فرنسا في خندق واحد مع محور الممانع… وخط الرجعة !
وحدة الصيام لم تنعكس على العيد، وكأنّ فصل المسارين بموجب فضائل الاتفاق السعودي – الإيراني لم يستكمل بعد، لتنسحب التوافقات على ملفات وتطغى التباينات على أخرى، ووفق المقتضى.
فالحكمة تقضي المحافظة على خط الرجعة، لأن لا شيء يوحي بالثبات، والذين حذّرهم مرشح الممانعة سليمان فرنجية من أن يكونوا كـ”داعش” التي انتهى منطقها في الإقليم، ودعاهم إلى أن يدخلوا في التسوية المقبلة. لأنّهم في ظلّ هذه الوحدة سيخرجون من المولد بلا حمص، بدأوا يتلمّسون ذلك.
وكأن لا أمل بالتخلّص من منطق الطائفة لمصلحة منطق المواطنة… أو كأنّ الاستقواء هو المطلوب حتى تتغيّر المعطيات وتنقلب الآيات التي أعطت الغلبة لفريق على آخر.
أو لأنّ هذه المكوّنات الطائفية المتقوقعة في مربّعاتها، لا يمكنها الاستمرار من دون ارتهان للخارج وقراراته، فتبقى رهينة بورصة التفاؤل أو التشاؤم، كما شهدت الساحة السياسية مع إعلان المتحدّثة باسم الخارجية آن كلير لوجاندر “أنّ لا مرشّح رئاسيّاً لباريس في لبنان… وعلى اللبنانيين اختيار قادتهم”.
مع أن لوجاندر لم تخترع الذرة، لكن هذه “الردّة” كفيلة بإقلاق رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي كان قبل يوم واحد يتحدّث بملء الثقة عن أنه حاضر وقادر على “مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، والالتزام بصندوق النقد، وبعودة النازحين السوريين، ونسج علاقات جيّدة مع المحيط العربي، وتحديداً مع المملكة العربية السعودية، وذلك مقابل العفو عنه والسماح له بدخول قصر بعبدا، بعد إرجاء وتأخير لجولات واستحقاقات، ظنّ أنّها ستضع لقمة الرئاسة في فمه لينتزعها منه غيره”… لكون بذلك قد أدّى واجبه للعلا..
فالتّصريح الفرنسي أثار غموضاً انعكست مفاعيله سلباً على آكلي الجوّ الإعلامي، الذين حاولوا الإيحاء بأنّ وصول مرشّحهم أصبح تحصيلاً حاصلاً بمعزل عن الكتلتين المسيحيتين الأكبر، وإلا لما دعا فرنجية رافضيه إلى الحوار بأريحيّة القابض على النتائج الإيجابية لصالحه، ومن بكركي تحديداً، قبل أن تعود التساؤلات إلى الساحة، ليحتاج المراقب إلى التبصير والتنجيم حول أبعاد التصريح.
أو قد يُفَسَّر بأنّ موقف باريس جاء للمحافظة على خط الرجعة بشأن وجودها في خندق واحد مع محور الممانعة، ورأسه الإيراني تحديداً، ما دعاها إلى وضع حدّ حازم لتوظيف هذا الوجود في السباق الرئاسي اللبناني… أو أن ثمة عوامل خفية تشي بأنّ عدم تمسّك باريس بفرنجية لا يعني تخلّيها عنه، ولكنّها تحاول المسايرة من خلال تغيير الأولويات، ليصار بعد التكتيك إلى إسقاط المواصفات عليه تحديداً… وفي اللحظة المناسبة.
ولعلّ الشركاء الأربعة الآخرين ضمن خماسيّ الدول المهتمة والمتابعة للأزمة الرئاسية اللبنانية، وهم الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، قد لفتوا نظر شريكهم الخامس الفرنسي، بأنّ الانحياز العلني للمحور الممانع على خلفية الاتفاق السعودي – الإيراني، هو نوع من التسرّع غير الحميد.
لذا، لا لزوم لهذه التوظيفات السياسية الضخمة بغية الحصول على الاستثمارات الإقتصادية المأمولة، بما يؤشّر إلى بيع جلد الدب قبل اصطياده. أيضاً لا لزوم للتورّط في الالتزام بمرشّح “حزب الله” إلى هذه الدرجة وإفساح المجال أمام المصطادين في الماء العكر بالتعكير على “المبادرة الفرنسية”.
ويبقى الترقّب سيّد الموقف، وفي غمرة الأعياد بالجملة، يصرّ الممانعون المدمنون على الأعياد المُفَرَّق بغية التمايز ونشر التفرقة على خطّ الرجعة، لكن لا ثوابت نهائية في بورصة المصالح.. وليس مستبعداً أن يُصدر هؤلاء الممانعون بياناً يدعون فيه الأرثوذكس والموارنة لتوحيد أعيادهم المباركة أسوة بشركائهم في الوطن… إذا ما تمّ تصفير التباينات لمصلحة القبول السعودي بمرشحهم… فيفطر الجميع على صفقة لمصلحة اللاعبين الكبار على حساب الملحقين بطوائفهم..
سناء الجاك- نداء الوطن