دمشق تخطف الأنظار والمشهدية بأكملها: سوريا IN “عربياً” هل يبقى لبنان OUT؟
خطفت سوريا الأنظار والمشهدية بأكملها بعدما استعادت مقعدها في جامعة الدول العربية بعد غياب دام 12 عاماً اثر إخلالها بتنفيذ بنود المبادرة العربية وتعايشها مع العقوبات التي صدرت بحق حكومتها. هذه العودة كانت قيد البحث ومتوقعة عقب التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة ونتيجة الاتفاق السعودي – الايراني، وبالتالي بات الاهتمام العربي كله منصباً على سوريا بحيث وضعت على سكة الحل والدعم والتواصل على الرغم من التجاوزات الماضية للنظام في دمشق، وبقي لبنان المعزول عربياً ينتظر توافقه الداخلي ليحل مشكلة الفراغ الرئاسي التي تداهمه منذ ستة أشهر، حتى أن أخبار عودة سوريا أنست القوى السياسية أننا بلا رئيس يمثلنا وأصبحنا معزولين وخارج الحسابات والاتفاقات الخارجية.
ووفق المعلومات، حصل التصويت بالإجماع على هذه العودة ولم يتفرد أي وزير خارجية بتصويته، ما يجعل سوريا تحسم مقعدها في القمة العربية المقبلة في الرياض والتي من الممكن أن يمثلها الرئيس بشار الأسد، بينما سيكون تمثيل لبنان برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وليس رئيس الجمهورية نتيجة حسابات القوى الداخلية الضيقة، واختلاف المسيحيين تحديداً في ما بينهم على شخصية الرئيس المناسب لقصر بعبدا.
ولمعرفة تفاصيل اجراءات هذه العودة، أشار وزير خارجية سابق عبر موقع “لبنان الكبير” إلى أن “إخراج سوريا من جامعة الدول العربية من دون إجماع الدول وبمن فيها سوريا، كان في الأصل بمثابة قرار غريب ومستهجن نوعاً ما، لأن ميثاق الجامعة مبني على مبدأ الاجماع وليس الأكثرية في إتخاذ القرارات الأساسية، وخروجها من حيث الشكل كانت فيه تفسيرات معينة لأنه كان بقرار غير اجماعي”، موضحاً أن “الأوضاع عادت الى مجراها الطبيعي اليوم نتيجة التوافق الأخير في المنطقة، وهذا القرار بمثابة قرار تحضيري بحيث اجتمعت الدول الفاعلة في جامعة الدول العربية والتي تشكل الأكثرية الساحقة، وستعرض هذا التوافق على الجامعة وسيطرح في مؤتمر الجمعية العمومية التي من المفترض أن تجتمع وتعلن عودة سوريا النهائية اليها”.
وأكد الوزير السابق أن “هذه العودة تحتاج الى اجتماع للجامعة بحيث من الممكن أن يصار إلى الدعوة لجلسة طارئة خلال الأسبوعين المقبلين، أو بالامكان إنتظار الدورة العادية التي ستعقد في شهر أيلول المقبل ويعلن عن عودتها، وبالتالي أصبح مقعد سوريا في القمة العربية محسوماً”.
وأعربت مصادر نيابية عن أملها في التقارب العربي – العربي الذي يحدث أخيراً، بحيث سينعكس الاستقرار في المرحلة المقبلة على شعوب المنطقة وسيقرب وجهات النظر ويطرح المزيد من الحلول الخيّرة على الجميع.
واثر هذه العودة، علّق رئيس مجلس النواب نبيه بري قائلاً: “وإن تأخر هذا القرار لسنوات لكنه خطوة في الاتجاه الصحيح وفي إتجاه العودة الى الصواب العربي، الذي لا يمكن أن يستقيم الا بوحدة الصف والكلمة”. وأضاف: “بعودة سوريا الى العرب وعودة العرب اليها بارقة أمل لقيامة جديدة للعمل العربي المشترك”.
وكان لغالبية القوى السياسية رأيها من هذه العودة، بحيث اعتبر رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط أن “سوريا عادت أو النظام السوري عاد”، واعداً بعد اجتماعه إلى الرئيس بري في عين التينة، بتقديم موقف رسمي للحزب خلال الأسبوع المقبل. اما رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع فقال: “اذا كان للباطل جولة ولو ورقية نظرية، فسيكون للحق ألف جولة وجولة، ولكن حقيقية”.
وشددت مصادر نيابية قواتية لموقع “لبنان الكبير” على أن “الشق الأهم من هذه العودة هو أن تتضمن بنوداً ملزمة وموقعة من الرئيس السوري بشار الأسد تحت طائلة المسؤولية متعهداً باعادة كل اللاجئين الموجودين في لبنان الى سوريا، ويتوجب على من أعاد سوريا الى الحضن العربي أن يحرص على أخذ إلتزامات ووعود مكتوبة وملزمة من نظام الأسد، ومنها أن يعيد الديموقراطية الى سوريا في أسرع وقت ممكن، وأن لا تكون هذه العودة مقتصرة على آل الأسد لأنها خطرة جداً. كما لا يجب أن تعفو هذه الدول عن جرائم نظام الأسد غير الانسانية التي ارتكبها بحق شعبه ولا يزال حتى هذه اللحظة، والا ستكون عودة فلكلورية يستفيد منها الرئيس السوري ولا تستفاد منها الجامعة العربية أو الشعب السوري”.
وحول إلتزام الرئيس الأسد ببنود المبادرة العربية، قالت هذه المصادر: “من تجاربنا السابقة معه تاريخياً لن يلتزم بالبنود، ففي العام 1976 تم تكليفه أن يكون عبر جيشه جزءاً من قوات الردع العربية واذ به يعتدي على كل القوات العربية الموجودة فخرجت وبقيت القوات السورية وحدها. وفي التسعينيات كلف حافظ الأسد الاشراف على تطبيق اتفاق الطائف واذ به يخطف الطائف ويدمره. وبالتالي فإن آل الأسد غير مشهورين بالتزاماتهم وحالهم مماثل للحال الايراني الذي من الممكن أن لا يلتزم بالاتفاق السعودي – الايراني الأخير لأنهم لا يشرفون تواقيعهم”.
ولفتت مصادر “التيار الوطني الحر” الى أن “هذه العودة متوقعة وأتت في سياق كل التحولات الاقليمية التي نشهدها، هناك مرحلة جديدة في الشرق الأوسط تقودها المملكة العربية السعودية وهذه من ضمن مندرجاتها”، فيما فضل حزب “الكتائب اللبنانية” الرأي القائل بعدم التسرع في اعلان موقفه من هذه العودة.
وفي عظة ألقاها خلال ترؤسه القداس الالهي بمناسبة عيد سيدة لبنان، في حريصا، تطرق البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الى الأزمتين اللتين يواجههما لبنان، “الأولى الفراغ الرئاسي، الذي يشلّ المؤسسات الدستورية ويضع البلاد في حال تفكك وفوضى وارتفاع حالات الفقر”، والثانية “تنامي عدد النازحين السوريين في لبنان الذي بات يشكل عبئاً ثقيلاً علينا، ونأمل خيراً من اللجنة الحكومية التي تكوّنت وبدأت العمل على حل هذه الأزمة”، طالباً من مفوضية اللاجئين “أن تتعاون مع هذه اللجنة وتقديم ما يلزم من معلومات”. وتوجه الى المجتمع الدولي بالقول: “قدّموا للنازحين السوريين المساعدات على أراضيهم”.
لبنان الكبير