لبنان صندوق بريد دولي وإقليمي وساحة مفتوحة متصدعة!

حبس اللبنانييون أنفاسهم نهار الخميس السادس من أبريل (نيسان) الجاري، بعد التطورات المفاجئة التي شهدتها الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، حيث أطلق من الجنوب اللبناني عدد من الصواريخ باتجاه الجليل الغربي. لبنان الرسمي وعبر بيان صدر عن وزارة الخارجية والمغتربين أكد “التزامه واحترامه الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701″، معلناً “حرص لبنان على الهدوء والاستقرار في جنوب لبنان”. بدوره نفى “حزب الله” علاقته بإطلاق الصواريخ باتجاه الجليل. ونقلت “رويترز” عن مصدر في الحزب أنه لا علاقة له بالعملية، فيما صرح ثلاثة مسؤولين أمنيين لبنانيين أن فصائل فلسطينية تقف خلف إطلاق الصواريخ. وعلى المقلب الآخر أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أغار ليلاً (الخميس – الجمعة)، على مواقع بنى تحتية وأهداف أخرى تابعة لحركة “حماس” الفلسطينية جنوب لبنان. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر “تويتر”، “أغار جيش الدفاع على مواقع بنى تحتية وأهداف أخرى تابعة لمنظمة حماس الإرهابية في جنوب لبنان. جيش الدفاع لن يسمح لمنظمة حماس الإرهابية العمل انطلاقاً من لبنان ويعتبر الدولة اللبنانية مسؤولة عن أية عملية إطلاق نار تنطلق من داخل أراضيها”. فيما قالت هيئة البث الإسرائيلية إن معظم الصواريخ التي أطلقت من لبنان من طرازي “كاتيوشا” و”غراد”. من جهتها أكدت قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) في بيان أن الطرفين “لا يريدان الحرب”، داعية إياهما إلى التهدئة.

دخول لبنان على الخط

يقول مراقبون إن دخول لبنان على الخط، جاء على وقع القصف المتبادل ما بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وبسبب اعتداءات المستوطنين على المسجد الأقصى، وهذا قد ينذر بحرب مفتوحة خلال الفترة المقبلة. وذكرت سرعة اشتعال الجبهة الإسرائيلية – اللبنانية كثيرين بمجريات حرب يوليو (تموز) 2006. فيما استبعدت مصادر خاصة لـ”اندبندنت عربية” إقدام “حزب الله” على مغامرة خرق اتفاق ترسيم الحدود مع إسرائيل، مع ما يستتبع ذلك من تطورات إقليمية ودولية، مضيفة أن ما حصل يعد استفزازاً واضحاً لإسرائيل، ومن قام بالأمر يعرف جيداً أن حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، كان من الممكن أن تهرب من الأزمة الداخلية نحو حرب على حدودها الشمالية. وأردفت المصادر “يجب الأخذ في الاعتبار أن لا شيء يحصل في الجنوب من دون علم “الحزب”، وبخاصة حيث عناصره موجودة في كل زاوية”. في المقابل يقول مصدر مقرب من “حزب الله” لـ”اندبندنت عربية”، “الحزب ليس حرس حدود”. ويذكر بما قاله رئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين، “ليعرف الصهاينة أن المسجد الأقصى ليس وحيداً وأن خلفه مئات ملايين المسلمين الجاهزين لبذل الدماء من أجله”، وذلك مباشرة عقب إطلاق الصواريخ، من دون الإشارة مباشرة إلى القصف. بدورها نقلت قناة “الميادين” عن مصادر، “أن هناك تنسيقاً كاملاً بين المقاومة في غزة وغرفة عمليات محور المقاومة في المنطقة”. وعن هذا أجاب المصدر المقرب من “الحزب”، “ما جرى تلك الليلة (ليلة إطلاق الصواريخ) كان أكبر بكثير من تنسيق”. لكن إسرائيل تجنبت توجيه الاتهام مباشرة إلى “حزب الله” معلنة وعلى لسان المتحدث باسم جيشها الكولونيل ريتشارد هيشت “نعلم علم اليقين بأن هذه نيران فلسطينية… وننطلق من مبدأ أن (حزب الله) كان على الأرجح يعلم بأمر هذا القصف، وبأن لبنان يتحمل قسماً من المسؤولية” عن إطلاق هذه الصواريخ. وتابع “نحن نحقق أيضاً في تورط إيراني محتمل”. ونقلت بعض المواقع الإخبارية اللبنانية عن مصادر مقربة من “قوى الممانعة”، “أن ما حصل كان ضمن قواعد الاشتباك، وتم إيصال الرسالة بأقل قدر ممكن من القوة، بل إنها القوة التي كانت تستعمل في الثمانينيات، أيام “فتح لاند”، أي صواريخ “كاتيوشا” و”غراد”، مشيرة “إلى أن قيادة المحور تعتبر أنه يمكنها حماية المسجد الأقصى الذي تبنته كقضيتها الكبرى، بينما الأردن المسؤول عنه أقر بعدم قدرته على حمايته”.

التنسيق بين “حزب الله” و”فيلق القدس” و”حماس” و”الجهاد الإسلامي”

في شهر مارس (آذار) الماضي زار قائد حركة “الجهاد الإسلامي” زياد النخالة بيروت، وكان له لقاءات مع أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله. وعلق الإعلام الإسرائيلي حينها “يحتمل أنهم خططوا هناك لاستمرار النشاط ضد إسرائيل من خلال استعمال أسلوب الكماشة”. وكان النخالة قد صرح آواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي لقناة “الميادين”، “نحن لا نرى داعمين لفلسطين إلا إيران وحزب الله وسوريا”. وظهر يوم الأربعاء أي قبل ليلة من وقوع حادثة إطلاق الصواريخ، وصل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية إلى العاصمة بيروت. ووفقاً لبيان صادر عن المكتب الإعلامي للحركة في لبنان، أن هنية وصل إلى بيروت “في زيارة خاصة لأيام عدة”. الزيارة تأتي بعد اجتماعات سابقة عقدها نصر الله، مع مسؤولي حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، “لتنسيق المواقف وتعزيز المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني”. وذكرت صحيفة “النهار” اللبنانية في مقالة، أن الإفطار الذي أقامه “حزب الله” مساء الأربعاء لم يكن جلسة رمضانية عادية من حيث الوجوه التي جمعها في الضاحية الجنوبية بمشاركة كبار المسؤولين عن محور الممانعة والمواجهة في الإقليم، إلى جانب كبار المسؤولين عن (الحزب) الذين تقدمهم نائب أمينه العام نعيم قاسم، وحضر مسؤولون عن (أنصار الله) في اليمن، و(الحشد الشعبي) من العراق”. إضافة إلى قيادات فلسطينية من حركتي “الجهاد الاسلامي” و”حماس”، تقدمهم نخالة وهنية. وبحسب الصحيفة أن من أبرز الحاضرين لهذا اللقاء الذي درج الحزب على إقامته في كل رمضان قائد “فيلق القدس” العميد إسماعيل قاآني، وجرى التشديد في الكلمات التي ألقيت على خطة العمل التي وضعت، والعمل على اتباعها والتشديد على “وحدة الساحات” في الإقليم. وصولاً إلى “وحدة الجبهات” عندما تدعو الحاجة من غزة مروراً بالأراضي المحتلة إلى لبنان ووصولاً إلى سوريا. وحصلت المفاجأة في اليوم التالي بعد ظهر الخميس حين أطلقت عشرات الصواريخ في اتجاه الجليل. ووفقاً للصحيفة اللبنانية “جاء توقيت إطلاق هذه الصواريح التي لم تتبناها (حماس) ولا (المقاومة الإسلامية) في دلالة على ممارسة (الغموض البناء) الذي يطبقة أقطاب المحور”. وجاء في بيان “الحزب” الأحد في التاسع من أبريل، أن نصر الله استقبل إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري والوفد القيادي للحركة. بدوره قال هنية في بيان عقب لقائه قادة الفصائل الفلسطينية في بيروت، إن الفصائل الفلسطينية لن تقف “مكتوفة الأيدي” إزاء “العدوان” الإسرائيلي على المسجد الأقصى. وتأتي حركة الزيارات تحضيراً لـ”يوم القدس” في 20 أبريل الجاري.

“تكتيك الكماشة”

يقول مراسل “القناة 14” الإسرائيلية هيلل بيتون روزين، “في غضون أيام قليلة تعرضت إسرائيل لهجوم صاروخي من ثلاث ساحات مختلفة وترد بضعف غير مسبوق”. وذلك بعدما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية بأن صواريخ أطلقت من سوريا من دون أن تؤدي إلى مصابين، حيث سقطت في أرض خلاء جنوب هضبة الجولان. الساحات الثلاث، التي تحدث عنها روزين أي الجولان وغزة وجنوب لبنان، يعيدنا إلى ما كان قد أشار إليه الكاتب يوسي يهوشع في صحيفة “يديعوت أحرونوت، “يحتمل أنهم خططوا هناك لاستمرار النشاط ضد إسرائيل من خلال استعمال أسلوب الكماشة”. بدوره أشار باراك رافيد من موقع “واللا” الإسرائيلي إلى أن “غاية إسرائيل الأساسية خلال جولة التصعيد الحالية هي الامتناع عن مواجهة واسعة مع (حزب الله) في توقيت غير مريح لإسرائيل، والامتناع أيضاً عن توحيد جبهة لبنان مع جبهتي غزة والضفة الغربية، الذي كان سيمنح إنجازاً لـ(حماس)”.

وكانت القناة “13” الإسرائيلية قد ذكرت أن إسرائيل قصفت مقراً تابعاً لماهر الأسد (شقيق رئيس النظام السوري بشار الأسد)، وقالت إن القصف جاء بسبب إطلاق طائرة مسيرة إيرانية من سوريا إلى إسرائيل قبل أسبوع. ونفت مصادر إعلامية تابعة لـ”حزب الله” ما يتم تداوله عبر الإعلام الإسرائيلي عن استهداف طائرات مجهولة لمبنى خلال اجتماع لضباط من المخابرات السورية، ومسؤولين إيرانيين بينهم قائد كبير‫من “فيلق القدس”. يذكر أن قاآني إلى وصل دمشق، بحسب ما ذكرته صحيفة “الوطن” السورية شبه الرسمية في تغريدة على موقع “تويتر”.

اندبندنت

مقالات ذات صلة