زيارات هنية الدورية إلى لبنان: لقاءات للتنسيق أم لتبادل الابتسامات! ؟

تكشف الزيارات الدورية التي يقوم بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إلى لبنان ولقاؤه كل مرة بالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، تناقض رواية الحزب بشأن رشقات الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل ليل الثلاثاء – الأربعاء الماضي ونفي مسؤوليته عنها.

ويؤدي هنية زيارة إلى لبنان منذ الأربعاء الماضي. والتقى الأحد نصرالله. وأعلن حزب الله في بيان أن نصرالله التقى هنية، “حيث جرى استعراض أهم التطورات في فلسطين المحتلة ومجريات الأحداث في المسجد الأقصى والمقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية وقطاع غزة”.

كما بحث القياديان الحليفان “التطورات السياسية في الإقليم عموما وجاهزيّة محور المقاومة وتعاون أطرافه في مواجهة كل هذه الأحداث والتطورات”.

ولم تعترف حركة حماس -بشكل واضح- بمسؤوليتها عن القصف، لكن تملص حزب الله دفع إسرائيل إلى إلقاء المسؤولية على عاتق الحركة التي لم تنف الاتهامات.

ويقول مراقبون إن حماس تتصرف كقوة غير مراقبة عند العمل من لبنان وهو ما يناسب حزب الله وإيران لكنه يضر بلبنان.

ويتساءل هؤلاء المراقبون عما إذا كان بإمكان حماس أو أي من الفصائل الفلسطينية العمل من جنوب لبنان دون علم وتسهيلات من حزب الله وموافقة إيران؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فما المغزى من زيارات هنية المتتالية إلى لبنان ولقائه بنصرالله؟

ويقول مسؤولون في وزارة الدفاع الإسرائيلية إنهم تلقوا رسائل عبر عدة وسطاء دوليين تفيد بأن حزب الله لم يكن جزءا من الهجوم ولم يعلم به. ووفقا لموقع أكسيوس فإن تقييمات المخابرات العسكرية الإسرائيلية مالت إلى قبول ادعاء حزب الله أنه واقعي، في محاولة لتجنب صراع أوسع مع حزب الله.

وقدم المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي الكولونيل ريتشارد هيشت تبرئة مبكرة لحزب الله بالقول “نعلم علم اليقين أنّ هذه نيران فلسطينية. قد يكون من أطلقها حماس، وقد يكون الجهاد الإسلامي. مازلنا نحاول التوصّل إلى نتيجة نهائية بشأن هذه النقطة، لكنّه (مطلق رشقات الصواريخ) لم يكن حزب الله”.

ويعرف اللبنانيون أن حزب الله هو حامل السلاح غير الشرعي الوحيد في لبنان وأن الهجمات الصاروخية تمت بترخيص منه. إلا أن الأسئلة التي شغلت المعنيين في لبنان هي: لماذا تنصل منها حزب الله؟ ولماذا اقتصرت على صواريخ كاتيوشا وغراد محدودة الأثر؟ ولماذا ترددت حركة حماس في إعلان مسؤوليتها عن الهجمات، ثم عادت لتلمّح إلى مسؤوليتها عنها، بعد أن تلقت الضرب من جانب إسرائيل؟

ويقول مراقبون إن إسرائيل وإيران توافقتا، في النهاية، على أنه لا مصلحة لهما في التصادم. وإن حزب الله سمح بإطلاق رشقات الصواريخ، استجابة لطلب من بعض الفصائل الفلسطينية في مخيمات جنوب لبنان، إلا أنه اشترط أن يبقى الهجوم محدودا، وبصواريخ غير ضارة، وأن يُبلغ إسرائيل عن طريق قوات الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) المنتشرة في لبنان بأنه غير مسؤول عنها.

ووفقا لمسؤول دفاعي إسرائيلي قال رئيس الموساد ديفيد بارنيا إن حزب الله من المرجح أن يردّ على أي غارة جوية إسرائيلية، وبالتالي يجب على إسرائيل أن تضربه، بالإضافة إلى أهداف حماس والأهداف اللبنانية. إلا أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي قال إن إبقاء حزب الله خارج المعادلة يخدم مصلحة إسرائيل، وللقيام بذلك يجب أن يظل رد إسرائيل مركزًا على حماس.

وبدوره قال وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأميركية، إن بلاده لم تتلق أي معلومات عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وإنه لا يعرف ما إذا كان حزب الله قد وافق بالفعل على مثل هذه الهجمات أم لا.

ولكن رئيس حزب “القوات” سمير جعجع سخر من موقف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قائلا “هل اجتمعت الحكومة اللّبنانيّة أو اتّخذت قرار إطلاق الصّواريخ من الجنوب باتجاه إسرائيل؟”. وأضاف أنّ “الحكومة اللّبنانيّة، ولو كانت حكومة تصريف أعمال كما كلّ الحكومات الّتي سبقتها في الآونة الأخيرة، تكون بتخلّيها عن القرار الإستراتيجي للدّولة لمصلحة محور الممانعة، قد تخلّت عن مسؤوليّتها الرّئيسيّة في الحفاظ على أمن الوطن والمواطن”.

ولم تتبن حركة حماس الهجمات مباشرة، إلا أنها قالت في بيان “إن الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى قضية تتوحد حولها الجبهات وتترابط الساحات. وإن قضية المسجد الأقصى قادرة على تفجير الأوضاع في كل مرة، لأن شعبنا ومقاومته لن يمررا جرائم الاحتلال دون رد عليها”.

ويرى مراقبون أن إيران هي التي اتخذت الجانب الآخر من القرار. فعلى الرغم من أنها كثيرا ما هددت بالرد على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع قواتها في سوريا، وعلى الهجمات الأخرى التي تمت داخل إيران، إلا أنها وجدت أن الظرف غير مناسب لتفجير أزمة أوسع. فهناك مشاورات على تسوية مؤقتة بشأن الملف النووي، تقضي بتجميد الوضع الراهن، مقابل الحصول على بعض الأموال المجمدة، ومنها 8 مليارات دولار موجودة في حساب خاص في العراق، خاضع لإشراف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. كما أن حزب الله نفسه لا يريد أن يزيد في حدة عزلته داخل لبنان، على خلفية تمسكه بترشيح سليمان فرنجية للرئاسة وهو ما ترفضه الأطراف اللبنانية الأخرى. وفي حال نشبت مواجهة بينه وبين إسرائيل، فإنه لن يجد “حاضنة شعبية” تسانده بينما تمر البلاد بظروف اقتصادية مأساوية.

العرب

مقالات ذات صلة