نصرالله ينطلق من لاءات ثلاث ويحسم الجدل: نائب “الحاكِم” “يَحكُم”!
حَسَمَ الأمين العامّ لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير الجدل حول الهامش المُعطى للحكومة في تعيين حاكم مصرف لبنان قبل انتهاء ولاية رياض سلامة نهاية تموز: “نحن لسنا مع التعيين، حكومة تصريف الأعمال لا تعيّن. لذلك عندما انتهت ولاية المدير العام للأمن العام لم نذهب إلى تعيين مدير عامّ جديد، مع العلم أنّه بحسب المحاصصة الطائفية في لبنان هذا موقع شيعي متقدّم ومُهِمّ”.
بعدما كشف موقع “أساس” عن قرار الثنائي الشيعي عدم تغطية جلسة تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، تفيد المعطيات بأنّ “الديل”، الذي استندت إليه حكومة نجيب ميقاتي بالاتفاق بين الأخير وبين الرئيس نبيه برّي وحزب الله ووليد جنبلاط و”المردة” بعد نهاية ولاية ميشال عون واعتبار الحكومة مستقيلة، ارتكز على بند أساس هو عدم إقرار الحكومة أيّ نوع من التعيينات.
يومها طُرِحت على النقاش، أي منذ أكثر من ستّة أشهر، فرضية الوصول إلى تاريخ إحالة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى التقاعد ونهاية ولاية الحاكم في تموز من دون انتخاب رئيس للجمهورية، وحصل تداول في الغرف المغلقة حول الاحتمالات المُمكِنة فتعدّدت الآراء، ومن ضمنها رأي ميقاتي في إمكان التمديد مجدّداً للحاكم في ظلّ رفض حاسم للحزب، في مقابل حماسة لدى حزب الله للتمديد لإبراهيم ورفض برّي وميقاتي للأمر.
كذلك حصل اتفاق ضمني مع قيادة الجيش حول تمرير الشغور في المجلس العسكري الذي فقد نصابه في 24 كانون الأول 2022، ثمّ أعطى ميقاتي في 9 كانون الثاني الماضي موافقته الاستثنائية لقائد الجيش بوصفه رئيس المجلس العسكري، ولِمن بقي من أعضائه الأصيلين، على تسيير أعمال المجلس إلى حين اكتمال التعيينات بالأصالة في المجلس العسكري.
بعدها أُحيل في شباط المدير العامّ للإدارة اللواء مالك شمص (شيعي) إلى التقاعد. بالنسبة للثنائي الشيعي لم يكن وارداً إبقاء هذا الموقع الأهمّ في هيكلية الجيش لدى الطائفة الشيعية خارج “مربّع المحاصصة” حيث وقّع وزير الدفاع موريس سليم على قرار الفصل الصادر عن قائد الجيش بتعيين العميد منير شحادة بالوكالة خلفاً لشمص.
لكنّ أهل القرار أجّلوا حَسم مسألتَيْ المديرية العامّة للأمن العامّ والحاكمية إلى أن يحين أوان الفراغ الأمني والمالي. سقط سيناريو التمديد للّواء إبراهيم في مجلس النواب وحيّد ميقاتي نفسه عن مخرج إبقاء إبراهيم في موقعه. وقد شكّل ذلك مؤشّراً إلى عدم دخول الحكومة مدار التعيين ولا التمديد لأيّ موظف أو ضابط.
ستنطبق المعادلة نفسها على أزمة الحاكم مع فوارق جوهرية بين “التعيينَيْن” أهمّها وقوف أحد طرفَيْ “الثنائي” صراحة بوجه التمديد لإبراهيم، واستُكمل الأمر بعد تسلّم العميد الياس البيسري المسؤولية عبر فتح أبواب عين التينة أسبوعياً للّواء “بالوكالة” وإجراء تشكيلات وترتيبات داخلية في المديرية تأخذ طابع تسجيل النقاط.
لكن للمرّة الأولى منذ بدء النقاش حول مرحلة ما بعد رياض سلامة في ظلّ الفراغ الرئاسي أوحى الأمين العام لحزب الله بأنّ الحلّ موجود منطلقاً من لاءات ثلاث: لا تعيين، لا تمديد لسلامة، لا هروب من المسؤولية. قال نصرالله حرفيّاً: “إذا كان يوجد مشاكل (حول البديل) فلنذهب ونبحث عن حلول لهذه المشاكل ضمن الصلاحيات الدستورية والقانونية، الكلّ يجب أن يتحمّل مسؤوليّته وأن لا يُغادر وأن لا يتخلّى عن مسؤوليّاته”.
يقول مصدر مطّلع لـ “أساس”: “قدّم نصرالله مقاربة شيعية مختلفة حول “خليفة” حاكم مصرف لبنان عن تلك التي دأب الرئيس برّي على الترويج الإعلامي لها في شأن رفضه تسلّم نائب الحاكم الأوّل صلاحيات الحاكم وصولاً إلى حدّ القول إنّه سيطلب منه الاستقالة متجاوزاً الحاجز القانوني الذي يُعالِج مسألة الفراغ في الحاكمية بتجيير صلاحيات الحاكم إلى نائبه الأول وسيم منصوري، وتصرّف برّي وكأنّ الأخير موظف في عين التينة أو شرطة مجلس النواب”.
يشير المصدر عينه إلى “احتمال وجود توزيع أدوار بين الطرفين. نبيه برّي يرفض وحزب الله “يطلب حلّ الإشكالية بتطبيق الصلاحيات الواردة في القانون” التي لا تعني سوى تولّي نائب الحاكم الصلاحيات إلى حين تعيين حاكم جديد. وقد كان كلامه معبّراً عن ضرورة أن يتحمّل الجميع مسؤوليّاته وأن لا يُغادر، في تلميح إلى احتمال تقديم وسيم منصوري استقالته”.
مع ذلك، يجزم مصدر مطّلع أنّ “هذا السيناريو لا يستقيم إلا بالتزامن مع دخول المدار الجدّيّ لانتخاب رئيس جمهورية، وعندها لا إشكالية في تولّي نائب الحاكم الأول صلاحيات الحاكم مع نصاب مكتمل لأعضاء المجلس المركزي إلى حين تكليف رئيس حكومة وتشكيل حكومة ومنحها الثقة، لكنّ تسلّم منصوري الصلاحيات وسط مرحلة تكريس الفراغ الرئاسي لن يكون بالأمر السهل”.
ملاك عقيل- اساس