مساعي بهاء الحريري لقيادة السنة في لبنان لا تنتهي : التحضير لتأسيس تيار سياسي!

لا يحظى بهاء الحريري بشعبية داخل المكون السني في لبنان حيث يراه قادته غير مؤهل لخلافة شقيقه سعد الحريري. ولا يزال بهاء يطمح للبس عباءة زعامة السنة رغم فشله في الانتخابات التشريعية في مايو الماضي.

ترفع دعوة راعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر المارونيّة المطران حنا رحمة بهاء الحريري إلى قيادة الشارع السني الذي يشكو فراغا في القيادة بعد انسحاب رئيس تيار المستقبل سعد الحريري من الحياة السياسية، الغطاء عن مساع يقودها بهاء لخلافة أخيه سعد رغم رفض شرائح كبيرة من السنة لقيادته.

وقال رحمة إنّ “من الضروري تولّي بهاء الحريري، الابن البكر لرفيق الحريري والشّقيق الأكبر لسعد الحريري، قيادة الشارع السني، وذلك انطلاقا من مؤهلاته وقدراته في إعادة تجميع الطائفة السنية الكريمة، لكون غالبيتها تسبح في ضمير ووجدان المدرسة الحريرية الوطنية، وفي كماليّة مشروعها ببناء لبنان الرسالة والنموذج، لبنان الواحد والموحّد بمسلميه ومسيحييه، والذي من أجله اغتيل رفيق الحريري وقبله بشير الجميل وكمال جنبلاط والمفتي خالد وغُيّب الإمام الصّدر”.

وشرع بهاء مؤخرا في خطوات عملية جديدة لتحسين أدائه السياسي بعد نكسة الانتخابات البرلمانية لعام 2022، والتي كان يطمح من خلالها للبس عباءة زعامة السنة. وبدأ بهاء، النجل الأكبر لرئيس وزراء لبنان الأسبق، رفيق الحريري، محاولاته لملء الفراغ الكبير في التمثيل السياسي للسنة في لبنان، عقب اعتزال أخيه سعد الحياة السياسية منذ الرابع والعشرين من يناير 2022 الذي تولى رئاسة الحكومة ثلاث مرات.

لكن الملياردير ورجل الأعمال البارز بهاء يفتقر لقاعدة شعبية في الأوساط السنية، ولذلك هو مصر على محاولة تجريب حظه مرة ثانية بعد خسارة القوائم الانتخابية التي مولها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. لكن عودته لتفعيل حضوره على الساحة السياسية اللبنانية هذه المرة جاءت عبر برنامج عمل يستمد نهجه من “رفيق” وفيه تشديد على الشراكة الإسلامية المسيحية، وفق بيان أصدره مكتبه الإعلامي في الخامس والعشرين من مارس 2023.

وشمل البرنامج ست خطط للإصلاح الاقتصادي، والإصلاح القضائي، والإصلاح الدستوري والدفاع الوطني وإستراتيجية مكافحة الفساد، والإصلاح الصحي. وحدد الحريري “الأولويات الفورية، وركز على تنفيذ اتفاق الطائف بالكامل”، مشددا على “الحلّ الشامل للأزمة اللبنانية”، كما قرر الحريري تعيين “ثلاث لجان: الأولى اجتماعية والثانية للتواصل والعلاقات العامة والثالثة إعلامية”.

وقبل ذلك عقد بهاء في فندق راديسون في لارنكا القبرصية، العديد من اللقاءات مع وفد لبناني مكوّن من 200 شخص، ينتمون إلى الطائفة السنية حصرا ومن مناطق لبنانية مختلفة. ولا يقتصر أعضاء هذا الوفد على مفتي المناطق، بل يحضر أيضا رؤساء بلديات كخالد الدهيبي (رئيس بلدية ديرعمار)، وفادي الخير (من فعاليات المنية)، وغيرهم من الأطباء والمهندسين والمحامين ومحاضرين جامعيين ورجال الأعمال، بإجمالي 200 شخص، 15 منهم من مدينة طرابلس.

وجاء مضمون اللقاءات تحت شعار مساعدة اللبنانيين والمؤسسات واستكمال مسيرة الرئيس رفيق الحريري، لكن بخطة جديدة سيتم العمل عليها خلال الفترة المقبلة. وكشف بعض ملامح الخطة أحد المشاركين في اللقاء الطبيب نزار قاضي، حينما قال إن الخطة ستكون “بالتعاون مع الطرف الثاني في هذا البلد، وهو المسيحيون”، ومع من وصفهم بـ”الطيبين المعتدلين”.

وذكرت مصادر لبنانية أن تحركات بهاء تهدف في نهاية المطاف إلى تشكيل تيار سياسي لتزعم الساحة السنية تحت عنوان “مناهضة حزب الله”. ويقول القاضي اللبناني خلدون عريمط إن “ما يقوم به بهاء الحريري في الماضي والحاضر لا يعدو كونه ولدنة بالعمل السياسي”، مؤكدا أن “بهاء الحريري بحاجة إلى تأهيل، لأن قيمته تكمن فقط في أنه ابن الرئيس رفيق الحريري”.

ويشير مراقبون إلى أن العقبة الأهم التي تواجه بهاء هي أنصار شقيقه سعد الذي يحظى بشعبية كبيرة في لبنان، وهو يريد أن يقدم نفسه بديلا عنه، مستغلا عزوف أخيه عن العمل السياسي منذ استقالته عام 2020 إثر احتجاجات شعبية ضخمة على الأوضاع الاقتصادية المتردية والفساد الحكومي. ويرى الكاتب اللبناني أحمد الأيوبي أن “مؤيدي سعد الحريري (52 عاما) يرون أنه مازال يحتفظ بشرعية تمثيل السنة، رغم خروجه من العمل السياسي، وأن أي محاولة لتعبئة الفراغ هي طعنة غدر ومحاولة انقلاب”.

وأضاف الأيوبي “يؤكدون أن سعد كان محقا في تعليقه للعمل السياسي، لأن البلد واقع تحت سيطرة حزب الله ويستحيل الوصول إلى حلول في هذه الحال”. ولطالما تحدث بهاء عن “احتلال” إيراني للبنان وقراره خوض معركة “استرداد الوطن وسيادته من محتلي هذه السيادة”.

وخلال زيارة بهاء إلى واشنطن في العاشر من ديسمبر 2021، اُستقبل في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والكونغرس. وروج لمشروعه الخاص بلبنان وإثارة الأجواء ضد حزب الله المدعوم من إيران، وينظر إليه على أنه يمتلك سلاحا “غير شرعي” يختطف به السلطة. ويرى مراقبون أن بهاء لم يلق الحضن الخليجي الذي أراده، رغم رفعه سقف المواقف ضد حزب الله، وتنسيقه الدائم مع صقور المستقبل الخارجين عن التيار.

العرب

مقالات ذات صلة