الاثنان رابحان: «تكتيك» سياسي جديد بين جنبلاط وتيمور!
بعدما اتخذ رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، قراره بالاستدارة نحو الخط الوسطي في السياسة، بعد فترة طويلة من الدوران، أراد ان يختار تموضعاً لا يلومه عليه احد، خصوصاً انه بعد كل خضّة سياسية في لبنان، يقرّر دفن الماضي الى غير رجعة، وهذه المرة اعلن انه لن يغيّر مواقفه، انما سيراعي الظروف والمتغيرات الداخلية والاقليمية وحتى الدولية. ومنذ اتخاذه هذا الخط اعلن انه سيضع الطائفة الدرزية، ضمن سياسة جديدة منفتحة، بعيدة عن التقلبات التي برزت على مدى عقود من الزمن، بسبب سير اغلبيتها وراء خطه الحافل بالتغيرات السياسية. وبالتالي اراد خلق طرق جديدة سلمية للدروز، من خلال نجله النائب تيمور البعيد عن الزواريب الضيقة، التي اوصلتهم الى دروب وعرة في بعض الاحيان، مكرّراً دائماً أن الزمن الحالي يتطلب الوعي والادراك بشكل كبير، لان أي خطأ سياسي قد يوقع في الهلاك، لذا على البعض ان يجهد قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بالآخرين وبمصيرهم، مما يعني ان جنبلاط مبتعد منذ سنوات عن هفوات اللسان، التي استعان بها في بعض الاحيان، موجّهاً الحديث الى الخصوم، والتي ينصح تيمور دائماً بعدم السير بها لاحقاً، كيلا يقع في المطبّات السياسية التي رافقته سابقاً.
الى ذلك، يبدو ان رئيس» الاشتراكي» بات مؤمناً جداً بالتغييّر لكن على طريقته، وفي هذا الاطار قدّم النصائح لرفاقه «الاشتراكيين» بالانفتاح، واتخاذ المواقف النهائية، كي تتلاقى الكيمياء السياسية بسرعة بين الطقم «الاشتراكي» القديم والجديد، خصوصاً مع سياسة النائب وائل ابو فاعور، بالتزامن مع الظروف السياسية الدقيقة التي يمّر بها لبنان، والاتفاقات القائمة اليوم بين دول المنطقة، والتي تتطلب سياسياً قوياً متمرّساً في السياسة الصعبة، التي لطالما تميّز بها آل جنبلاط بدءاً بالراحل كمال جنبلاط وصولاً الى وريثه وليد، لكن اليوم وانطلاقاً من الوسطية التي يسير وليد جنبلاط على دربها، فهنالك ما يشبه الملحق الذي اراد خوضه جنبلاط الاب مع جنبلاط الابن، وضمن المثل الشائع» إجر بالبور وإجر بالفلاحة»، اي الاب يسير على الخط الوسطي، الذي لا «يزعّل» فيه الخط الممانع، والابن يتجه نحو درب المعارضة معلناً دعم مرشحها.
وفي هذا الاطار، اوضح رئيس «الاشتراكي» قبل ايام قليلة، وتحديداً من عين التينة أن لا خلاف مع نجله تيمور كما يردّد البعض، وقال: « لا أستطيع ان أتخذ أي موقف في ما يخص الاستحقاق الرئاسي والمرشح المدعوم من قبلنا، من دون التشاور مع رئيس «اللقاء الديموقراطي»، اذ في هذا الموضوع الحساس المستقبل له وليس لي».
في غضون ذلك، ثمة مراقبون يعتبرون انّ ما يجري هو لتنظيم التباين مع تيمور ليس اكثر، اذ لا يمكن لجنبلاط الخروج من المحيط العربي، وتحديداً من المملكة العربية السعودية، ووعده بالسير على خطها الداعم للمعارضة اللبنانية، وذكّر المراقبون بأنّ جنبلاط سبق ان اعلن « أننا خضنا تجربة رئيس من فريق 8 آذار هو ميشال عون، وكانت تجربة فاشلة»، ومعنى ذلك أنه سيترك الخيار لنواب «اللقاء الديموقراطي» بالاتفاق مع تيمور للبقاء ضمن الخطين، وبالتالي السعي الى انتخاب رئيس يحظى بموافقة داخلية وخارجية، واشاروا الى انّ تيمور يسارع على الفور حين يكون الخلاف السياسي قائماً مع والده، الى إعلان مواقف نارية معارضة، كما يزور بكركي للتأكيد على «الشراكة» الوطنية والمصالحة وطمأنة البطريرك الراعي، وهذا يعني انّ الاثنين رابحان ، وليد وتيمور جنبلاط، واذا خسر احدهما في خط الممانعة، لا بدّ من ان يربح الثاني في الخط المعارض، وهنا الذكاء السياسي، خصوصاً بعد إعطاء تيمور في العلن الدور والصلاحيات.
صونيا رزق- الديار