وسط حالة من الضياع… لومٌ ديبلوماسي للمعارضة: من هو مرشّحكم؟!
حال من الضياع تحكم كل المعنيين بالملف الرئاسي اللبناني. الحقيقة الوحيدة الثابتة هي وجود مرشح لقوى الممانعة هو سليمان فرنجية، لكن من غير المعروف بعد من هو مرشح المعارضة وهل ستنجح هذه المعارضة مجتمعة في الإتفاق على اسم مرشح تذهب به إلى مجلس النواب؟ وما السبب الذي يجعل هذه المعارضات معارضات تلتقي على الشعارات أكثر مما تلتقي على المرشح الرئاسي؟
في بيت الكتائب إستقبل رئيس حزب الكتائب سامي الجميل رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض في لقاء تم توصيفه بأنه «جزء من توحيد القوى السيادية والتغييرية في المعركة السيادية القادمة». انتهى اللقاء إلى التأكيد على رفض مرشح الممانعة رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية وتكرار العبارات ذاتها عن المرشح السيادي والملف المصيري المتصل بمستقبل لبنان وإلى ما هناك من شعارات باتت تتكرر على لسان الجميل ومعوض وكل القوى المعارضة الأخرى. كما خرج رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ليؤكد أنّ «مرشح الممانعة لن يصل أبداً»، متابعاً «أن لبنان يحتاج إلى رئيس للجمهورية يتمتع بشخصية سيادية، ولاؤها فقط للوطن». وليس أبعد من الجهتين «التيار الوطني الحر» الذي يرفض فرنجية بينما لم يعلن عن مرشحه بشكل نهائي بعد.
الكل رفض فرنجية لكنه لم يقدم البديل عنه. يكتفون بتقديم المواصفات ولم يبلغوا درجة التسميات بعد. رغم مرور ستة أشهر لم تستطع المعارضة التقليدية أن تلتقي على مرشح. حتى تبنيها ترشيح النائب ميشال معوض لم يرتق إلى الجدية التي تجعله يلامس الخمسين صوتاً، وفشلت في استقطاب فريقين أساسيين إلى خيارها أي النواب السنة والتغييريين، كما فشل المسيحيون ولا سيما الموارنة في التلاقي على كلمة سواء رئاسية.
بالموازاة يبدو «حزب الله» مأزوماً بترشيح فرنجية. لا يفوت فرصة لتأكيد تأييده ولكن بطريقة تحرج المرشح الحليف ذاته. خروج نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم مهدداً بخيار فرنجية أو الفراغ، ونصيحة رئيس المجلس التنفيذي لـ»حزب الله» السيد هاشم صفي الدين باقتناص فرصة ترشيح فرنجية وإلا… كلّها مواقف أساءت لفرنجية وأحرجته لا سيما في المجتمع المسيحي. علماً أنّ «حزب الله» ذاته لا يملك قدرة إنتخاب حليفه بلا حوار مع القوى الأخرى.
كحال المعارضة يبدو واقع «حزب الله». الطرفان عاجزان عن تأمين ما يفوق الخمسين صوتاً نيابياً أي أنهما يلتقيان على العجز في انتخاب رئيس الجمهورية. وهنا يكمن مغزى الدستور الذي اشترط غالبية الثلثين في انتخاب الرئيس، أي أنه وضع ضوابط للكتل النيابية ومنع إنتخاب رئيس من طرف فريق سياسي واحد فبات الكل محكوماً بالشراكة والتفاهم.
في كواليسها لا تتوقف مصادر ديبلوماسية عن توجيه اللوم لقوى المعارضة التقليدية والتغييريين لعجزهم عن الإتفاق على مرشح مقابل فرنجية. وتستغرب مصادر ديبلوماسية كيف لا توحّد هذه القوى صفوفها لتأييد مرشح رئاسي يمثلها. وتطرح المصادر الديبلوماسية سؤالاً لا جواب عليه بعد لدى أطراف المعارضة عن مرشحهم وعن الأسباب التي تمنع اتفاقهم على مرشح في مواجهة مرشح قوى الممانعة. الإنطباع السائد عن المعارضة في الأروقة الديبلوماسية أنّ الخلاف بين المسيحيين يحول دون التوافق على المرشح وهو خلاف يصعب حله بالنظر إلى العلاقة المعقدة بين أكبر حزبين مسيحيين أي «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبناينة».
لغاية اليوم لا تجد في الأروقة الديبلوماسية جواباً شافياً عن أي تفصيل أو خبر متصل بملف رئاسة الجمهورية في لبنان. بعيداً عن الفرنسيين وحراكهم الذي يعزز أمل حلفاء رئيس «المرده» سليمان فرنجية بانتخابه، فإنّه لا صدى صوت لأي تحرك جدي باستثناء بعض الإشارات بين الحين والآخر وبشكل غير رسمي. ما يعزز إعتقاد مصادر ديبلوماسية بأنّ الأجواء الراهنة لا تشي بإنتخاب رئيس هذا الصيف بالنظر إلى غياب المؤشرات المحلية والإقليمية وحتى الدولية على ذلك. أكثر من القوى السياسية في الداخل اللبناني ترصد الدول حركة سفير المملكة السعودية في لبنان وليد البخاري والمواقف التي ستتمخض عنها والتي يمكن أن تشكل مؤشراً للتوجّه السعودي وما إذا كان لا يزال على حاله أو شهد تحولاً.
على أبواب الفراغ يحل شهر جديد يتوقع أن يكون حافلاً بالتطورات. خلاله سنشهد خطوات متصلة بالوضع الإقتصادي، وخلاله أيضاً يتوقع أن يعقد إجتماع اللجنة الخماسية في قطر التي تسعى إلى تجديد تحركها تجاه لبنان. وحسب المعلومات يتوقع أن يحصل الإجتماع منتصف الشهر المقبل لكن لا جواب نهائياً في شأنه بعد. الدول المعنية لم تبلغ حضورها أو تعلن موقفاً وليس معلوماً ما إذا كان سيعقد على مستوى ممثلي الدول أو وزراء الخارجية. ويتوقع أن تبدأ معالم إنعكاسات الإتفاق الإيراني- السعودي، والعين على زيارة كبير الديبلوماسيين الإيرانيين وإقامته ليومين.
غادة حلاوي- نداء الوطن