السعودي يردّ بالطريقة الإيرانية: حرب “الحلفاء” تندلع… من سينتصر في النهاية؟
لم يُحدّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي موعداً جديداً لجلسة إنتخاب رئيس للجمهورية في حين تبقى التوازنات على حالها، فليس هناك أي فريق قادر حتى الساعة على تأمين النصف زائداً واحداً لمرشحه، والأصعب هو امتلاك كل فريق سلاح تعطيل النصاب، لكن اتفاق المعارضة في ما بينها ومن ثم اتفاقها مع «التيار الوطني الحر» قد يقلب المعادلة.
لم تلفح رياح التسوية الجديدة بين المملكة العربية السعودية وإيران الملف الرئاسي، وبقي هذا الملف عالقاً في عنق الأزمات المتلاحقة، ولا يبدو أن هناك أملاً بالحل قبل ولوج تسوية على صعيد المنطقة أو أقله إتفاق الأغلبية المسيحية على اسم واحد.
وبات «الثنائي الشيعي» على قناعة باستحالة تمرير مرشّحه رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية من دون رضى كتلة مسيحية وازنة ووجود دعم إقليمي من الرياض أو أقلّه عدم معارضة، وهذا الأمر وضع رئيس مجلس النواب نبيه برّي في موقع الضعيف وغير القادر على التحكّم باللعبة مثلما درجت العادة بعد «اتفاق الطائف».
وبعد فشل المبادرة الفرنسية ودخول إدارة الإليزيه مرحلة الإحباط وعدم القدرة على تغيير الصورة، يتحرّك السعودي والإيراني كل على طريقته من أجل صون الإتفاق الأخير الذي حصل بينهما.
وانطلاقاً من هذا المعطى الجديد، يبدو لبنان تفصيلاً في الملفات الكبرى على الأجندة السعودية – الإيرانية، ولكن من ناحية ثانية، شكّل هذا الإتفاق شبكة أمان موقتة، إذ إن الرياض وطهران لا ترغبان في تحويل لبنان أرض مواجهة جديدة بينهما، إنما سيشمله الإتفاق أو سيتأثر به إيجاباً ولو بعد حين. ومن يراقب المسار الذي تسلكه الأمور، يكتشف كيف تتصرّف الدبلوماسية السعودية والطريقة الهادئة التي تدير بها ملفات المنطقة ومن ضمنها لبنان.
وكانت لافتة زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت لوضع الحلفاء في صورة تطوّر الأمور، ومن ثمّ عاد السفير السعودي وليد البخاري إلى بيروت، وعندما سُئل عبد اللهيان عن الملف الرئاسي كان جوابه بأن هذا الموضوع شأن لبناني داخلي والحلفاء هم من يقرّرون فيه وإيران لن تضغط على حلفائها.
وفي حين كان ينتظر «حزب الله» وبري جواب المملكة على ضمانات فرنجية التي قدّمها الفرنسيون، جاء الردّ السعودي على الطريقة الإيرانية وهو أنّ الملف الرئاسي شأن لبناني داخلي ونحن لا نتدخّل أو نضغط على أحد وخصوصاً على الحلفاء ولن نؤيّد أي اسم أو نضع «فيتو» على أي مرشّح.
من ينتظر خروج السعودي بموقف مؤيد لفرنجية خاب ظنّه، ومن راهن على صلابة الموقف السعودي كسب الرهان، فالرياض وضعت هذا الملف عند حلفائها وخصوصاً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والأحزاب والشخصيات المعارضة وكتلة «الاعتدال الوطني» التي قال لها البخاري بصراحة: انتخبوا من تريدون لكن عليكم تحمل نتائج هذا الاختيار، فصحيح أنّ الرياض أعلنت عدم وضعها «فيتو» على أي مرشّح، لكن في الوقت نفسه يظهر موقفها متشدّداً، فمعروف موقف جعجع من ترشيح فرنجية أو أي شخصية من 8 آذار، وبالتالي تقع على «حزب الله» وبري مهمة شاقة وهي إقناع «القوات» و»الكتائب» و»تجدّد» و»الإشتراكي» والمستقلين والتغييرين بقبول مرشحهما وإنتخابه.
من هنا، يُمثّل وضع الرياض بعد طهران الكرة في ملعب «الحلفاء» مزيداً من التعقيد لأنه بات معروفاً التوازن الذي يحكم الساحة السياسية اللبنانية، فـ»حزب الله» 2023 هو غير «الحزب» منذ 2005 وحتى تاريخ اندلاع الثورة، خصوصاً وسط تأكيد المعارضة عدم ذهابها إلى تسوية تُعيد إنتاج سلطة «الحزب» وتمدّد سيطرته على لبنان وتقفل أبواب الخليج بوجه لبنان مجدداً.
يعرف حلفاء السعودية جيداً ماهية أي خطوة قد يقدمون عليها وردّة الفعل الداخلية الشعبية في حال أقدموا على انتخاب رئيس من 8 آذار، وتطمئن المعارضة إلى الوضع القائم بعد موقف الرياض، فحتى لو سار رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل بفرنجية فهناك عدم قدرة على تأمين النصاب، وبالتالي البحث أصبح في مكان آخر.
تحتاج المعارصة إلى جولات جديدة للاتفاق على مرشح مع ارتفاع حظوظ الوزير السابق جهاد أزعور خصوصاً اذا سار النائب جبران باسيل به، لكن الأمور تحتاج إلى مزيد من البحث وسط وجود ضغط دولي للإسراع بعملية الإنتخاب، وهنا يطرح سؤال كبير من سينتصر في النهاية، حلفاء طهران أو الرياض؟
الان سركيس- نداء الوطن