هل يتخلى الأسد مع حلفائه عن مليارات الكبتاغون.. للتطبيع مع الخليج؟

لا يمكن المرور على رقم ال57 مليار دولار أميركي الذي وضعته الحكومة البريطانية كعائدات مالية يجنيها النظام السوري من تجارته في المخدرات، من دون طرح الكثير من الأسئلة، أهمها هو كيف لرئيس النظام السوري بشار الأسد أن يتخلى عن هذا المبلغ الضخم في مقابل التطبيع مع الدول العربية، والخليجية خصوصاً، والمليارات القليلة التي وعدته بها لوقف عمليات تهريب المخدرات التي تستهدفها بشكل مباشر؟

وقالت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا روزي دياز إن النظام السوري يجني سنوياً 57 مليار دولار من تجارة “الكبتاغون”، وهو ما يمثل 80 في المئة من إمدادات العالم من هذا النوع من المخدرات، و3 أضعاف ما تنتجه “الكارتالات” المكسيكية مجتمعة.

الأسد لن يتنازل
وجاءت التصريحات البريطانية متزامنة مع عقوبات مزدوجة فرضتها مع الولايات المتحدة على عدد من أقرباء الأسد وشخصيتين لبنانيتين، بسبب ضلوعهم بعمليات تجارة وتصنيع ونقل المخدرات التي تدعم النظام السوري.
ويؤكد الدبلوماسي السابق في واشنطن بسام بربندي أن الرقم البريطاني غير دقيق أبداً، لكنه يرى أنه حتى لو كانت العائدات هي 5 مليارات وليس 57 ملياراً، فإن الأسد لن يتنازل عنها أبداً مقابل التطبيع مع الدول العربية والمليارات التي وعدته بها، معيداً السبب إلى أن مليارات “الكبتاغون” تعود إلى جيبة الأسد مباشرة، بينما المليارات العربية ستذهب لدعم الاقتصاد السوري.

ويقول بربندي ل”المدن”، إن التحرك البريطاني-الأميركي هو جزء من عملية تهدف إلى إرضاء السعودية والدول الخليجية لتجفيف منابع المواد الأولية في صناعة المخدرات، ومصدرها أوروبا، وكذلك للحؤول دون قول واشنطن بأن لا إستراتيجية متماسكة لديها لمكافحة المخدرات.

ويقول إن الدول العربية وجدت بأن واشنطن غير جدية بالتعامل مع الملف السوري والتهديدات الناتجة عنه في قضية اللاجئين بالنسبة للأردن ولبنان، والمخدرات بالنسبة لدول الخليج، وكذلك غير جدية في تطبيق العقوبات على النظام.

ويضيف أن ملف المخدرات يعتبر تفصيلياً بالنسبة للدول الخليجية في مسألة التطبيع مع الأسد، حيث قبلت به في مقابل اتفاقيات استراتيجية اقتصادية مع الروس والصينين، مثل “أوبك بلاس” التي تضمن لها غطاءً للعمل بعيداً عن واشنطن، وعائدات مالية كبيرة لمشاريعها.

شركاء الأسد
ويتفق الباحث الاقتصادي ومدير منصة “اقتصادي” يونس الكريم مع بربندي بأن الرقم البريطاني مبالغ فيه، موضحاً أنه يبلغ حوالي 5 مليارات و700 مليون دولار. ويؤكد ل”المدن”، أن مشكلة الأسد في التخلي عن عوائد المخدرات مقابل التطبيع، تعود إلى أنها أموال سهلة يستطيع التحكم بإنفاقها كيفما شاء ووقتما شاء، على عكس ما هو الحال في المليارات العربية الموعودة، التي سوف تخضعه إلى شروط ملزمة في المقابل.

إضافة إلى ذلك، يقول الكريم إن الأسد لا يتحكم وحده بملف المخدرات، وإنما هناك لاعبين آخرين فاعلين هم الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، فضلاً عن وجود لاعبين داخل النظام نفسه مثل أمراء الحرب.

وعليه، فإنه لا يمكن القبول بالمليارات العربية في الوقت الحالي التي لن تكون مجانية، وإنما على شكل قروض لفترات زمنية، ومرهونة بما يمكن أن تحصل عليه الدول الخليجية من امتيازات تؤدي بدورها إلى إدخالها كلاعب جديد يتحكم بسياسته الداخلية والخارجية، عدا عن عدم امتلاك الأسد واقتصاده رفاهية الانتظار، في حال دخلت تلك الاموال الى مسار التفاوض.

المدن

مقالات ذات صلة