صندوق عن صندوق “بيفرُق”: »عمرٌ جديد» كُتِب للمنظومة.. ولكن إلى متى؟

السلطة عموماً لا تُحبّ «صندوق الديموقراطية»، سواء أكان رئاسياً أو نيابياً أو بلدياً أو اختيارياً. لا تحبّ الصناديق التي لا تستطيع التحكّم بأوراقها والأسماء الموضوعة فيها. تحبّ السلطة نوعاً آخر من الصناديق وتحديداً تلك التي استُحدِثَت «على ضفاف» الوزارات التي فيها مال وخدمات، من الجنوب إلى الجبل إلى تعويضات «سوليدير».

الانتخابات البلدية والاختيارية، واحدة من الاستحقاقات التي لا تحبّها السلطة، الهانئة في مقاعدها وفي ما هي عليه، فلماذا إزعاجها باختبار ديموقراطي لن يأتي بالتأكيد لمصلحتها؟

ليس هناك من مدينة أو بلدة أو قرية أو حتى دسكرة، تبدو السلطة مرتاحة فيها لتجرؤ على إجراء الإنتخابات البلدية والاختيارية، فلماذا المخاطرة في ما تبقّى لديها من رصيد؟

يجري الحديث عن تأجيل لأربعة أشهر، بالتأكيد لا تجري السلطة الانتخابات في عزّ فصل السياحة والإصطياف، ولا في شهر العودة إلى المدارس في أيلول، والشتاء ليس الوقت المناسب لإجراء الانتخابات، ألم تُقذَف الانتخابات النيابية السنة الفائتة من آذار إلى أيار بذريعة الطقس؟

تُخطئ السلطة في الإرجاء، فهي وإنْ أرجأت الانتخابات، فهذا لا يغيِّر في موازين القوى شيئاً، فمَن يعتقد بأنّ النتائج التي يمكن أن تتحقّق في أيار، فيما لو جرت الانتخابات، ستتغيَّر في الموعد الذي ستتحدّد فيه الانتخابات لاحقاً، هو واهمٌ، فالأوضاع في القرى والبلدات في حال نقمةٍ عارمة. وللتذكير، فإن آخر انتخابات بلدية واختيارية جرت في أيار 2016، أي في فترة الشغور الرئاسي، وكانت الأحزاب والتيارات، آنذاك، في حال شدّ العصب.

جاء الاختبار الأول للصناديق في الانتخابات النيابية السنة الفائتة، بدا واضحاً أنّ ثورة 17 تشرين أثَّرت بشكلٍ أو بآخر، وجاءت نتائجها، وإنْ المتواضعة، لتدقّ ناقوس الخطر لدى السلطة، لكن ما كُتِب كان قد كُتِب، وتجرَّعت السلطة كأس»نصف الهزيمة».

اليوم، ما استطاعت السلطة الحفاظ عليه بعد الانتخابات النيابية، لا تريد أن تخسره في الانتخابات البلدية والاختيارية، والإرجاء، من وجهة نظرها، قد يجعلها تلتقط أنفاسها والاستعداد بشكلٍ أفضل، بما لا يجعلها عرضةً للمفاجآت، والنتائج غير المحسوبة وغير المحسومة.

لكن واقع الغضب العام على السلطة العامة، لا يعرف تراجعاً أو استكانة، الرأي العام يتحيَّن الفرصة تلو الفرصة لإفهام السلطة أنّ ثورة الناس مستمرّة، وإنْ كانت في كل مرّة تأخذ شكلاً جديداً.

ما هو مؤكد أنّ الانتخابات البلدية والاختيارية ستتأجّل بالتأكيد أكثر من أربعة أشهر، كما هو مقترَح، وسيمتدّ التأجيل إلى قرابة السنة، أي إلى أيار 2024، فهل تتحمَّل بلديات، وهي بالمئات، هذا النزف الهائل من الاهتراء خصوصاً في ظل بلديات منحلّة؟

فرصة ديموقراطية جديدة يخسرها لبنان،

و»عمرٌ جديد» كُتِب للمنظومة، ولكن إلى متى؟

جان الفغالي- ندا الوطن

مقالات ذات صلة