ماذا وراء حراك السفيرة الأميركية في لبنان؟
اشارت صحيفة “الشرق الأوسط” الى ان جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية تأتي في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع تموز المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ.
وعلمت “الشرق الأوسط” من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال على القيادات السياسية الاتفاق على صيغة لملء الفراغ المترتب على انتهاء ولاية سلامة.
وكشفت المصادر أن البحث لملء الفراغ في حاكمية مصرف لبنان يتمحور حول صيغتين لا ثالث لهما نظراً لوجود مشكلة تمنع التمديد لسلامة لولاية جديدة تنتهي فور انتخاب رئيس للجمهورية، الأولى تنص على أن يتولى نائبه الأول وسيم منصوري المهام الموكلة إلى حاكم مصرف لبنان، فيما تترك الصيغة الثانية لمجلس الوزراء مجتمعاً تعيين حاكم أصيل لمصرف لبنان.
وأكدت المصادر أن تسلم منصوري المنصب لا يلقى حتى الساعة تجاوباً من قبل الثنائي الشيعي، وتحديداً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، مع أن القانون لا يمنعه من أن ينوب عن سلامة إلى حين تعيين حاكم أصيل لمصرف لبنان. ورأت أن الثنائي الشيعي ينطلق، في عدم تحبيذه لتولي منصوري، من قطع الطريق على ردود الفعل التي تتهمه بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية إفساحاً في المجال أمام تكليف شيعي ليخلف بالوكالة سلامة في منصبه، وقالت إنه لا شيء يمنعه من تكليفه، خصوصاً أن التكليف انسحب على المديرية العامة للأمن العام بتعيين العميد إلياس البيسري مديراً عاماً بالوكالة إثر إحالة اللواء عباس إبراهيم على التقاعد.
واكدت إن الصيغة البديلة تكمن في أن تتولى حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي تعيين حاكم أصيل لمصرف لبنان على أن يقسم اليمين لاحقاً أمام رئيس الجمهورية فور انتخابه، إلا في حال أن المطالعات الدستورية التي يعكف على إعدادها عدد من الخبراء في القانون الدستوري أجازت له أن يقسم اليمين أمام مجلس الوزراء مجتمعاً، مع أن هناك من يستبعد الأخذ بها لئلا يستفز الموارنة على اختلاف قياداتهم بذريعة أن ذلك يشكل خروجاً على الدستور ولا يمكن مهما كانت الاعتبارات التسليم به كونه من صلب الصلاحيات المناطة برئيس الجمهورية.
ويبقى السؤال عن موقف “التيار الوطني الحر” ومدى استعداده، كما تقول المصادر، للسماح للوزراء المحسوبين عليه بعودتهم ولو لمرة واحدة عن قرارهم بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء لتسهيل تعيين خلف أصيل لسلامة، لأن تعيينه يتطلب موافقة أكثرية ثلثي أعضاء الحكومة.
وينسحب السؤال، بحسب المصادر الوزارية والنيابية، على الكنيسة المارونية ومدى استعدادها لتوفير الغطاء السياسي المطلوب لتعيينه، رغم أنه يتعارض مبدئياً مع إصرار البطريرك بشارة الراعي على إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية.
وعليه، رأت المصادر نفسها أنه يمكن لمجلس الوزراء تعيين خلف لسلامة على أن يقسم اليمين لاحقاً أمام رئيس الجمهورية بذريعة أن المادة 50 من الدستور الخاصة بصلاحياته لا تنص على مبدأ التلازم بين قسمه لليمين ومباشرته المهام المطلوبة منه، وهذا ما يستند إليه عدد من الخبراء في الدستور في المطالعات التي يعدّونها في دفاعهم عن تعيينه من قبل حكومة تصريف الأعمال.
لذلك، فإن الثنائي الشيعي بعدم حماسته لتكليف النائب الأول لحاكم مصرف لبنان المحامي منصوري لينوب عن سلامة على رأس الحاكمية، أراد أن يحشر القيادات المارونية بوضعها أمام مسؤوليتها في البحث عن صيغة لملء الشغور خلفاً لسلامة، سواء بالموافقة على تعيين من يخلفه من قبل حكومة تصريف الأعمال أو بموافقتها على تطبيق القانون بتكليف منصوري لفترة موقتة تنتهي بتعيين حاكم جديد فور انتخاب رئيس للجمهورية.