“حزب الله” عمق احتقاره لمنطق الدولة… التي خرجت “ذليلة” من اختبار “الصواريخ اللقيطة”!
“الصواريخ اللقيطة”: لا تغيير في قواعد الاشتباك ولا في هوامش “وحدة الساحات “
على العكس من كل التقديرات التي حفلت بها وسائل الاعلام في اليومين الماضيين في اعقاب اطلاق “فصائل فلسطينية مجهولة” تستظل “حزب الله” في لبنان، نحن نزعم أنه لم يطرأ جديد يذكر على قواعد الاشتباك بين إسرائيل و ايران، كما ان مبدأ “وحدة الساحات” الذي عملت من اجله طهران، و بشّر به “حزب الله” مرارا على لسان امينه العام لم يشهد تطوراً مختلفاً عما سبق. فقواعد الاشتباك عبر لبنان لم تتغير منذ إقرار القرار الاممي 1701 بنهاية حرب تموز (يوليو ) 2006. فالهدنة القائمة بين الإيرانيين وإسرائيل عبر الحدود اللبنانية مستمرة من دون ان يطرأ عليها تغيير دراماتيكي على الرغم من اطلاق صواريخ قديمة برعاية “حزب الله” نحو أراض مفتوحة أو أجواء يسهل لـ”القبة الحديدية” أن تسقطها. أرسلت رسالة على متن الكاتيوشا -الخردة ووصلت الى من يجب أن تصله ضمن حدود مقبولة من الطرفين. “حزب الله” يطلقها تحت اسم “فصائل فلسطينية “غير منضبطة، وينفي صلته أو معرفته بها، وإسرائيل “تصدق” الرواية وتمنحها صدقية كافية لتفادي التصعيد الذي لا يريده أي من الطرفين. أما “وحدة الساحات” فمبدأ تطبقه ايران عبر “فيلق القدس” وميليشياته المذهبية المنتشرة من العراق الى لبنان مرورا بسوريا منذ عدة أعوام، وتواجهه إسرائيل في سوريا بعشرات الغارات على مواقع “الحرس الثوري” الإيراني و”فيلق القدس” التابع له، و “حزب الله”.
تشمل الغارات، وبعضها مؤلم جداًً، سوريا طولاً و عرضاً، من الجنوب الى مطار حلب ومن دمشق وحمص حماة واريافها الى معبر البوكمال على الحدود مع العراق. و في المقابل لا رد جدياً على إسرائيل على أساس أن قواعد الاشتباك في سوريا مختلفة عن تلك المعتمدة في لبنان حيث هناك هدنة شبيهة بهدنة “فك الاشتباك “بين إسرائيل وسوريا حافظ الأسد للعام 1974. من هنا وبالرغم من الروايات التي تعتبر ان عقيدة “وحدة الساحات” أحرزت تقدماً في اليومين الماضيين نقول إن لا جديد سوى مناورة ضمن الهوامش المقبولة من الطرفين لان “حزب الله” ملتزم بقرار إيراني بتسوية الحدود البحرية، وقواعد الاشتباك القديمة التي لم يطرأ عليها تعديل حتى في غمرة اطلاق “الصواريخ اللقيطة “كما يسمونها في لبنان. وفي سوريا، سيستمر الضرب على الإيرانيين من دون تعديلات تذكر وفق قاعدة تقول إن سوريا هي صندوقة البريد الإقليمية حتى إشعار آخر .
لم تفقد إسرائيل قدرتها الردعية كما يشاع، لكنها تعاني من أزمة داخلية كبيرة مزدوجة بفعل سياسات حكومة بنيامين نتنياهو على الصعيد الإسرائيلي الداخلي (ازمة تعديلات قانون القضاء)، وعلى الصعيد الفلسطيني جراء ارتكابات عدوانية، عنيفة، عنصرية، لا بل حمقاء مفروضة من ائتلاف حكومي متخلف بسلوكه كما بأشخاصه البارزين كوزير الامن الوطني ايتمار بن غفير و وزير المال يتسلئيل سموتريتش و آخرين. هاتان الازمتان تضعفان إسرائيل الى حد بعيد، و تؤثران كثيراً على علاقاتها الدولية.
لم تفقد إسرائيل قدرتها الردعية على مستوى قطاع غزة، كما لبنان، وسوريا. لكن يصح القول إن هوامش ايران في ما يتعلق بسياسة مضايقة إسرائيل والولايات المتحدة توسعت نوعاً ما منذ الاتفاق السعودي -الإيراني، لكنها هوامش قابلة للتضييق اذا ما نفذت أميركا ضربة رادعة مؤلمة جداً ضد ميليشيات ايران في سوريا أو العراق رداً على اعتداء مقبل يقتل فيه مواطن أميركي. أو إذا ما نفذت إسرائيل عملية تذكيرية مذلة لطهران في الداخل كما حصل مرات عدة طوال العام الفائت وقبله.
وحدها الدولة اللبنانية خرجت من اختبار “الصواريخ اللقيطة” ذليلة. وقد أظهر “حزب الله” عمق احتقاره لمنطق الدولة، ورجالاتها في لبنان، خصوصاً عندما يضع في الميزان وظيفته الإقليمية التي تتقدم على كل ما عداها.
علي حماده