الأسد يصارح السعوديين… بخصوص النازحين!
عندما بدأ الحوار السياسي بين المملكة العربية السعودية وسوريا، بعد جولات طويلة من الحوار الأمني، كان لافتاً تركيز المملكة على مسألة عودة النازحين الى بلدهم، لأن الأمر بالنسبة لها يتعلق بمستقبل سوريا السياسي وتثبيت التوزيع الديموغرافي فيها، ووجود الطائفة السنية التي ينتمي إليها أغلب النازحين المنتشرين حول العالم، لذلك كان ملف النازحين ملفاً أساسياً في كل اللقاءات التي جمعت الطرفين.
وعندما زار وزير الخارجية السوري فيصل المقداد السعودية، سمع موقف المملكة الواضح بشأن ضرورة عودة النازحين والعمل على تأمين هذه العودة، كذلك كان للملف حصة وازنة خلال استقبال الرئيس السوري بشار الأسد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في دمشق في 18 نيسان، وبحسب مصادر متابعة، فإن الرئيس السوري تطرق بالتفصيل الى هذا الملف ورؤيته له.
وتكشف المصادر أن الأسد مقتنع بضرورة عودة النازحين الى بلدهم، ولديه في السلطة أجهزة كاملة تعمل لأجل هذا الخيار، وكان سبق لهذه الأجهزة أن أبلغت لبنان على سبيل المثال، أن سوريا مستعدة لاستقبال حوالى 150 ألف نازح سوري في لبنان في شهر واحد مع تأمين سكنهم، أي 150 ألف نازح ممن لا يملكون منازل يسكنوها، لكنه في الوقت نفسه يؤكد أن سوريا غير قادرة وحدها على استعادة النازحين، مشيرة الى أن الرئيس الأسد أكد للسعوديين في كل مرة تحدثوا فيها بخصوص هذا الملف، أن العودة تقع على عاتق سوريا والدول العربية والدول الغربية.
وبالنسبة الى الأسد هناك ثلاث فئات من النازحين السوريين:
– الفئة الأولى: فئة الإرهابيين، وهؤلاء مصيرهم معروف، ولا يمكن الحديث عن عودتهم الآمنة الى سوريا وكأن شيئاً لم يحصل، وعددهم ليس كبيراً إطلاقاً، وكان هناك تفهم عربي كامل لوضع هؤلاء.
– الفئة الثانية: فئة النازحين السياسيين، وهؤلاء بالنسبة للأسد أعدادهم أيضاً ليست كبيرة، وهم مرحّب بهم للعودة الى دمشق، وسيكون لهم بحسب تأكيدات الرئيس السوري دورهم في العمل السياسي مستقبلاً، وهذا أيضاً من أبرز مطالب المملكة العربية السعودية التي تدفع بأن يكون مستقبل سوريا السياسي مختلفاً عن ماضيها، وتسعى لأن تشارك فئات المعارضة في الحل السياسي المتوقع العمل عليه في المرحلة المقبلة.
– الفئة الثالثة: هي الفئة التي ينضوي تحتها العدد الأكبر من النازحين، هي فئة النازحين الاقتصاديين، وهنا تُشير المصادر الى أن الرئيس السوري كان واضحاً أنه لا يستطيع إعادة هذه الفئة الى سوريا، ما لم تتحرك الدول الراعية للنزوح حول العالم، وبالأخص الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
ويرى الأسد أن استمرار حصول النازحين على مساعدات مالية وعينية بدول النزوح، يمنع أي أحد من التفكير بالعودة الى سوريا بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها، وبالتالي بحال كانت الدول تريد حل أزمة النزوح، عليها التفكير بأن تدفع المساعدات للسوريين داخل سوريا، والأهم التفكير الجدي بإعادة الإعمار، لأن هذا المشروع الضخم سيؤمن فرص العمل لمئات آلاف السوريين الذين سيعودون الى بلدهم لاجل العمل، وهنا بحسب السوريين يكون دور السعوديين والعرب.
إذاً، مسؤولية النزوح متشعبة، وفي لبنان هناك فئة كبيرة من النازحين الاقتصاديين الذين لن يفكروا بأي عودة ما دامت المساعدات والاموال تصل اليهم دون مجهود، وما دام لا عمل في سوريا يعودون لأجله، وبالتالي فإن الحل بانتظار خطوات اكبر من قدرة السلطات اللبنانية، فهل تتحقق قريباً، خاصة أن السعودية تستعجل عودة النازحين؟
محمد علوش