تنزيلات على المعنويات: إقفال مؤقت لتعاونياتهم للتجديد… وخدمة الزبائن بشكل أفضل!
كم عدد اللبنانيين الذين يضعون على رأس قائمة أولوياتهم “الصراع مع الاحتلال الصهيوني ومشاريع الهيمنة الأميركية”؟ ما هي النسبة المتوقّعة من الذين يفضّلون مواجهة المؤامرة بالصمود والتصدّي عوضاً عن مواجهة أزماتهم المعيشية؟؟
وكم عدد اللبنانيين الذين يتساءلون بقلق عن سبب انسداد أفق الإنقاذ في وطنهم على الرغم من الاتفاق السعودي – الإيراني ونتائجه المنظورة في اليمن، والتقارب العربي مع النظام السوري الذي يفترض أن يُكَلَّل بعودته إلى الجامعة العربية، وأن تستعيد الشقيقة دورها العربي، وكأنّ كل ما كان لم يحصل؟؟
لم تحصل مصادرة السيادة اللبنانية والمشاركة في صفقات الفساد، حتى بات يصعب إحصاء عدد سيارات المرسيدس المهداة إلى حاكم عنجر… لم تحصل الاغتيالات.. لم تحصل جريمة إبادة الشعب السوري وتهجيره وتحويله قنبلة موقوتة في بلادنا… لم تحصل الأرقام القياسية الناتجة عن وحدة المسار في تصنيع المخدرات والمتاجرة بها…
ما حصل هو دعوة فريق الممانعة القوى السياسية المتمنّعة حتى تاريخه، إلى إعادة العلاقات حتى لا يفوتنا القطار، ونخرج من المعادلة، التي لا يتجاوز وجودنا فيها دور ورقة يستخدمها الآخرون لتحسين مكتسباتهم.
المقارنة تجوز شرعاً، لا سيما عندما نضع الإصبع على السبب الحقيقي لتعطيل الانتخابات البلدية والاختيارية. وهذا السبب هو الخوف من الخسارة لدى الفريق الذي يقود ويخوض موقعة التعطيل بأدوات كاسحة ماسحة للمنطق والدستور والقوانين.
هو الخوف من مختار أو رئيس بلدية في أصغر قرية قد يفوز لأنه متمرّد على قوى الأمر الواقع التي تتحكّم بمفاصل الحياة في قريته، فيكسر هيبتها ويقوِّض سلطتها.
هو الخوف الذي يستدعي خطاب “نهاية القطب الواحد” في المجتمع الدولي وتكريسه في كل لبنان.
وهو ما يستدعي تخصيص رفوف كاملة في تعاونيات “الطوائف” لبيع الرعايا معنويات تكاد تنتهي صلاحية استخدامها، وبأسعار متهاودة.
لم تعد تنفع المكابرة ومحاولات شدّ العصب والاستخفاف المفتعل بالعدو الإسرائيلي من خلال زيارات ميدانية معلبة إلى موقع سقوط صاروخٍ صهيوني.. والسخرية من الجبناء الخائفين الذين ينزلون إلى الملاجئ المحصّنة عند أول طلقة..
لم تعد تنفع محاولات الإلهاء عن واقع العجز عن تأمين الحدّ الأدنى من متطلبات الحياة العادية الخالية من الطوارئ، إلا عبر مساعدات عينية من هنا وهناك.
لم يعد ينفع التبشير بالتداعيات الإيجابية المنبثقة من “الاتفاق السعودي والإيراني” “لمواجهة التمزّق في أمّتنا”، في حين أن “محور المقاومة” اشتغل ليلاً ونهاراً، وسرّاً وجهاراً لتمزيق أوصال أمّتنا هذه، وحماية الفساد مقابل مصادرة السيادة.
الخائفون من نتائج انتخابات بلدية واختيارية قد تكرر تجربة الانتخابات النيابية، اتفقوا على تطييرها، رسموا السيناريو ووزّعوا الأدوار ووكّلوا الإخراج إلى المايسترو الجديد الذي بدأت نجوميته تسطع، لمهارته في تولي المهام القذرة وببراعة تجعلنا على يقين انه اكتسب مهاراته هذه منذ كان فتى غريراً يتفتّح على ألف باء الشطارة على الطريقة اللبنانية.
والعاجزون عن فرض رئيس بعينه لأن نتائج هذه الانتخابات حالت دون ذلك، أجبن من أن يعيدوا التجربة، لذا عمدوا إلى تعطيل عمل مجلس النواب، إلا حيث تدعو حاجتهم إلى ذلك، ليتمكّنوا من الهروب إلى الأمام.
ها هم ينتظرون على قارعة التطورات الإقليمية ليحدّدوا موقعهم المرتقب في المعادلات الجديدة. وفي الانتظار يُكَبِّرون حجم مكاسبهم الوهمية من التطورات الإقليمية، ويغدقون الوعود بأن الفرج لا بد آت بفضل صمودهم.. يتصرّفون وكأنّهم ينادون على آخر بضاعة لديهم.. ويعرضون تنزيلات على المعنويات لشراء أمان وهمي كبطولاتهم وانتصاراتهم.. بعدها، وحتى لا يعلنوا إفلاسهم قد يعلنون عن إقفال موقت لتعاونياتهم للتجديد، وخدمة الزبائن بشكل أفضل.
سناء الجاك