السعودية خارج مصيدة التسوية الموهومة… وبري يفقد “أرنبا”!
في الترجمة العملية لجولة السفير السعودي وليد البخاري، أنّ بعض أحلام رعاة ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية تبخّرت، وانخفض منسوب الكلام التفاؤلي، إلى مرتبة تقتصر على أنّه لا فيتو سعودياً على فرنجية، من دون التجرؤ على ادّعاء وجود انخراط في تسوية انتخابه.
أول الذين عقلنوا خطابهم وأهمهم، رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي تعمّد طوال الأيام الماضية أن يثير غباراً كثيفاً حول الموقف السعودي، لكنه لم ينجح إلا جزئياً، لتأتي عودة السفير البخاري وتُجهز على هذا الغبار، بمواقف لا لبس فيها. قال البخاري من عين التينة، إنّ المملكة تشجّع انتخاب رئيس للجمهورية وترفض الفراغ، وهذا كلام مبدئي لا يمكن للسحرة، أن يحوّلوه إلى مواقف مؤيّدة لفرنجية، وقال البخاري كلاماً إضافياً لا يمكن أن يُفهم منه وجود أي تأييد لفرنجية. وبهذا اختتم الرئيس بري رحلة الرقص على حبال الملف الرئاسي، وانتهت لعبة جرّ المملكة إلى تأييد مرشح الممانعة، وبات على إدارة ماكرون أن تقرر ما إذا كانت ستستمر في دعمها التسوية الموهومة، أم أنّها ستعيد تصويب بوصلتها إلى ما يقترب من الموقف السليم الذي لا يغرق في وهم نجح «حزب الله» مراراً في الباسه لباس التسوية.
لقد بات من المؤكد أنّ الموقف السعودي الذي عبّر عنه سفير المملكة في بيروت، ينطلق من ثوابت لن تتغير، يمكن اختصارها بالآتي:
أولاً: لن تتحمل السعودية مسؤولية يُراد إلصاقها بها، وهي مسؤولية إصدار الفيتوات وتعطيل إجراء الاستحقاق الرئاسي، فلسان حالها يقول لفرنسا ولمن كلّفها بتبني مبادرتها، أنّها غير معنية بأي تغطية لمرشح لا ثقة بقدرته على القيام بالإصلاح الجذري الهادف لاستعادة مقومات الدولة اللبنانية وسيادتها، ومكافحة الفساد.
ثانياً: تبعاً للعامل الأول، يمكن لفرنسا أن تدفع لانتخاب فرنجية، لكن عليها أن لا تتوقع أي مساعدة عربية للبنان، إذا استمر حكم المنظومة المدعومة من «حزب الله». وعليها أيضاً أن تتحمل مسؤولية خيارها بنفسها، كما أنّه على من ينادون المملكة من فريق الممانعة، بأن تدعم هذا الانتخاب، أن يعرفوا أنّ السعودية لا تدخل في تسويات غير مفهومة أو متوقعة نتائجها السلبية، بل تعمل وفق معادلة تضع فيها مواصفات للتسوية، وبالتالي للرئيس، وهذه المواصفات وضعت منذ وقت بعيد، ولم توضع كي تتغيّر بين ليلة فرنسية وأخرى.
ثالثاً: عندما تتعمد الدوائر السعودية القول، أو أن توحي إنّ الكتل البرلمانية اللبنانية، هي من تختار رئيس الجمهورية، فهي تقول إنّها لن تبذل أي جهد لإقناع أصدقائها بانتخاب فرنجية، وهذا يعني أنّها أكثر من أن تكون مجرد متحفّظة على هذا الانتخاب، وهي تقول أيضاً إنّها لن تتحمل مسؤولية تقديم الغطاء، لسنوات ست إضافية من الانهيار.
عملياً باتت السعودية خارج مصيدة التسوية الموهومة، وقالت من دون أن تعلن إنّها ترفض خيار فرنجية، ونزعت عن نفسها صفة من يُشهر سلاح الفيتو، الذي قد يفسر تعطيلاً للانتخابات الرئاسية. أمّا أولى الضحايا، فهي مناورة الرئيس بري، الذي فقد أرنباً إضافياً، فبهت لون السحر أكثر فأكثر.
اسعد بشاره- نداء الةطن