هذا ما لم يتوقعه جعجع!

لا يزال ترشيح سليمان فرنجية في النقطة العالقة نفسها، اي عدم وضوح الصورة ازاء الموقف السعودي أولا، وعند «الفيتو» المسيحي من قبل «التيار الوطني الحر» و«القوات» برفض النائب جبران باسيل لفرنجية وذلك لمعطيات وحسابات سياسية وحزبية، في ما يختلف رفض سمير جعجع الذي حدده بممانعة انتخاب مرشح» تحد» من فريق الممانعة.

فالمؤكد ان الأمور لا تزال عالقة في المربع الأول، ومن اللحظة الأولى لبروز اسم فرنجية للأسباب نفسها التي أعلنها الطرفين، وقد ساهم الالتقاء السلبي لرفض فرنجية في تقريب المسافة بين «الوطني الحر» و«القوات» رئاسيا، وباعدت المسافات بينهما في قضايا أخرى ومع أطراف آخرين.

قبل حديثه التلفزيوني الأخير، رفع جعجع في قداس شهداء زحلة مستوى خطابه السياسي ضد رئيس من محور الممانعة، وشمل بتصعيده حلفاء فرنجية، مما زاد المشهد الرئاسي تعقيدا، خصوصا بعد تسويق البعض لأجواء تدل على تأمين «القوات» نصاب جلسة انتخاب رئيس «تيار المردة»، وعلى «مونة» من رئيس مجلس النواب على «القوات» و»الاشتراكي» عندما تحين الساعة الانتخابية.

تصعيد جعجع ادى أيضا الى توتير الوضع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بتبادل رسائل في أعقاب تصريح لبري بأن جعجع ليس صديقا ولا عزيزا، ورد من معراب «انه لن يستطيع النوم الليلة».

مصادر «قواتية» اكدت ان جعجع «يحسبها» جيدا في السياسة، فتأمين «القوات» نصاب أي جلسة ينتخب فيها رئيس من فريق ٨ آذار غير وارد، لأنه يخسرها مسيحيا ويضعها في موقف مسيحي محرج، ويكسب خصمها «التيار الوطني الحر» المعارض لهذا الترشيح، وعليه فان «القوات» تدرس خطواتها جيدا، وتستعمل أسلحتها السياسية للوصول الى أهدافها، خصوصا انها رأس حربة القوى المعارضة، وعلى الأرجح فان «القوات» لن تغامر اليوم بقناعتها السياسية وموقفها امام الرأي العام المسيحي.

موقف «القوات» من ترشيح فرنجية صار واضحا، فجعجع أعلنها صراحة في المقابلة التلفزيونية التي أتبعها بهجوم على الفرنسيين، ووفق المصادر «القواتية» فان جعجع لم يتوقع التسويق لفرنجية من قبل باريس، على اعتبار ان ترشيحه جاء مخالفا لموازين القوى في المجلس النيابي، كما ان الضمانات التي قدمها فرنجية للفرنسيين، بحسب المصادر لا تطمئن المحور السياسي المعارض له، لأنها لم تقدم إجابات صريحة حول الاستراتيجية الدفاعية في ظل المخاوف من توحيد وربط الساحات.

وفي حديثه الأخير حسم جعجع موقع «القوات» المتمسكة بانتخاب رئيس فعلي وقادر، ملمحا الى ذهابه الى المعارضة في حال انتخاب فرنجية، مكررا المقولة نفسها «او ننتخب رئيسا قادرا على حل الأزمة وإلا لماذا ننتخب»؟

المرونة السعودية لا تكفي وحدها، وفق مصادر سياسية معارضة لانتخاب فرنجية، ما دام هناك مقاطعة مسيحية تلوح في الأفق يتقدمها «الوطني الحر» و»القوات» و»الكتائب»، وبالنسبة الى «القوات» فمن الواضح ان الاتصالات الفرنسية التي جرت في الأسبوعين الأخيرين لم توفق في تليين موقف جعجع، مما استتبع خروجه بمقابلة نارية تحدى فيها فريق الممانعة بامكان عقد جلسة لانتخاب مرشحها وتحدى الفرنسيين، معتبرا ان باريس تذهب الى خيارات لا تتلاءم وتاريخ فرنسا، وكأنه أراد ان يقول ان فرنسا لم تعد «الأم الحنون» بالنسبة الى المسيحيين.

ابتسام شديد- الديار

مقالات ذات صلة