مار مخايل مات وشبع موتاً”… و”التيار” من حكم قيصر… الى الاستجداء !
تجربة “التيار الوطني الحر” في لبنان فريدة من نوعها، وليست بصورة إيجابية طبعاً، التيار الذي كان واضحاً أنه أتى ليحقق “فانتاسي” الانتقام من اتفاق الطائف، حكم البلد 6 سنوات بميشال عون، قيصر لبنان وليس رئيس جمهوريته، فهو ليس بحاجة الى حكومة ولا مجلس نواب، ووحده من “يعرف مصلحة لبنان”. قاتل جميع المكونات، من أجل إظهار أنه الحاكم، لذلك عرقل الحكومات وضيّق على المكونات، في محاولة لإلغاء مفاعيل الطائف بالممارسة والعرف، خلافاً لأي منطق دستوري وقانوني. هذا التيار “القوي”، يستجدي اليوم خصمه التاريخي، الذي أوصله إلى رئاسة الجمهورية عبر صفقة اتفاق معراب، من أجل أن يقبل بالتحاور معه والاتفاق في ما بينهما، كي يقطع الطريق على رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، ويبقى رقماً في المعادلة اللبنانية، ولكن لماذا يقبل التيار على نفسه أن يبدو مستجدياً “القوات”، بدل أن يسير مع حليفه “حزب الله”؟
على الرغم من أنه يظهر في مشهد وكأنه يتذلل لخصمه التاريخي، إلا أن التيار يلعب لعبة تضييع الوقت، علّها تصب في مصلحته، فوفقاً لمعلومات “لبنان الكبير” أن نظرة “حزب الله” الى الملف الرئاسي هي أنه في حال لم يتمكن فرنجية من الوصول إلى الرئاسة، لأي سبب كان، سيتجه الحزب الى الاتفاق مع التيار على مرشح جديد، وذلك حرصاً منه على ما تبقى من علاقة تجمع الطرفين. وما يراهن عليه جبران باسيل، أنه في حال قبل معه سمير جعجع بالتوافق على اسم، سيدفعه هذا الأمر الى الهرع اليه، للاتفاق على الاسم، وبالتالي يكون التيار نفذ طموحه بتمديد سلطة العهد مجدداً، حتى ولو بأقل قوة من قبل. ولكن يبدو أن جعجع، في أجواء الخطة الباسيلية، لذلك يرفض رفضاً تاماً أي أي حوار جدي حتى اللحظة مع التيار، ويلتقي معه على عرقلة وصول فرنجية فقط، على الرغم من أنه يبدي انعداماً في الواقعية السياسية عندما يقول ان باستطاعته تعطيل نصاب جلسة انتخاب فرنجية.
يرى الثنائي الشيعي أن لا وجود لمرشح جدي غير فرنجية، علماً أن الحديث في الصالونات السياسية ان الثنائي يقول في حال اتفق الـ 53 نائباً الذين اجتمعوا عند البطريرك بشارة الراعي أول الشهر الجاري، فلا أحد يمكنه وضع فيتو على الاسم الذي يطرحونه، بل ان من المؤكد أنه سيصبح رئيساً للجمهورية. ولكن تشير أوساط مواكبة لموقع “لبنان الكبير” الى أن “الاتفاق بين الموارنة صعب جداً، فجعجع لا يزال ملدوغاً من غدر التيار به بعد أن حقق له حلم الرئاسة، ونقضه الاتفاق بين الطرفين، الذي كان أحد بنوده غير المعلنة، المداورة بين القوات والتيار في الرئاسة، وهو لا يستطيع اليوم الوثوق بالتيار مجدداً، بل لا يستطيع تسويقه لقاعدته الشعبية، بعد أن علا السقف الى هذه الدرجة، ولذلك لا يهمه اليوم، لا رئاسة جمهورية، ولا حكومة، ولا أي منصب، بل جلّ ما يركز عليه هو ترسيخ نفسه في الشارع المسيحي أكثر، مراهناً على تغير الهوى الاقليمي يوماً ما، وعندها سيفرض شروطه، من منطلق الأقوى مسيحياً”.
أما عن التيار، فترى الأوساط أن “كلمة السر الرئاسية عندما تأتي، سيجد حلفاؤه له مخرجاً لائقاً يحافظ على مكانته، قد يكون شبيهاً بانتخاب رئيس مجلس النواب نبيه بري، عندما صوّت بعض أعضاء التكتل له، ولكن القرار كان أنهم لا يؤيدونه، تحديداً أن بعض نواب التيار اليوم، يؤيدون السير مع حزب الله، بانتخاب فرنجية، مشددين على أن الحزب سيحفظ مكانتهم ودورهم، بل انه سيستعين بهم، في الاستحقاق الرئاسي بعد هذا، وقد يرشح أحدهم للرئاسة، حتى لو كان يمكننا القول فعلياً ان اتفاق مار مخايل مات وشبع موتاً”، مؤكدة أن “علاقة الحزب ببعض نواب تكتل لبنان القوي، تتخطى قيادة التيار، بل انها أصبحت علاقة ود شخصية، وهم اشتكوا أمامه من تصرفات رئيسهم باسيل”.
كل ما يجري هو مضيعة للوقت، فطالما لا مرشح جدياً من الطرف الآخر، لا يكون السؤال إذا كان سينتخب فرنجية؟ بل متى وكيف؟ ويتحمل “التيار الوطني الحر” ورئيسه جبران باسيل مسؤولية تضييع الوقت بنسبة أكبر، ومن بعده في المرتبة الثانية المعارضة، التي تعمل اليوم لمحاولة عرقلة طريق بنشعي – بعبدا فقط، من دون أي رؤية أو تصور حقيقي، تحديداً أن الملفات الأساسية على طاولة الرئيس المقبل، هي سلاح “حزب الله” والاستراتيجية، ترسيم الحدود مع سوريا وعودة اللاجئين، وإعادة العلاقات الى طبيعتها بين لبنان والدول العربية، وإن كانت المعارضة تستطيع إيجاد الشخص المناسب الذي يمكن أن ينجز الملف الأخير، إلا أن الملفين الأولين، لا يمكن أن ينجزهما شخص ليس على علاقة جيدة مع “حزب الله” وسوريا.
محمد شمس الدين- لبنان الكبير