فرنسا تطمح إلى انجاز… والوقت طويل قبل “الاتفاق” بين فرنسا والسعودية!
هل غيّرت السعودية موقفها من الإنتخابات الرئاسية اللبنانية؟ إنه السؤال الأكثر طرحاً في لبنان خلال الأيام الماضية. خصوصاً في ظل عملية الضخ المكثفة من قبل جهات متعددة داخلياً وخارجياً حول وصول أجواء إيجابية من السعودية إزاء ترشيح سليمان فرنجية. وصل الأمر ببعض المسؤولين الداخليين والخارجيين إلى اعتبار أن السعودية وافقت على خيار فرنجية، وستبلغ حلفاءها بهذا الأمر، على قاعدة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نجح في إقناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بذلك. في المقابل، تأتي ردود ديبلوماسية أخرى على هذا الكلام بالنفي، مع الإشارة إلى أن السعودية لم تدخل في التفاصيل ولا تزال متمسكة بمواصفاتها، وأنها لن تتدخل في سبيل دعم هذا المرشح أو ذاك، وبحال فرنسا تصر على انتخاب فرنجية وقادرة على ذلك فلتفعل.
فرنسا وضرورة الانجاز
عملياً، يُبقي هذا الكلام هامشاً واسعاً للمنطقة الرمادية، بين التفسيرات والتفسيرات المضادة، وهو ما يتيح للفرنسيين اعتبار أن السعودية قد فتحت نافذة أمام ترشيح فرنجية ويمكن لهذه النافذة أن تؤدي إلى حلول في المرحلة المقبلة. في المقابل، فإنه على ضفة معارضي انتخاب فرنجية لا يزال الموقف على حاله، وبعضهم يعتبر أنه حتى لو حصل تغيّر في الموقف السعودي فإنهم سيستمرون على رفضهم للسير بهذا الخيار. يدور في الكواليس الفرنسية أيضاً نقاش كثير حول ضرورة تحقيق إنجاز في لبنان، ووصول المبادرة إلى نتيجة، لا سيما بعد كل الصفعات التي تلقاها الرئيس الفرنسي منذ زيارته إلى الصين بانعكاسها السلبي على العلاقة مع الأميركيين وما بعدها في ازمته الداخلية، اذ تتعالى أصوات المعارضة وترفض التفاوض معه، ما يحتّم عليه البحث عن انجاز خارجي، وبالتالي بحال اصطدم بالفشل في لبنان فسيكون لذلك تداعيات سلبية كثيرة. بناء عليه، تشير المعلومات إلى أن ماكرون يولي اهتماماً شخصياً للملف اللبناني وللتفاوض مع المملكة العربية السعودية وتحديداً مع بن سلمان في سبيل اقناعه بخيار فرنجية، لأنه يعتبر المسألة شخصية.
الإحتمالات المتناقضة
بالنظر إلى الوقائع، فإن الأمر، حتى الآن، لا يزال بحاجة إلى وقت طويل ريثما تتضح الصورة أو يشهد الملف اللبناني تحريكاً يؤدي إلى تطور أو يحقق تقدماً حقيقياً. ولكن في ظل هذا الإصرار الفرنسي، وعلى وقع زيادة منسوب الضخ الإيجابي حيال الموقف السعودي تجاه فرنجية، يمكن الذهاب إلى ثلاثة إحتمالات: أولها، ان توافق السعودية على خيار فرنجية بشكل واضح ولا لبس فيه وتعمل على إقناع حلفائها بالأمر. ثانيها، البقاء على موقفها الحالي وترك الأمر لدى حلفائها لاتخاذ القرار الذي يرونه مناسباً. وثالثها، أن توافق هي على خيار فرنجية في مقابل استمرار الحلفاء برفض السير بانتخاب فرنجية، بالإرتكاز إلى الديناميكية الداخلية القادرة على التعطيل. فبحال تحقق السيناريو الأول يصبح إنجاز الإستحقاق سهلاً. أما بالذهاب إلى الخيار الثاني، أي عدم إعطاء ضوء أحمر أو أخضر، فذلك سيبقي الكرة في ملعب الحلفاء الرافضين، أما بحال كان الإتجاه نحو السيناريو الثالث، أي ان توافق السعودية، وتسعى لإقناع حلفائها فيما هم يرفضون ذلك، فإن النتيجة ستكون سيئة جداً لجهة الإنعكاسات التي ستنجم عن مثل هذا الخيار.
في المنطقة الرمادية
حالياً، لا يزال هامش المناورة قائماً. يعزز ذلك هامش المنطقة الرمادية التي تكثر التفسيرات من حولها، إذ يلجأ كل طرف إلى التفسير وفق ما تقوده إليه تمنياته.
في المقابل، يرد كلام من خارج الصندوق، يشير إلى زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت ومنها إلى دمشق، فيما كان قبلهما قد أجرى زيارة إلى سلطنة عمان. بالنظر إلى هذه المحطات الثلاث، وإلى تواصل مستمر ومفتوح بين سلطنة عمان وحزب الله، وفيما ثمة تشديد إيراني وسوري بأن الملف اللبناني، ولاسيما الإنتخابات الرئاسية، هو بيد حزب الله ولا بد من التفاوض معه لبته والوصول إلى اتفاق بشأنه، هناك من يعتبر أنه لا بد للتفاوض أن يحصل مع الحزب سواء عبر أفرقاء داخليين أو عبر وسطاء خارجيين أو ربما مفاوضات مباشرة، لا سيما أن هناك تأكيدات إيرانية وسعودية بأن الإتفاق الإيراني السعودي لم يتناول الملف اللبناني والذي يحتاج إلى تفاوض منفصل.
من هنا، يعود البعض إلى الرهان على حصول تواصل بين السعودية والحزب عندما ستبدي الرياض اهتماماً بلبنان. بناء على وجهة النظر هذه، يبرز تفسيران متناقضان، الأول يعتبر أن نتيجة مثل هذا التفاوض ستكون التخلي عن فرنجية والذهاب إلى مرشح ثالث. والثاني يشير إلى أنه في اللحظة التي يحصل فيها تفاوض جدي يمكن للرياض الموافقة على فرنجية نظراً للمكاسب والضمانات التي ستحصّلها من الحزب.
منير الربيع- المدن