اولويتان سعوديتان لم تتحققا بعد…ومصير الاتفاق على المحك!
اولويتان تتصدران قائمة اهتمامات المملكة العربية السعودية قبل وابان وبعد توقيع اتفاق بكين مع الجمهورية الاسلامية، كونهما يزيلان ابرز معوقات تحقيق رؤية 2030 التي يضعها ولي العهد محمد بن سلمان هدفا نصب عينيه. وقف الخطر الامني المتربص بالبلاد من الدولة الجارة التي نحرها الحوثيون بتمردهم وقد امتد من الداخل اليمني الى العمق السعودي باستهداف المنشآت النفطية وغيرها من المرافق الحيوية في البلاد، ووضع حد لتصدير الكبتاغون من دمشق الى الرياض بعدما بات عملة رائجة لا تحدّ منها قرارات حكومية ولا اجراءات امنية ، في ضوء ابتكارات المهربين التي لم تعدم وسيلة الا واستخدمتها لتهريب المخدرات الى المملكة، كونها تجني عن طريقها ارباحا خيالية بفعل القدرة الشرائية المرتفعة لمستخدمي المادة هناك.
في ما خص الخاصرة الرخوة للمملكة ، اليمن، تشير المعطيات الميدانية والمواقف الصادرة من اكثر من جهة ان الارجحية تنحو نحو ارساء التسوية من ضمن ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تحوُّلات جيوسياسية جديدة، تصُبّ في صالح انتقالها إلى مرحلة مغايرة عنوانها تحقيق الأمن وإحلال السلام بدل الصراع المُنهِك للبلاد، اذ تشهد الساحة اليمنية تطورات سياسية جديدة قد تُفضي إلى مفاوضات شاملة لتسوية الأزمة الممتدَّة منذ نحو ثماني سنوات، على خلفية تعدُّد مسارات التفاوض ما بين الوساطة العُمانية والجهود الأُممية بين أطراف الصراع المباشرين ،الحوثيون في صنعاء ومجلس القيادة والحكومة اليمنية في عدن، وبين اللاعبين الرئيسيين والمؤثِّرين في الأزمة اليمنية، السعودية وإيران.
مصادر دبلوماسية عربية تقول لـ”المركزية” ان ثمة تحدِّيات وعراقيل داخلية وخارجية ما زالت تكمن أمام الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الأزمة في اليمن يتمثل ابرزها في استمرار تعنت الحوثيين وبروز تيار متطرف بين جماعة الحوثي اضافة الى خلافات على مستوى القيادة داخل التنظيم حول تفاصيل الاتفاق المتعلِّق بتسوية الأزمة اليمنية.وبناء عليه، يمكن ان تفضي الامور الى واحد من بين ثلاثة سيناريوهات، اما انخفاض حدّة الأزمة والدخول في مفاوضات تمهد لتسوية شاملة، وهو ما تضغط في اتجاهه السعودية والدول الوسيطة، بحيث تنتهي بالتوصُّل إلى حل شامل يرضي الجميع ويتِم بموجبه تشكيل حكومة تشمل جميع الأطراف. واما بقاء الوضع على حاله، اي سيطرة الحوثيين على صنعاء، والحكومة الشرعية على عدن واستمرار التدافع بين الطرفين، في ما لو أخلت إيران والحوثيون بتعهداتهم تجاه تسوية الأزمة. وثالث السيناريوهات وهو الاسوأ ، فشل التسوية واستمرار الصراع وتدحرجه نحو حرب طويلة الامد، ما يعيد الاوضاع الى نقطة الصفر ويهدد اتفاق بكين.
هذا يمنياً، اما سوريا فليست الامور في حال افضل، على رغم الاندفاعة العربية في اتجاه دمشق وزيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان للرئيس الاسد امس. ذلك ان الشرط الاساس الذي تضعه المملكة على نظام الاسد مقابل اعادته الى الجامعة العربية لم يتحقق بعد وليس ما يشي بامكان تحقيقه قريبا، ويتمثل بوقف ضخ الكبتاغون الى السعودية، اذ أن ثمانين في المئة من تلك التجارة مركزها سوريا التي تحولت الى دولة مخدرات، وقد بات المنتج هذا، وفق ما تؤكد مصادر امنية، أبرز صادرات النظام، ويعود عليه بأرباح تفوق حجم ميزانية الدولة بثلاثة اضعاف، يستفيد منه الرئيس بشار الأسد ودائرون في فلكه وشبكة تجار الحرب، وتتورط فيه أجهزة أمنية وعسكرية سورية عدة يتردد ان أبرزها الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، اضافة الى عدد من اذرع ايران العسكرية المنتشرة في سوريا لا سيما على الحدود. وتقدر الارباح التي تدرها تجارة الكبتاغون على النظام السوري بما يفوق تسعة مليارات دولار ونيف، بحيث باتت دمشق مركزاً أساسياً لشبكة تمتد إلى لبنان والعراق وتركيا وصولاً إلى دول الخليج مروراً بدول إفريقية وأوروبية، وتشكل السعودية السوق الأول للكبتاغون.
تبعا لذلك، تعتبر المصادر ان الرئيس الاسد ما دام لم يف بوعده ، وقف تصدير الكبتاغون الى المملكة ، فلا عودة لسوريا الى الحضن العربي ولا مشاركة في قمة ايار في الرياض، خصوصا ان الحركة العربية في الاتجاه هذا لا تلقى استحسانا ولا اصداء ايجابية في المقلب الاميركي.وتختم: ان لم تصل الازمة اليمنية الى محطة الحل السلمي ولم توقف سوريا تصدير الكبتاغون الى الخليج، فإن مصير اتفاق بكين سيكون برمته على المحك، وفتح السفارات وتبادل الزيارات سينتهي كما بدأ.
المركزية