اجتماع جدة.. لا عودة لدمشق ولا عودة عنها

اختتم وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن اجتماعهم التشاوري بتوافقٍ جمع بين القبول بعودة العلاقات العربية الفردية مع دمشق وتأجيل عودتها إلى الجامعة العربية، ريثما تتمكن من تلبية بعض المتطلبات التي اعتبرها عدد من الوزراء المشاركين بأنها ملحة إلى درجة لا تسمح بتجاهلها، ومن بينها مسألة عودة اللاجئين وضمان أمنهم.

وتقول مصادر مطلعة إن الحوارات الجانبية التي أجراها بعض الوزراء، قالت إنه من غير المعقول أن تعود دمشق إلى الجامعة العربية من قبل أن يعود الملايين من اللاجئين السوريين إلى بلدهم لتبقى البلدان التي تستضيفهم هي التي تتحمل العبء.

وتضيف هذه المصادر أن هناك توافقا ضمنيا كان هو الذي طغى على أجواء الاجتماع ويرى بأن عودة العلاقات بين العواصم العربية وبين دمشق يعد أمرا سياديا لكل منها، وهي مفيدة لأسباب إنسانية وسياسية لأنها تفتح أبوابا لدمشق لإعادة التكيف مع بيئة العلاقات العربية، وتوفر مداخل لتسوية سياسية للأزمة، إلا أن العودة إلى الجامعة لا يجب أن تبدو وكأن شيئا لم يكن، بينما هناك الملايين من السوريين الذين لا يجدون سبيلا لاستئناف حياتهم الطبيعية في بلدهم.

وعلى هذا الأساس فإن الاجتماع التشاوري انتهى إلى ما يشبه القول إنه لا عودة لدمشق إلى الجامعة العربية، ولكن لا عودة عن استئناف العلاقات الثنائية معها في آن واحد.

وقال بيان للخارجية السعودية عن الاجتماع التشاوري إن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية. وشدد على “أهمّية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة، ووضع الآليّات اللازمة لهذا الدور، وتكثيف التشاور بين الدول العربيّة بما يكفل نجاح هذه الجهود”.

وبحسب البيان فقد “اتّفق الوزراء على أهمّية حل الأزمة الإنسانيّة، وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات إلى جميع المناطق في سوريا، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريّين إلى مناطقهم، وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم، واتّخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كامل الأراضي السوريّة”.

وكانت الرياض استقبلت وزير الخارجية السوري فيصل المقداد عشية انعقاد الاجتماع، لأجل أن تضعه في بيئة القناعات التي تم التداول فيها، بشأن ما إذا كان يمكن إنهاء المقاطعة مع دمشق على الوجهين معا، المتعلق بالعلاقات الثنائية من جهة، والمتعلق بالعودة إلى مؤسسة الجامعة العربية، من جهة أخرى.

وأكد البيان المشترك عن الاجتماع على أهمية حل الصعوبات الإنسانية بسوريا، وإيجاد الوسائل المناسبة لإيصال المساعدات الإنسانية. كما أكد على دعم الدولة السورية لبسط سيطرتها وإنهاء تواجد الميليشيات المسلحة، وكذلك تعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب المخدرات.

واتفق الجانبان على أهمية حل الصعوبات الإنسانية، وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات إلى جميع المناطق في سوريا، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم، وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم، واتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كامل الأراضي السورية.

كما اتفقا على أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة سوريا، وأمنها، واستقرارها، وهويتها العربية، وسلامة أراضيها، والخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها، وتحقق المصالحة الوطنية، وتساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي.

ولاحظ المراقبون أن هذه القضايا هي نفسها التي شكلت أساسا لنتائج الاجتماع التشاوري، وهو ما يعني أن دمشق باتت على دراية مسبقة بما كان يتطلع إليه الوزراء المشاركون في الاجتماع.

وبينما تستعد الرياض لاستقبال انعقاد القمة العربية في 19 مايو المقبل، فإن مقررات الاجتماع التشاوري أوحت بأن الرئيس السوري بشار الأسد قد لا يُدعى إلى المشاركة في القمة، ولكن دمشق لن تكون غائبة عنها من خلال مستوى مشاركة أدنى.

وشهدت العلاقات الثنائية مع دمشق انفتاحا ملموسا دشنته الإمارات قبل أن تأخذ به السعودية ومصر وتونس والعراق والأردن، حيث أصبحت زيارات كبار المسؤولين ولقاءاتهم مع الأسد، جزءا من مشهد سياسي جديد، يسعى إلى وقف تداعيات الأزمة الإنسانية على الأقل ويشق الطريق لبناء أرضية لتسوية سياسية تحفظ لسوريا أمنها ووحدتها وسيادتها.

وكانت أبوظبي وسلطنة عمان استقبلتا الأسد، مع اكتساب التطبيع زخما في أماكن أخرى بالمنطقة في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا.

وقالت السعودية إن هناك حاجة إلى نهج جديد مع دمشق. واتفق البلدان على إعادة فتح السفارتين بينهما. غير أن التطبيع مع سوريا على نطاق أوسع لا يزال مسألة حساسة لعدد من البلدان.

وكان الأردن اقترح تشكيل مجموعة عربية مشتركة “تتعامل مع الحكومة السورية مباشرة بشأن خطة مفصلة لإنهاء الصراع”. وذلك على أساس اتباع نهج “خطوة بخطوة” في إنهاء الأزمة والسماح في نهاية المطاف لسوريا بالعودة إلى جامعة الدول العربية.

ويقول مراقبون إن الأسد لم يكن بعيدا عن المقترحات الأردنية، لأن وزير الخارجية أيمن الصفدي طرحها عليه خلال لقائهما في دمشق في فبراير الماضي.

وفي النهاية فقد تضمن البيان الختامي للاجتماع التشاوري الأفكار نفسها التي تم البحث فيها على المستويين الثنائي وفي المشاورات الجانبية بين الوزراء المشاركين في الاجتماع، وهي تؤكد الخلاصة ذاتها بأنه لا عودة عن تطبيع العلاقات مع دمشق ولكن لا عودة سريعة لها إلى الجامعة العربية.

العرب

مقالات ذات صلة