هل يستمع باسيل الى نصيحة الرئيس بري: “خلينا يا جبران نتغير دائما نحو الأفضل”؟!
يُدرك رئيس التيار الوطني جبران باسيل أن الصفعة التي تلقاها بإجتماع حكومة تصريف الأعمال بنصاب مكتمل للمرة الأولى في 6 كانون الأول الفائت، قد ترجمت فعليا الخروج من السلطة وضعف النفوذ والتأثير، وفتحت الباب أمام سلسلة من الصفعات بدءا من توالي إجتماعات الحكومة بالرغم من معارضته وإتهامها بأنها غير ميثاقية وغير شرعية، مرورا بإعلان حزب الله تبني دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وصولا الى خروج عدد من نواب تكتل لبنان القوي على كثير من قراراته ما يوحي بإنقسام في التكتل ينسحب على التيار البرتقالي.
وما زاد الطين بلة، هو إضطرار باسيل على التراجع عن كل موافقه الرافضة لانعقاد جلسات التشريع بغياب رئيس الجمهورية وفي ظل حكومة فاقدة للشرعية، حيث حضر الجلسة النيابية التي عقدت الثلاثاء الفائت وشارك في تشريع تأجيل الانتخابات البلدية، وناقش الحكومة معترفا بوجودها وبالقرارات التي تتخذها، وهو سبق أن أثنى على القرار الذي إتخذته بما يخص التوقيت الصيفي، وطالب رئيسها قبل ذلك بتوقيع مرسوم التجنيس.
وإذا كان ذلك، يُظهر تناقضا وتخبطا في مواقف باسيل أو محاولة منه للتعاطي مع الحكومة على القطعة تحقيقا لمصالحه ومكاسبه الشخصية، فإن مشاركته في جلسة التشريع أكدت بما لا يقبل الشك خوفه من الاستحقاق البلدي ومن النتائج الصادمة التي يمكن أن تصدر عنه، وتأثيرها على مستقبله السياسي وطموحاته الرئاسية، خصوصا في ظل شعوره بحجم تراجع شعبيته بفعل خروجه من السلطة وعدم التوازن السياسي الذي يعيشه، والسلوك الانفعالي الذي يتعاطى به مع محيطه، وتجميد التحالف مع حزب الله الذي لطالما شكل له مظلة سياسية وداعما إنتخابيا.
هذا الواقع، دفع باسيل الى الاتجاه نحو اللغة الطائفية التي دخل فيها بمنافسة مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وترجمت بأسوأ صورها في أزمة التوقيت الصيفي وما سبقها من مواقف تجاه إجتماعات مجلس الوزراء وما تلاها من محاولات واضحة للنيل من موقع رئاسة الحكومة، فضلا عن الحرب التويترية الطائفية المفتوحة على كل من يخالف التيار الرأي.
لا شك في أن باسيل بدأ يشعر بالعزلة الحقيقية، فهو لا يتعاطى مع أي مكون مسيحي، حيث تشير المعلومات أن جعجع يرفض الاجتماع به وقد تم إبلاغه بهذا الأمر بشكل مباشر إنطلاقا من التجارب الفاشلة التي سبقت لا سيما تفاهم معراب الذي إنتهى الى مزيد من الاحتقان والحقد بين الطرفين، كما أنه ليس لديه حليف في المكون السني بل على العكس فإن مواقفه المتطرفة وحديثه عن “المتخلفين الرجعيين الذين يعتمدون التوقيت الشتوي” ومحاولاته الدائمة لاستهداف الرئيس نجيب ميقاتي قد ضاعف من مستوى الكراهية له في الساحة السنية، فضلا عن قطيعة مع المكون الدرزي، ومع حركة أمل، ومع تيار المردة، وجمود في العلاقة مع حزب الله الذي يبدو أيضا أنه إتخذ قرارا بوقف الدلال السياسي.
في غضون ذلك، تلاحظ مصادر متابعة أن باسيل يسير بخطى متسارعة نحو الانتحار السياسي، في حال إستمر على هذا النهج، وهو بدأ يسمع نصائح كثيرة بضرورة التروي وإجراء مراجعة لمواقفه والتغيير نحو الأفضل، وأبرزها كانت من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي عقّب على كلام باسيل الهادئ في الجلسة، قائلا: “خلينا يا جبران نتغير دائما نحو الأفضل”، فهل يستمع باسيل لهذه النصيحة ويعود الى رشده السياسي خصوصا أنه كسر بعضا من الجمود مع حزب الله ومكونات سياسية أخرى بالتحالف معهم في نقابة المهندسين؟!.