هكذا تخلى العرب عن لبنان منذ العام 2016…!
بعد الانفتاح العربي باتجاه دمشق، حقق النظام السوري مكسبا جديدا، دون ان يقدم ضمانات قابلة للتطبيق، بعد ما قررت جامعة الدول العربية، أمس الأحد، استعادة دمشق لمقعدها، حيث قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لوزراء الخارجية العرب، إن الرئيس السوري بشار الأسد “يمكنه المشاركة إذا ما رغب” في القمة العربية الثانية والثلاثين التي تعقد في جدة في 19 الجاري.
في المقابل لبنان -الذي يبدو انه ما زال على قارعة الانتظار- يتلقى “الضربات” منذ بدء الحرب في سوريا اكان لناحية الحصار والعقوبات المفروضة عليه وان بشكل غير علني على أعتبار ان “الاكثرية الحاكمة في لبنان” هي في صلب فريق الممانعة وعلى رأسه ايران وسوريا دون الاخذ بالاعتبار مواقف المكونات الأخرى، او لناحية النزوح السوري وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية على بلد يعاني اشكاليات كبيرة على هذه المستويات الثلاثة.
اما كل ما ناله، فهو ضمّه إلى لجنة اتّصال وزارية عربيّة لمتابعة تنفيذ بيان عمان في شأن حلّ الأزمة السوريّة، حيث في قرار مجلس الجامعة العربية: “تشكيل لجنة اتّصال وزارية مكوّنة من الأردن، السعودية، العراق، لبنان، مصر والأمين العام، لمتابعة تنفيذ بيان عمان، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السوريّة للتوصّل لحلّ شامل للأزمة السوريّة يعالج جميع تبعاتها، وفق منهجيّة الخطوة مقابل خطوة، وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وتقدم اللّجنة تقارير دوريّة لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري”.
فهل يمكن اعتبار هذا البيان عودة لبنان (الغائب والمغيب) الى الحضن العربي؟
اعتبر مصدر وزاري مطلع، عبر وكالة “أخبار اليوم” ان التخلي العربي الفعلي عن لبنان بدأ في شباط العام 2016، حين قررت السعودية إيقاف المساعدات التي كانت مقررة لتمويل الجيش اللبناني لشراء أسلحة من فرنسا بقيمة ثلاثة مليارات دولار اميركي، على خلفية “المواقف اللبنانية المناهضة” للمملكة، ثم تلتها خطوة اكثر تشددا خلال القمة العربية في العاصمة الموريتانية نواكشوط في تموز من العام نفسه، حين طرح في مسودة البيان الختامي بند يتعلق بالتضامن مع الشعب اللبناني، لكن الدول الخليجية تحفظت عليه ما عدا الكويت. وكان رد احد اعضاء الوفد اللبناني المشارك في القمة وقتذاك ان لبنان مريض يحتاج الى الفيتامينات ومقويات وليس الى العقوبات… ولكن لم يحصل اي تجاوب، وبالتالي يمكن القول انه منذ ذلك الحين إتُخذ المنحى بمعاقبة لبنان على خلفية ان حزب الله يمسك بالبلد ولكن ما حصل ان الشعب اللبناني ككل يعاقب.
ولفت المصدر ان العقاب لم يقتصر فقط على الجانب السياسي، بل تخطى ذلك الى المؤسسات الخيرية والاجتماعية التي اقفلت “حنفيات” تمويلها، وبذلك استطاع حزب الله ان يدخل بسهولة الى المكونات الاخرى، وتحديدا السٌّنية، من خلال قدرته على انفاق المال، وبالتالي نجح في خلق انصار له من خارج البيئة الشيعية في ظل تراجع الحضور العربي الذي ما زال قائما.
وبالعودة الى القرار المتخذ بالامس، رأى المصدر ان هناك من قلب الصفحة عن كل ما حصل في سوريا، بعدما سُحبت سوريا على مدى 12 عاما (اي حين تم تعليق عضويتها في الجامعة في تشرين الثاني من العام 2011) من الخريطة العربية واصبحت جزءا من الخريطة الايرانية والروسية، معتبرا ان هذا القرار يأتي ضمن التقارب الخليجي – الايراني بالدرجة الاولى قبل ان يكون تقاربا عربيا – سوريا، وخير دليل زيارة الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي الى دمشق الاسبوع الفائت اي قبل ايام من اجتماع وزراء الخارجية العرب، التي فسرّت رسالتها الى الرئيس بشار الاسد “بان ما يحصل هو انتصار لايران”.
ومتى يأتي دور لبنان؟ اجاب المصدر: اخذ لبنان كوحدة فقط دون النظر الى مكوناته، فعوقب بشكل تام، في حين كان الهدف معاقبة حزب الله الا ان النتائج السلبية اتت على خصوم الحزب وبالتالي ضعفت مناعة اللبنانيين واصبحوا بين الحين والآخر يخضعون لارادة او لشروط الحزب، وبالتالي هذا الواقع مستمر فلبنان ليس على رأس الاولويات، متوقفا في هذا الاطار عند جولة السفير السعودي على عدد من القيادات حيث اختصر عنوانها بشأن الملف اللبناني “المملكة لا تتدخل ولا فيتو على احد ودبروا امركم”، وفي المقابل “يتسلط حزب الله في تمسكه بترشيح فرنجية ما يعني ان هذا الملف ما زال عند حزب الله ولم تدخل اليه اي دولة اخرى، وبالتالي “تعالوا الى كلمة سواء” في الفترة الراهنة تعني انتخاب فرنجية.
وختم المصدر معتبرا ان اللبنانيين اخطأوا حين اعتبروا ان مفتاح الباب الكبير موجود فقط في طهران، اذ كان عليهم فتح الابواب الفرعية تباعا من خلال الانفتاح على كل العالم.
عمر الراسي