العشائر قالت كلمتها…قبل فوات الأوان!
بينما لا تزال الاستحقاقات تبدو في عطلة العيد، كأن البلد على ما يرام، وليس هناك من عجلة لإنهاء حالة الفراغ المتفشية في المؤسسات، تحديداً في الرئاسة الأولى، كانت منطقة خلدة تشهد مؤتمراً صحافياً للعشائر العربية، استنكاراً لأحكام المحكمة العسكرية بحقّ موقوفي أحداث خلدة، وكان لافتاً فيه الحضور النيابي والروحي والشعبي الواسع.
فقد حضر وفد من دار الفتوى وعدد من ممثلي كتل نيابية مختلفة ونواب مستقلين، وحشد شعبي كبير، فيما لوحظ غياب أي ممثل عن الحزب “الديموقراطي اللبناني”، الذي يبدو أنه لا يزال يحتفل بعودة المصرفي مروان خير الدين من فرنسا.
كلمة العشائر التي ألقاها الشيخ علي موسى، شنّ فيها هجوماً عنيفاً على المحكمة العسكرية، معتبراً أنها تخالف الدستور عبر محاكمتها المدنيين بينما يجب أن ينحصر عملها بالعسكريين، وهي منحازة ضد فئة من المدنيين. وقال: “خلدة ظلمت عندما اعتدى المعتدون عليها وقتلوا أطفالها وشيبها وشبابها، وروّعوا أهلها، وشتموا رموزها، وظلمت أيضاً عندما لم يحاسب هؤلاء، ولم يسجنوا، ولم يؤسروا، على مرمى من الأجهزة الأمنية، وظلمت أيضاً عندما أصدرت المحكمة العسكرية أحكاماً ظالمة وجائرة بحق أبنائها، هذه المحكمة التي تقول انها تحكم باسم الشعب، أي شعب تتكلمون عنه؟ نحن الشعب اللبناني، ونحن الكرامة والعزة والإباء، نحن الحاضر والماضي والمستقبل وصمام أمان لبنان”.
وتوجه موسى برسالة إلى قيادة الجيش، والأجهزة الأمنية والمعنيين، والمحكمة العسكرية ومحكمة التمييز، قائلاً: “أوقفوا الذين اعتدوا على خلدة قبل فوات الأوان، أوقفوا وأنقذوا ملف خلدة قبل فوات الأوان، وأنقذوا الموقف في خلدة قبل أن تتدهور الأمور إلى مهوار لا يعلم خطورته إلا الله.” ولفت إلى “أننا كلنا ذهبنا إلى المفاوضات مع السادة النواب، وكلنا يريد الحل والصلحة، اقتربت قليلاً فاقترب مني قليلاً، سقط من هنا وسقط من هنا، ولبنان للجميع، لن نرضى بهذه الأحكام الجائرة، ونريد صلحاً مشرّفاً تحت عباءة دار الفتوى والجيش اللبناني، يضمن حق الجميع وينصف أبناء خلدة.”
وشدد ممثل مفتي الجمهورية الشيخ خلدون عريمط في كلمة خلال المؤتمر على رفض الأحكام الجائرة التي صدرت عن المحكمة العسكرية، والتي طالت طرفاً واحداً فقط، مؤكداً أن المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان سيتابع القضية وصولاً إلى تحقيق العدالة.
لا صوت يعلو فوق صوت العشائر ودار الفتوى، وقد أظهر ملف خلدة الحاجة إلى أمرين بالغي الأهمية، أولاً، إلغاء المحكمة العسكرية وحصرها بالعسكريين فقط. ثانياً حل ميليشيا “سرايا المقاومة”، وتوقيف كل من يحمل صفتها على الأراضي اللبنانية، بعدما يتم إخلاء سبيل جميع الموقوفين في خلدة.
مؤتمر عشائر خلدة الذي يتناول قضية محقة، رآه البعض مناسبة لزيادة الرصيد الانتخابي، فسارع إلى الحضور وإلقاء الخطب السياسية، ومرّر كلاماً لا علاقة له بالقضية الأساسية، متحدثاً عن الاستحقاق الرئاسي وأوضاع البلد، كأنها إحدى مقابلاته المدفوعة الثمن. أمر طبيعي تعود عليه اللبنانيون من محبي ركوب الموجة، ولكن ما اعتبره الكثيرون مثيراً للسخرية، هو أن أحد الحاضرين كان وزير عدل، ولم يحرك ساكناً في ملف الموقوفين في عهده بالوزارة، ولم يقم بأي خطوة حين أصبح نائباً، وحضوره كان للركمجة على قضية محقة، على جري عادته، وهدفه تسجيل مواقف شعبوية علها تزيد نقاطاً في رصيده، ويحقق حلمه المستحيل بالزعامة.
ومن الحاضرين أيضاً من هو حليف سابق لـ”حزب الله” وسراياه، واليوم يدّعي الانقلاب عليه بسبب ما آلت إليه الأمور في البلاد، علماً أنه لا يزال ضيف النرجيلة في حارة حريك، وعلى صداقة مع نواب الحزب ومسؤوليه، ولكن محاولاته مفضوحة، وهو يطمح الى رئاسة الحكومة، وهذا حلم بعيد عن النائب الواحد، الذي فشل حتى في ظل غياب الممثل الأكبر للطائفة السنية في المنافسة.
لبنان الكبير