حزب الله “مكمَّل” ولا شيء يوقفه: “أنتم تقولون ما تريدون… وأنا أفعل ما أريد”!
من “تلازم المسارين” إلى “وحدة الجبهات”
هناك قاعدة، وهناك استثناء. هناك استراتيجيا، وهناك تكتيك.
ما جرى في جنوب لبنان من إطلاق صواريخ من بلدة القليلة في اتجاه اسرائيل، هو القاعدة وليس الاستثناء. تقول القاعدة إن جنوب لبنان هو”جبهة” أكثر مما هو منطقة عمليات قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة. وهذه”الجبهة” يتم استخدامها وفق أجندة حزب الله، تماماً كما كانت تستخدمها منظمة التحرير الفلسطينية منذ العام 1969 حتى العام 1982. وكلّ كلام آخر، هو كلامٌ خارج الموضوع، أو كما يُقال في المثل: “تخبيصٌ خارج الصحن”.
حين كانت “أجندة” حزب الله تقتضي توجيه صواريخ إلى اسرائيل، تمَّ استخدام بلدة شويَّا، لكن الأمر افتُضِح لأن أهالي البلدة رفضوا استخدام بلدتهم كمنصَّة لأطلاق الصواريخ، لكن هذا الاعتراض لم يمنع حزب الله من التمسك بالجنوب بصفتِه “جبهة”، وتجلَّى ذلك في إطلاق الصواريخ من القليلة.
جاءت حادثة المسجد الأقصى لتعيد إنعاش مقولة “الجبهة” في توصيف جنوب لبنان، انطلقت نظرية “وحدة الجبهات”، والمقصود فيها جبهة غزة وجبهة الضفة الغربية وجبهة الجولان وجبهة جنوب لبنان. اليست مفارقة أن تكون “الجبهات” في لبنان وسوريا وفلسطين، في وقتٍ سبق لمسؤول إيراني أن تحدَّث عن أن إيران تسيطر على أربع عواصم، منها بيروت ودمشق وبغداد وغزة؟
تحرّك “وحدة الجبهات” تمَّ بين الجنوب والجولان وغزة والضفة الغربية، وهذا المعطى الجديد هو تحوًّلٌ استراتيجي يُعتبر الأول والأهم منذ حرب تموز 2006، لا بل منذ تسعينيات القرن الماضي، في ذلك التاريخ، وإثر مؤتمر مدريد، بدأ الحديث عن مسارات التفاوض. تمَّ قطع الطريق على المسار اللبناني تحت شعار “وحدة المسارين” اللبناني والسوري، وكان المقصود الحقيقي بهذا الشعار أنّ المسار السوري هو الموجود فيما المسار اللبناني ملحق بالمسار السوري، وكان وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، هو عملياً وزير خارجية سوريا ولبنان في آنٍ واحد.
منذ ثلاثين عاماً إلى اليوم، لم يتغيَّر شيء: من تلازم المسارات إلى توحيد الجبهات.
إذاً، من شويّا إلى العاقبية الى القليلة، السيادة اللبنانية وجهة نظر. المسألة لم تعد مزحة على الإطلاق، أي لبنان قادر على الصمود؟ لبنان الذي خسر ابناؤه ودائعهم؟ لبنان الذي ليس في إداراته قرطاسية، إنْ لم نقل أكثر؟ لبنان الذي تعيش مؤسسته العسكرية على المساعدات من الولايات المتحدة الاميركية وقطر؟ لبنان غير القادر على إجراء انتخابات بلدية واختيارية لأنه غير قادر على توفير كلفة اجرائها والتي تُقدَّر بسبعة ملايين دولار؟ لبنان غير القادر على فتح المدراس الرسمية؟ لبنان غير القادر على ضبط حدوده البرية ليصبح فيه مليونان ومئة الف نازح سوري؟
عن أي مقاومة نتحدَّث؟ وأي مقاومة سنخوض؟ ومع ذلك، حزب الله “مكمَّل”، ولا شيء يوقفه، لا تصريح ولا تنديد، وهو يتصرف على قاعدة: “أنتم تقولون ما تريدون، وأنا أفعل ما أريد”.
جان الفغالي- نداء الوطن