«التيار» يُغازل «مسيحياً» ويُساير بري ويُرمّم مع الحزب!
بعد مضيّ 17 عاماً من التفاهم والتحالف، وتوقيع «وثيقة مار مخايل» بين الرئيس ميشال عون والامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في شباط من العام 2006 في كنيسة مار مخايل في الشياح، وما رافق ذلك من مسافات سياسية متقاربة على مدى سنوات، لم تخلُ بين الحين والآخر من بعض التباينات والاختلاف في وجهات النظر، لتتوسّع لاحقاً وتتطور الخلافات الى ما يشبع القطيعة، بسبب تدهور العلاقات السياسية بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وحزب الله، وحينئذ لم يصدّق احد بعد تفاقم الخلافات والردود المتبادلة الخفية، أنّ رئيس «التيار» بات خارج أسوار حارة حريك، التي لطالما مدحها ومدحته بدورها، واصفة اياه بالحليف الدائم، لكن وعلى مراحل زمنية لا شيء يبقى كما كان، خصوصاً في السياسة التي تقلب الاوضاع راساً على عقب.
منذ فترة وجيزة، كان يوصف باسيل بالسياسي الذي بات وحيداً، فلا حلفاء ولا اصدقاء في السياسة بل مجموعة خصوم، يتكاثرون يوماً بعد يوم، ولا حتى أي حليف مسيحي، والسبب الخلاف على الرئاسة، بدءاً من ترشح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية بعدما كان الحليف الاول، لكن خطوته هذه قضت على تلك العلاقة، ما جعل التيار البرتقالي في مسار آخر، لتصبح العلاقة في أسوأ حالاتها، كذلك الامر مع «القوات اللبنانية» بعد توقيع تفاهم معراب، اذ كانت العلاقة على خير ما يرام، وأنتجت دعماً قواتياً لوصول العماد ميشال عون الى الرئاسة، لكن تبخّر كل شيء لاحقاً ضمن التسوية الرئاسية، فما لبث الدرب السياسي بينهما ان سلك خط الاختلافات في شتى الامور، ليصبح التيار البرتقالي في عزلة، بعد خسارته حليفين تحوّلا لاحقاً الى خصمين.
اما مع حزب الله ووفق مصادر سياسية مراقبة للتحالفات والخلافات السياسية، فهي في طريقها للعودة، اذ تمّ ترميم الجرّة التي انكسرت قبل فترة، فعاد باسيل معها الى حارة حريك لكن بخطوة اولى، بالقول وليس بالفعل، لانّ عودته تحتاج الى بعض الوقت، كما بدأ بالخطوة الاولى والانفتاح في اتجاه معراب أي يعمل على الخطين، لانّ الوحدة لا تجوز في السياسة خصوصاً في لبنان، وقد تلقى نصائح في هذا الصدد وفق ما اشار وزير سابق، مذكّراً إياه بأنه تولى منصب وزارة الخارجية لفترة طويلة، وعليه ان يستفيد من تلك الخبرة ويكون ديبلوماسياً الى أبعد الحدود، لان عدم إيصال فرنجية الى بعبدا يتطلّب منه التوافق مع «القوات اللبنانية» أي انّ المصلحة تقتضي، وفي الوقت عينه تساهم في إعادة انفتاح حزب الله عليه، منعاً لتمادي تحالفه مع معراب، خصوصاً انّ فرنجية يعمل على إعادة العلاقة اولاً مع باسيل، اذ يعتبرها اقل جهداً من التوافق مع معراب.
ويشير سياسي عتيق عايش مختلف الاحزاب اللبنانية، الى أنّ الاتفاق بين بنشعي ومعراب قابل للتحقيق، خصوصاً مع بدء تحسّن العلاقة «القواتية» مع «المردة»، من خلال العلاقة الجيدة بين النائبين ملحم رياشي وطوني فرنجية، كما انّ الطرفين يقولان انّ الاتصالات جارية بين الحزبين منذ فترة.
الى ذلك، يلفت السياسي العتيق، الى ان رئيس «التيار الوطني الحر» يعمل ايضاً على الانفتاح في اتجاه الخصوم الاقوياء في الضفة الاخرى، خصوصاً الرئيس نبيه بري لانه محتاج الى مَن يسانده سياسياً في هذه الظروف الصعبة، التي أبعدته عن الجميع، لذا يقوم بتخطيّ رواسب الخلافات الماضية، وترميم العلاقة التي ترافقت مع توتر كبير في فترة معينة بين الرجلين، كما انّ تمرير التمديد للبلديات لتأدية الدور الاكبر في المصالحة مع عين التينة، وهي قابلة للمزيد من التوافق لانّ الظروف تساعد على ذلك ايضاً، معتبراً انّ باسيل لاعب ماهر في السياسة، فهو ينفتح على قوى ويعادي اخرى وفقاً للمرحلة والتطورات وهو عادة يحقق نجاحات في هذا الاطار.
في غضون ذلك، اوضحت مصادر «التيار الوطني الحر» أنّ العلاقة الى تحسّن لافت بين نواب من «التيار» وآخرين من «القوات»، وهي قابلة للتطور أي الى لقاءات قد تعقد قريباً، وتبحث في الحوار لانّ التوافق المسيحي مطلوب اليوم وبقوة.
فيما مصادر» القوات اللبنانية» تختصر الرد بالقول: «نحن نلتقي مع مختلف النواب ومن كل الاحزاب داخل المجلس النيابي، لكن ليس هنالك من تواصل رسمي مع التيار، بمعنى لقاءات على مستوى لجنة مشتركة او ما يشابه، لانّ الخلافات استراتيجية ومعروفة».
صونيا رزق