تضخيم الرهان على فرنجية: أين تكمن نقطة قوة هذا المرشّح الرئاسي؟
أين تكمن نقطة قوة المرشّح الرئاسي سليمان فرنجية وكيف يمكن القفز فوقها؟
الأسباب نفسها التي جعلت ترشيح رئيس “حركة الاستقلال” ميشال معوّض ” في مهب الريح” تدفع الى العناد في تعاطي كلّ من “الثنائي الشيعي” والخلية الدبلوماسيّة في الرئاسة الفرنسيّة، مع ترشيح رئيس “تيّار المردة” سليمان فرنجيّة!
أمور عدّة عابت ترشيح معوّض فرسّخت ترشيح فرنجيّة، ومنها: إظهار داعمي معوّض، منذ وقت مبكر، أنّهم منفتحون على “التخلّي عنه” في تسوية معقولة، قبل أن “يتفرفط” شملهم. افتقار القوى المناوئة لقرار “الثنائي الشيعي” الى وحدة متراصة ممّا جعلها، بنظر الداخل والخارج، عامل تعطيل وليس عامل إنتاج. شكوك في خلفيات انفصال “التيّار الوطني الحر” عن “حزب الله” بحيث ظهر كأنّه مجرد خلاف على المصالح، يمكن حلّه بتكبير حصة “التيّار” من “قالب الجبنة”، وليس خلافًا على المبادئ. إعطاء عدد وازن من النوّاب الإنطباع بأنّهم ليسوا أكثر من “ورقة بيضاء” يمكن للتوافق الإقليمي أن يكتب عليها ما يشاء، كقول بعضهم إنّهم، عندما ترفع المملكة العربية السعودية الفيتو عن المرشّح سليمان فرنجيّة يصبحون في عداد ناخبيه.
هذه العوامل وغيرها، ضخّمت الرهان على فرنجية الذي أصبح انتخابه، بالنسبة الى “الثنائي الشيعي” والرئاسة الفرنسيّة، مسألة وقت يمكن للظروف السياسيّة وللجهود الدبلوماسيّة أن تجعلها مبكرة أو متأخّرة.
وفي وقت يعمل “الثنائي الشيعي” على تطويع الداخل اللبناني، من خلال أدبيات “التهويل” و”النصح” و”الإرشاد” و”التنبيه” و”التحذير”، تواصل الرئاسة الفرنسية العمل على الخط السعودي تحت عنوان “الضمانات السياديّة والإنقاذيّة”، بشكل متزامن مع عمل مماثل تقوم به روسيا، وسط ملامح عن دور “صامت” دخلت به الصين على الخط.
رهان هذه الأطراف مجتمعة لا يقوم على دخول قوي للسعودية على الخط الرئاسي اللبناني، بل على إسقاطها، بطريقة واضحة لا لبس فيها، الفيتو عن مواصفات سليمان فرنجية، لأنّه، في هذه الحالة، سوف تتأمّن لمرشح “الثنائي الشيعي” الأغلبية المطلقة التي توصله الى الرئاسة، في وقت يمكن أن تتراجع فيه القوى الصديقة للسعوديّة، وسط ضغوط محليّة ودبلوماسيّة، عن تعطيل جلسة مجلس النواب الإنتخابيّة.
ولا يعتبر هؤلاء أنّ إعادة التموضع السعودي في النظرة الى الانتخابات الرئاسيّة في لبنان مستحيلة، لأنّ التفاهم السعودي-الإيراني والإنفتاح السعودي على النظام السوري، من شأنهما أن يؤثّرا على نظرة الرياض الى لبنان، لأنّ فرنجية يعكس في لبنان الرؤية الإيرانية-السوريّة، وبالتالي، فهو لا يعود “معاديًا” لها، إذا كانت المرجعيتان الإقليميتان اللتان يمثلهما أصبحتا صالحتين.
ماذا يعني كل ذلك؟
إنّ على القوى اللبنانيّة التي تصرّ على منع وصول فرنجية الى القصر الجمهوري، من جهة وتعمل لمنع إطالة أمد الشغور الرئاسي، من جهة ثانية، أي التي تعمل على إسقاط مرشحَيْ “الثنائي الشيعي” الحصريّيْن (فرنجية أو الفراغ)، عليها أن تثبت بأنّها صاحبة قرار في الانتخابات الرئاسيّة وليست مجرّد رجع صدى لقرار إقليمي.
حتى تاريخه، لم يقتنع أحد، لا بالداخل ولا بالخارج، باستقلاليّة عدد وازن من النوّاب اللبنانيّين، إذ إنّ الجميع على قناعة راسخة بأنّ هؤلاء ينتظرون “كلمة السر” الخارجيّة، الأمر الذي يجعلهم داعمين “احتياطيّين” في فريق سليمان فرنجية.
إنّ نسف خيار فرنجيّة لا يتطلّب، في الواقع، تراجعًا فرنسيًّا، عن تسويقه في إطار “سلّة متكاملة”، بل يقتضي جهدًا لبنانيًّا حقيقيًّا، يبيّن قدرة معارضي هذا الخيار على الإنتاج، بحيث يسرّعون، أوّلًا التوصّل الى تفاهم على مرشّح نهائي يمكن أن يحظى بقاعدة مماثلة للقاعدة التي تتوافر لفرنجية وتمتاز عنها بحصولها على أكبر دعم مسيحي ممكن، ويعلنون، ثانيًا، بشكل لا يحمل أيّ لبس، أنّ الأصدقاء الإقليميّين هم من يتأثّرون بقرارهم وليس العكس، وبالتالي فإنّ التفاهمات الإقليمية لن تجعلهم، بأي شكل من الأشكال، مجرّد رجع صدى.
هل هذا ممكن؟
قد يكون المطلوب صعب التحقيق نظرًا لطبيعة المكوّنات الهجينة لمعارضي خيار “الثنائي الشيعي”، ولكنّ التوصل إليه هو الحل الوحيد لقطع الطريق أمام فرنجيّة، من جهة والفراغ، من جهة أخرى!
فارس خشان- النهار العربي