تغيرات في أسلوب العيش تقي من السمنة وتعالجها
رصد باحثون تغيرات في أسلوب العيش من شأنها أن تقي من الإصابة بالسمنة وتعالجها من دون الحاجة إلى الخضوع لأي جراحة بغرض التنحيف.
تخفض جراحة فقدان الوزن مستويات حمض الصفراء أو المرارة في الجسم المرتبط بزيادة الشهية، تماماً كما تفعل مكملات الألياف إنما بدرجة أدنى.
لذا، تشير الدراسة إلى أن محاكاة تأثير الجراحة عبر إدخال تغيرات إلى أسلوب العيش، ربما تقود إلى علاج السمنة والوقاية منها، ومن ثم القضاء على المخاطر التي تطرحها جراحة إنقاص الوزن.
البحث الذي نهضت به “كينغز كوليدج لندن” وجامعة نوتنغهام الإنجليزية و”المركز الطبي” في جامعة أمستردام، يلقي الضوء على الجزيئات الكامنة وراء الفوائد التي تعود بها جراحة إنقاص الوزن (المعروفة أيضاً باسم جراحة علاج البدانة) على الشهية والتمثيل الغذائي أو عملية الأيض في الجسم.
طبعاً، يمكن اللجوء إلى جراحة السمنة من أجل علاج الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة.
وتتوافر أشكال مختلفة من الجراحات، من بينها تصغير حجم المعدة، أو إعادة توجيه الجزء العلوي من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة.
صحيح أن الجراحة إجراء يستلزم التوغل في الجسم، ولكنها تحقق أوجه تحسن كبيرة في فقدان الوزن وسلامة التمثيل الغذائي وخفض الشهية، ولكن الأسباب غير معروفة.
الدكتورة كريستينا ميني، الباحثة الرئيسة التي شاركت في الإشراف على الدراسة من “كينغز كوليدج لندن”، قالت إن “نتائج الدراسة تنطوي على آثار مهمة على تطوير تدخلات علاجية تستهدف اضطرابات التمثيل الغذائي التي تركز على ميكروبيوم الأمعاء.
“من طريق التوصل إلى فهم أفضل للتفاعل المعقد بين الجينات وميكروبيوم الأمعاء والنظام الغذائي في تنظيم مستويات حمض الصفراء وتأثيرها في الشهية وصحة التمثيل الغذائي، ربما ننجح في صياغة استراتيجيات جديدة تقي من السمنة ومتلازمة التمثيل الغذائي وتعالجها”، أضافت الدكتورة ميني.
وتعتبر الأحماض الصفراوية في الجسم، أي الأحماض الموجودة غالباً في السوائل (الصفراء) التي يصنعها الكبد ويطلقها ويخزنها في المرارة، مؤشراً على ضعف القلب وصحة التمثيل الغذائي ويمكن أن تؤثر في وظائف الكبد والالتهابات.
تابع الباحثون مجموعة من المرضى في أمستردام خضعوا لجراحة السمنة، وقاسوا مستويات الأحماض الصفراوية لديهم قبل الجراحة وبعد مرور سنة على الخضوع لها.
كذلك درسوا مستويات الأحماض الصفراوية الواردة في مشروعين بحثيين سكانيين: “توينز يو كي”، الذي تتولاه “كينغز كوليدج لندن”، و”بريديكت” الذي تقوده “كينغز كوليدج لندن” وشركة التغذية “زوي” المتخصصة في تحضير أطعمة ومشروبات وبرامج ومكملات غذائية تلائم كل حالة على حدة.
في النتائج، تبين أنه بعد جراحة علاج البدانة وبعد تناول مكملات الألياف أيضاً، تراجعت مستويات حمض صفراوي معين يُسمى “أيزو أورسوديوكسكوليك” (isoUDCA)، له علاقة بزيادة الشهية ومستويات التمثيل الغذائي البطيئة [التمثيل الغذائي البطيء يعني حرق سعرات حرارية أقل وبالتالي تخزين دهون أكثر في الجسم].
ولكن، لم تنخفض مستويات الحمض بعد تناول مكملات “أوميغا 3”.
يقول العلماء إن فهم هذه الآليات قد يسمح بإيجاد تدخلات علاجية جديدة تحاكي آثار جراحة السمنة ولكن من دون خضوع المرضى لإجراء جراحي.
ولما كانت جراحة علاج السمنة لا تناسب سوى الأشخاص الذين يكابدون السمنة المفرطة، فإن معرفة ما إذا كان يسعنا تعديل مستوى حمض “أيزو أورسوديوكسكوليك” من طريق إدخال تغيرات على أسلوب العيش ربما تقود إلى إيجاد علاجات تستهدف السمنة تحديداً.
يشير البحث أيضاً إلى أن بكتيريا الأمعاء تشكل عنصراً رئيساً في تحديد النتائج التي تسفر عنها جراحة علاج السمنة، كذلك يلقي الضوء على الطريقة التي تعمل بها ميكروبات الأمعاء على تغيير مستوى التمثيل الغذائي لدى المرء.
“يتبين من دراستنا أن مستقلباً ميكروبياً محدداً يشارك في تحقيق بعض هذه الفوائد، علماً أن الألياف الغذائية، وإن بدرجة أكثر تواضعاً، قد تحاكي بعضاً من هذه التأثيرات” الإيجابية، قالت البروفيسورة آنا فالديز، باحثة رئيسة شاركت في الإشراف على الدراسة، من جامعة نوتنغهام.
هكذا، ربما “تقود هذه النتائج إلى وضع دراسات تتناول مكملات غذائية الهدف منها تعزيز الشعور بالشبع والامتلاء، وتحسين مؤشرات صحة الكبد”، أضافت البروفيسورة فالديز.
كذلك تحدث في هذا الشأن الباحث المشارك في الدراسة البروفيسور تيم سبيكتور، بروفيسور في علم الأوبئة الجينية في “كينغز كوليدج لندن” والمؤسس المشارك لشركة “زوي”، فقال إن هذه الدراسة تسلط الضوء على الدور الرئيس الذي تؤديه الألياف في تنظيم الشهية والتمثيل الغذائي، الذي تستفيد منه ميكروبات معينة في الأمعاء.
و”يوفر تحليل ميكروبيوم الأمعاء المتقدم (كما تستخدمه “زوي”) أفكاراً تلائم كل حالة بحد ذاتها، ويمكن أن تدعم التمثيل الغذائي السليم.
“الميكروبيوم المعوي ومنتجاته الكيماوية، على شاكلة هذه الأحماض الصفراوية، يبشران بإمكانية الحد من السمنة من دون الحاجة إلى الخضوع لأي جراحة”، في رأي البروفيسور سبيكتور.
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة “تيم سيل ريبورتس” Stem Cell Reports المتخصصة في نشر بحوث الخلايا الجذعية.