في لبنان: 7% من المراهقين يُعانون من «التقزّم»!

يظهر التقزم عند المراهقين في مراحل حديثة من العمر. ولكن منذ حوالى ثلاث سنوات، أي مع بداية الازمة الاقتصادية في لبنان، طرأ تغيير على طبيعة الغذاء لدى العائلات، لتتكشّف الأرقام الكبيرة بسرعة فائقة عند هذه الفئة العمرية، أي ما بين الـ 10 و19 عاما، لان النمو في هذه المرحلة يكون سريعا جدا، كما ان متطلبات البلوغ مرتفعة على الجسم، والخطر جسيم على صحة هؤلاء، خاصة الفتيات.

وفي هذا السياق، أكدت خبيرة التغذية في المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتورة مهى حطيط لـ «الديار» ان التقزم «يتضح في اول 1000 يوم من عمر الطفل وحتى السنتين، وفي حال لم يتمكن الاهل من تقديم العلاج السريع له، فهذا الامر سيترك آثارا سلبية بارزة، بحيث يكون الطول لا يتناسب مع العمر، وهذا الامر يختلف ما بين الذكور والاناث»، وشددت على «ان امورا ثلاثة تؤدي دورا مهما في مراقبة عملية التقدم للأطفال، وهي:

– أولا: يجب الكشف المبكر والمتواصل في ما يتعلق بعوامل النمو، اذ من غير المنطقي عدم زيارة الطبيب الا مرة كل 3 سنوات لنقيس الحالة على ما يسمى «المنحنى»، ومعرفة كيف يتطور الطفل، وهل يتلاءم الطول بالنسبة للوزن والعمر..

– ثانيا: الممارسات الغذائية الصائبة.

– ثالثا: الرياضة للأطفال والمحافظة على وزن صحي سليم. على سبيل المثال: في حال كانت الاناث تعانين من البدانة في بلوغهن يأتي في وقت مبكر، على عكس الذكور إذا كان لديهم سمنة فأن نضجهم يحصل متأخراً.

وشددت حطيط على «ان الممارسات الغذائية الصحية الى جانب مزاولة الرياضة من العوامل الأساسية لتفادي كل العقبات»، مشيرة «الى ان الحمل عند الفتيات والمراهقات بسبب الزواج المبكر ينتج منه تقزم الأمهات والطفل معا الى جانب سوء التغذية».

دراسات

وقالت حطيط «ان المجلس الوطني قام بدراسة بحثية مرجعية تناولت جميع المحافظات في لبنان لمعرفة المشكلة على مستوى الوطن، والنتائج بيّنت رقما مضاعفاً عالميا»، أضافت: «للأسف لا يمكننا مقارنته في لبنان، لان هذه الدراسة تجرى للمرة الأولى فيه. اما النتائج فأتت على الشكل الاتي: 7% من الحالات عند المراهقين لديهم تقزم، 5% يعانون من وزن قليل جدا، وإذا قمنا بجمع 5 و7 تكون النتيجة 12% من الأطفال يقاسون إما التقزم او سوء التغذية الذي يترافق مع وزن منخفض جدا».

واكدت «ان معدل زيادة الوزن مرتفعة بنسبة 22,2% لتتوازى هذه النسبة مع ارتفاع المصابين بفقر الدم بمعدلات كبيرة جدا»، وتابعت «إذا قارنا هذه الحصيلة مع البلدان الأخرى، نجد ان 17% من الأشخاص الذين رأيناهم مصابون بفقر الدم»، واشارت الى «اننا وجدنا 70% من عائلات هؤلاء وهي نسبة قريبة من المعدل الذي عايناه في دراسة سابقة، ولكن عند الفئات الأكثر تقدما في العمر يفتقدون الامن الغذائي، و40% منهم يعانون من انعدام التنوع في الطعام».

وتحدثت حطيط عن استمارة تمت تعبئتها لمعرفة مدى اضمحلال الامن الغذائي خاصة عند المراهقين، و»النتيجة كانت أكثر من النصف أي 54% يتألمون من عدم وجوده، بغض النظر عن وضع عائلاتهم الاقتصادي والمعيشي».

افساد الهرم الغذائي

وتطرقت حطيط الى دراسة أجراها المجلس الوطني للبحوث تناولت ترتيب المأكولات التي يأكلها الناشئون خلال الأسبوع، فكانت على الشكل الاتي: المرتبة الأولى: للنشويات والكربوهيدرات. الثانية: الحشائش والخضراوات. الثالثة: البطاطا والشمندر. الرابعة: الحلويات. الخامسة: الفاكهة. السادسة: الزعتر والبهارات. السابعة: الزيوت والدهون. الثامنة: الحليب ومشتقاته، ولكن بمعدل قليل جدا. التاسعة: البيض والحبوب ثم اللحوم والدجاج، ليحتل السمك المرتبة الأخيرة». وأشارت الى ان «هذا الهرم يشمل المراهقين من عمر 10 – 19 عاما، ويمكننا القول ان هناك تقويضا وتدميرا للهرم الغذائي لدى هذه الفئة العمرية».

نصائح

ودعت حطيط «الى التفكير في طبيعة الأطعمة التي يجب تقديمها لحديثي العمر، وخاصة العائلات التي لديها أطفال ما بين عمر 10 وحتى 19 سنة، وحتى من هم تحت العشر سنوات، بحيث يمكن تقسيم وجباتهم على النحو الاتي: الحبوب 4 مرات في الأسبوع، وتضم الفريك والعدس والحمّص والفول، ومرتين في الأسبوع دجاج، ومرتين في الشهر لحوم حمراء، كما يمكن تناول السمك مرة في الشهر، الى جانب اكل الخضر والفاكهة بشكل يومي بمعدل ثلاث حصص، وتمرير البيض لمرة او مرتين أسبوعيا».

وعن النشويات قالت: «تكون قائمة على المائدة، وتضم الخبز وحتى المعكرونة على الا تؤكل أكثر من 3 مرات في الأسبوع هذا لجهة الأطعمة، والأساس يكمن في الممارسات الغذائية الحكيمة والقيام بالتمارين الرياضية لليافعين والمحافظة على وزن سليم».

حلول

وقالت حطيط «قلّما تكون تسوية الشعوب كافية لتفادي الازمات، والشّدّة تنطلق من اتفاقية تبادر بها الحكومة والوزارات، وقضية إيجاد فرج جذري في ما يتعلق بالتقزم اعتقد انه بيد الدولة، فقد قمنا بأكثر من مداخلة عن تدعيم المأكولات التي يتناولها الأولاد بشكل دائم بما في ذلك العائلات، وجرى الحديث عن هذه القضايا جميعها. الا انه وللأسف منذ العام 1997 وحتى اليوم الحلول غائبة، ولا يوجد قبول لأي نقاش يتقدم الباحثون به للحكومة لخلق تفاهم لموضوع تدعيم المأكولات».

وتابعت « فعليا تقدّمنا بدراسات أجريت على مدى سنوات في بلد يعاني شعبه من التقزم وسوء التغذية، وأظهرنا بالبراهين والدلائل والإثباتات التي توثق وتؤكد صحة ما نقوله، والتي كشفت عن تحسّن معدل فقر الدم، وتراجع نسبة التقزم عند الأطفال ما دون 5 سنوات، كما تراجع في الفئات العمرية الأخرى، ومع كل ما تم عرضه يبقى قرار التدعيم عالقا بأدراج مجلس الوزراء بانتظار ايجاد استراتيجية مربحة لهم او ذات سياسة معينة تتلاءم واياهم».

توصيات

وشددت على انه «من المهم كبلد العمل على الاكتفاء الذاتي، وبناء القدرة على الصمود للتكيّف والتعافي من خلال وضع خطط عمليّة للحد من الانهيار للعملة الوطنية، وتعافي المحلات المحلية والصناعات الداخلية».

وختمت حطيط «يجب ان يكون هناك سلسلة من المساعدات التي من المحتمل ان تغطي الاحتياجات مع الوقت، والعمل على دعم أصحاب المهارات الصغيرة، وصغار المزارعين، الى جانب تعزيز قدرات البلدان، وارباب المصالح المحليين لتحقيق دعم الامن الغذائي، باعتباره من القضايا التي تعد الأخطر وسببا رئيسيا لتدهور صحة المواطنين في حال انعدامه».

الديار

مقالات ذات صلة