفضه أن يكون مرشّح مواجهة، خاصة أنّ حزب الله مصرّ على فرنجية ويعارض ترشيح أزعور.
خلف الكواليس يتراجع الرهان على معاودة التواصل بين جعجع ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل لأسباب عدّة يفصّلها المقرّبون على الشكل التالي:
1- انعدام الثقة بين الطرفين.
2- عدم ذهاب باسيل حتى إشعار آخر بعيداً عن حزب الله، وإن أُقفل باب الحوار بينهما فالنوافذ ما تزال مشرّعة للحديث.
3- على الرغم من معارضة باسيل وكتلته لترشيح فرنجية، إلا أنّهما لم يسمِّيا ولم يتبنَّيا حتى اليوم مرشّحاً رئاسياً آخر، وحالهما في ذلك كحال المعارضة من حيث الاعتراض بلا طرحٍ لبديل. سبق لباسيل أن طرح اسمَيْ كلّ من أزعور والوزير السابق زياد بارود على سبيل جسّ النبض من دون أن يتّخذ قراراً بشأن أيّ منهما أو يعلن تيّاره تبنّي ترشيح أحدهما، بما يثبت أنّه لن يتفرّد بإعلان اسم أيّ مرشّح لتجنّب ما يترتّب على خطوة كهذه من نتائج مع حزب الله. وحتى لو أطلق باسيل الحرّية لنواب تكتّله في اتّخاذ الموقف الذي يرونه مناسباً فإنّ ذلك لا يعني أن يكون فرنجية خيارهم البديل.
رهانات الثنائي الشيعي
من جهته ما يزال الثنائي يكثر رهاناته مرّة على تفاهم جديد مع باسيل ومرّات على مرونة من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط تؤمّن حضور نواب تكتّل اللقاء الديمقراطي الجلسة بلا انتخاب. غير أنّ جنبلاط وفق ما بات مؤكّداً للثنائي “قلّد نجله تيمور الحجّة والزيارة” في ما يتّصل باسم الرئيس وتأمين نصاب جلسة الانتخاب.
التعويل الآخر للثنائي سيكون على النواب السُّنّة، وعلى وجه الخصوص “تكتّل الاعتدال الوطني” ومعهم نائبا التكتّل النيابي المستقلّ والنواب إيهاب مطر وكريم كبارة ومحمد يحيا. وهؤلاء اجتمعوا الأسبوع الماضي مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وكان الملف الرئاسي حاضراً في النقاش ولو أوحى بعض الحضور بأنّ بحثه جاء على هامش نقاشات المجتمعين. وهو الاجتماع الذي دعا إليه ميقاتي بعد الاتصال الذي تلقاه من الرئيس سعد الحريري وقام ميقاتي لاحقاً بنفي حصول الاتصال..!
جزم السفير السعودي وليد بخاري للنواب السُّنّة الذين التقاهم أنّ المملكة لن تسمّي مرشّحاً وستحكم على أيّ رئيس يُنتخب من خلال نتائج عمله. هذا الكلام قوّمه الثنائي إيجاباً وفسّره إطلاق يد للنواب السُّنّة لانتخاب فرنجية إن أرادوا ذلك. علاوة على ذلك شكّل نواب الطاشناق عنصر اطمئنان إضافي للثنائي لأنّهم يتماهون مع الثنائي ويسبحون في فلك مرشّحه.
في عملية خلط الأوراق وتضعضع الأصوات يتحوّل باسيل وتكتّله النيابي إلى بيضة قبّان. حتى اليوم يتمسّك برفضه ترشيح فرنجية وقائد الجيش، لكنّه بالمقابل لا يريد تسمية مرشّح كي لا يرفع منسوب التوتّر مع حزب الله، فهل يمكن أن يؤمّن نصاب الجلسة بلا انتخاب؟
في الثنائي من يعوّل على تضعضع نواب تكتّل لبنان القوي، لكنّ مثل هذا الاحتمال غير وارد وضعيف لأنّ أيّ خلاف داخل التكتّل لن يدفع نوابه أو عدداً منهم إلى خيار فرنجية لأنّهم جميعاً مقتنعون بعدم جدوى القطيعة نهائياً مع حزب الله.
ليست الصورة واضحة حتى الآن للثنائي نفسه ولحزب الله على وجه الخصوص. يستكمل كلّ طرف مروحة اتصالاته ويعيد حساباته ويصطدم بعراقيل جديدة. لغاية اليوم لم يبلغ الثنائي 65 صوتاً. المشكلة هي في تأمين النصاب لجلسة الانتخاب وليس في الأصوات التي سيُنتخب بها الرئيس. مثل هذا الواقع يثير قلق فرنجية الذي لم تحمل له زيارته لبخاري بوادر طمأنة، فبقي قلقه على حاله، خاصة أنّ بخاري مستمرّ في لقاءاته التي لن تستثني أحداً، وهذا مسار يثبت عدم انحياز المملكة لأيّ طرف.
العقدة المسيحية
إذا كانت الرهانات على أن يشهد شهر حزيران المقبل بوادر حلحلة رئاسية بسبب ما سيحمل من استحقاقات مهمّة، فإنّ حزب الله بات على قناعة أنّ أبرز العقبات أمام انتخاب الرئيس هي عند المسيحيين لعدم قدرتهم على الاتفاق على اسم المرشّح. ولذا من المبكر الحديث عن انتخاب وشيك لرئيس جديد للجمهورية، خاصة أنّه لم يعد بالإمكان الرهان على جهود الفرنسيين الذين تحمّسوا لفرنجية لولا أن أحرجتهم معارضة المسيحيين لترشيحه فبات من غير المؤكّد استمرار الفرنسيين على موقفهم أو التراجع عنه.
ينصبّ كلّ الاهتمام على ما سينبثق عن المعارضة بعد اجتماعاتها. ففي حال نجاحها في الاتفاق على اسم المرشّح فسيكون وضع فرنجية على المحكّ، وإلّا فلا رئيس ولا من يرأسون.
اساس