الثنائي: رئيس قبل تموز وفرنجية أولاً وأخيراً… والحذر من الشارع!
تلهت الساحة الداخلية بزيارة رأس الديبلوماسية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان والمغزى منها ونبشت جيوبه لاستخراج رسالة من هنا أو اشارة من هناك تخص الاستحقاق الرئاسي، كما رصدت لقاءاته العلنية والسرية لمعرفة ما اذا كان يحمل “كلمة السر” في اختيار شخصية الرئيس والمقصود هنا رئيس “المردة” سليمان فرنجية لكن الجميع خرجوا خالي الوفاض، فالرجل الذي يزور لبنان للمرة الأولى بعد الاتفاق السعودي – الايراني تصرف بمنتهى الديبلوماسية وعكس سياسة بلاده من دون أن يزيح عن الخط قيد أنملة، فلم يشفِ ظمأ عطاشى معرفة انعكاس هذا الاتفاق على الاستحقاق الرئاسي في لبنان.
رافق الزيارة وتلاها تسرب معلومات وتصريحات رغب كل طرف في تفسيرها على “ليلاه” أهمها أن الثنائي “حزب الله” و”أمل” غير متمسك بفرنجية ومنفتح على الحوار، لكن مصادر الثنائي أكدت لموقع “لبنان الكبير” أن “لا أساس لهذا الكلام على الاطلاق ولا حتى واحد بالمليار وكل ما تردد في الساعات الماضية كان تفسيرات وتوضيحات على التفسيرات وتحليلات كلها خاطئة. فالانفتاح الذي تحدثنا عنه هو انفتاح للتوافق على فرنجية وليس على أي اسم آخر”.
وقالت المصادر: “احترنا عندما قال نائب الأمين العام لحزب الله (نعيم قاسم) ومن بعده رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين اننا متمسكون بفرنجية قامت القيامة وقعدت وذهب البعض الى بث أجواء فتنة بقوله ان حزب الله وضع معادلة اما فرنجية أو لا رئاسة، وعندما خففنا الـDose أصبحنا بنظرهم متخلين عنه. هكذا هي السياسة في لبنان”.
وجزمت بأن “لا أحد يعبّر اليوم عن حقيقة الموقف”، نافية “أي تواصل سري حصل بين الموفد الايراني والتيار الوطني الحر”. وأوضحت أن “الاجتماع الوحيد الذي حصل بين الطرفين تم في اطار اللقاءات مع النواب وحضر عن التيار النواب الثلاثة سيزار أبي خليل وفريد البستاني وسليم عون وكان البحث في العموميات”.
وكشفت مصادر الثنائي لموقع “لبنان الكبير” أن “عبد اللهيان لم ينطق بكلمة واحدة عن الاستحقاق الرئاسي لا في اجتماعه مع الرئيس نبيه بري ولا في اجتماعه مع السيد حسن نصر الله، أما أجوبته في المؤتمر الصحافي فكانت ديبلوماسية بامتياز تجاه الملف اللبناني، والقيادات اللبنانية لها القدرة والكفاءة والأهلية للتصرف ومن يصل الى الرئاسة نحن معه”. وهذا الجواب يصرف “صفر” في الاستحقاق لمن يرصد خرقاً ما، يقلب الموازين.
وحول لقاء قريب سيجمع موفداً سعودياً مع “حزب الله” اما في لبنان أو في الخارج، ردت المصادر: “لا لقاء مرتقب على هذا المستوى وما تردد ليس سوى تكهنات لمسار طبيعي يتفرع من الاتفاق لكن لا معلومات حول امكان حصوله في القريب العاجل”. وسألت: “كيف يمكن أن يحدث لقاء كهذا وكلمة لبنان من أساسها لم يأتِ على ذكرها في كل اللقاءات التي تحصل بين الرياض وطهران؟”.
ولم تشأ المصادر أن تختم الا بالتأكيد مجدداً على أن سليمان فرنجية “رئيساً” يبدأ العد العكسي لوصوله الى قصر بعبدا بعد شهر ونيف أي بعد منتصف حزيران الى بداية تموز ضمن اتفاق رفضت المصادر أن تعطي أي معطيات عنه.
ومن الآن الى أن يحين الرهان ستبقى المتغيرات الاقليمية في مركز الرصد، أما التحكم فبالتأكيد لا تملك مفاتيحه القوى السياسية في لبنان، بحيث شكك مصدر ديبلوماسي في إمكان التوصل الى حل قريب، وقال لموقع “لبنان الكبير”: “القرار معروف اليوم أنه بيد السعودية، فرنسا، أميركا مع حزب الله في لبنان”. وأكد أن لا حل يمر الا عبر واشنطن ولو أن الحديث عن قوة دورها يتراجع الا أنها أحد الأطراف الأساسية لصياغة الاتفاق، اما أن تكون في صلبه واما “تقب باطها” لتمريره، والعقدة الأم في اختيار الرئيس هي عدم التوافق المسيحي، محذراً من دور حزب “القوات” في تطيير الاتفاق اذا لم يكن لمصلحته، وهذا هو سبب التأني في بحث سلة الحل، اذ سأل المصدر: من يضمن أن يمشي سمير جعجع بالتسوية ولو طلبت منه السعودية اذا لم تكن هذه التسوية على خاطره ولم تراعِ مصالحه الحزبية؟ هذا سؤال. وسؤال آخر عن التيار ومعروف أن بغياب هاتين الكتلتين معاً لا تحصل انتخابات رئاسية “لو بدها تطبق السما على الأرض” واذا كانت المملكة بتمون على جعجع، فمن يمون على جبران باسيل؟ لا قطر ولا فرنسا ولا حتى الحزب، وحده الرئيس ميشال عون يمسك بقرار باسيل على عكس المشاع، ففي بعض المواقف يعلم المقربون أن باسيل ينفذ ما يطلبه عمه وهنا الرهان سيكون على تواصل مباشر بين عون والسيد نصر الله وهذا احتمال موجود.
وحذر المصدر الديبلوماسي من تطورات أمنية يمكن أن تحدث على الساحة اللبنانية، فهذا الاحتمال لم يسقط أبداً ولا يزال على الطاولة على الرغم من تأكيد مختلف الأجهزة الأمنية أن الوضع ممسوك وتاريخياً لم يسقط احتمال توتر الأرض من الحسابات، وهذا التطور لن يكون بسبب الغلاء وارتفاع الدولار لأن النزول الى الشارع لهذا السبب استنفذ نفسه طالما الأحزاب الكبيرة ليست مشاركة فيه، انما الخوف هو من انكسار قرار الانضباط والاستقرار بفعل فلتان أمني ما يرتفع منسوبه كلما اقترب توقيت حل، اذ يتحرك ضده لاحباطه كل من لا مصلحة له فيه، وتطييره يكون عبر سيناريوهات مختلفة.
اذاً، لبنان مجدداً أمام توقيت مفصلي يستمر حتى بداية تموز ويبلغ أوجه عند استحقاق حاكمية مصرف لبنان، أحد المركزين المسيحيين الأقوى الى جانب قيادة الجيش، فهل سيقبل المسيحيون بتعيين الحاكم من دونهم، وهل يحملها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي؟ فبروفا “الساعة” لا تزال ماثلة أمامه وقد سبق وأكد أن ميقاتي ما قبلها ليس ميقاتي ما بعدها، أي أنه لن يتحمل وحده وزر أي قرار يفتح أبواب المزايدات الطائفية والشعبوية.
شهران بحجر “رئيس وحاكم” ينتظرهما البلد، فاذا انتخب رئيس تحل مشكلة الحاكم تلقائياً، واذا تعذر الاتفاق “رئاسياً” وانقضت “حاكمياً” بالتوافق فعندها يرحل الاستحقاق الرئاسي الى الخريف، فالصيف غالباً ما يتحول جسراً تنام تحته الاستحقاقات وتبرد حماوتها والفضل للسياحة والعطل وأموال المغتربين، اما اذا فشلت الحكومة في تعيين حاكم جديد فـ “أهلا بهالطلة” ستتحول الى “وينن”.
صحيح أن قرار المحافظة على الاستقرار موجود لكن الخوف أن ينتهي هذا الانكماش بانفلاش.
ليندا مشلب- لبنان الكبير