لبنان ساحة مواجهة وتصفية حسابات: قراءة في دوافع اطلاق الصواريخ من الجنوب!

اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، نحو الداخل الفلسطيني المحتل، يحمل في طياته دلالات كثيرة لا بد من الوقوف عندها.. وقراءتها بهدوء وتمعن.. ولكن بداية لا بد من الاشارة الى ان مسؤولاً فلسطينياً رفيع المستوى نفى اي علاقة لاي تنظيم فلسطيني وخاصةً حركة حماس في عملية اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان الى الداخل الفلسطيني المحتل..

إطلاق الصواريخ بالشكل جاء رداً على التصعيد الاسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين في القدس والمسجد الاقصى..وفي المضمون، جاء التوقيت وتزامن مع البيان الذي صدر من بكين عقب اللقاء بين وزيري خارجية المملكة العربية السعودية وايران.. وتضمن مواقف ايجابية وتقارب بهدف نزع فتيل التوتر بين البلدين.. وكان المطلوب من اطلاق الصواريخ القول ان هذا التقاري لن يغير من دور ادوات ايران في لبنان والمنطقة..وان دورها لا يزال قائماً في حماية نظام طهران ومشروعها النووي والتسليحي..
تزامن اطلاق الصواريخ مع الزيارة التي يقوم بها السيد اسماعيل هنية الى لبنان.. في اشارة الى ان زيارته تهدف الى تعزيز التقارب والتعاون والتنسيق مع حزب الله والنظام السوري..وهذا ما كان يروج له اعلام حزب الله طوال اشهر..
الاشارة غير المباشرة وبشكل غير مسبوق، من قبل مصادر قريبة من حزب الله لمسؤولين لبنانيين ودوليين بان الصواريخ التي اطلقت هي من فعل فصيل فلسطيني قد يكون حركة حماس، الهدف منها توجيه رسالة للخارج بان لبنان لا يزال ساحة مهيأة بل وجاهزة للانفجار في اية لحظة بالتعاون والتنسيق مع جبهة غزة.. اي تفعيل ما يطلق عليه مصطلح (وحدة الساحات)..

توجيه رسالة للداخل اللبناني من قبل حزب الله ومحور طهران بأن عدم الرضوخ لمطالب ايران وحزب الله بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً بناءً على رغبة الثنائي الحاكم.. قد يقود الى فلتان امني وعودة الوجود الفلسطيني الى ساحة الجنوب وهذا ما قد يثير قلق الداخل اللبناني وكذلك المحيط الاقليمي والدولي.. وما علينا وعليهم سوى الاختيار .. بين الرضوخ او التصعيد..

يمكن الاشارة ايضاً الى ان عدد الصواريخ التي اطلقت، يتجاوز قدرة اي فصيل فلسطيني لوجيستياً وعسكرياً سواء حماس او غيرها من الفصائل الصغيرة على اطلاق هذا العدد من الصواريخ بدون تعاون او رعاية من قوى لبنانية محلية او ملاحظة هذا الحراك من قبل القوى والاجهزة الامنية اللبنانية المعنية بضبط الامن والاستقرار في جنوب لبنان.. بحسب القرار .. والقوة اللبنانية الوحيدة التي يمكنها تجاوز كل الاجراءات الامنية الرسمية هي حزب الله .. وهنا نستذكر ما جرى في بلدة شويا البقاعية قبل عام تقريباً.. حين تم حجز راجمة صواريخ ليتبين انها تابعة لحزب الله وليست تابعة لفصيل مجهول او انها صواريخ لقيطة كما جرى التعريف باستمرار..

اختيار سهل القليلة جنوب صور والملاصق لمخيم الرشيدية، كان لاعطاء انطباع حقيقي بان فصيل فلسطين هو من اطلق الصواريخ.. ولو كان صحيحاً فهو يشكل ادانة لعجز الاجهزة الامنية اللبنانية عن ضبط الفوضى الامنية وتعريض الامن اللبناني لمخاطر الدخول في حرب مفتوحة غير مدروسة او وخيمة العواقب..
كما يشكل هذا الخرق لو كان صحيحاً على ان حزب الله قد بدات قبضته تتراخى على الساحة الجنوبية وانه يعرض الاستقرار في القرى الجنوبية لمخاطر حقيقية..

كذلك فإن اتهام فصائل فلسطينية بإطلاق الصواريخ ..فيه استثارة لمشاعر فريق وازن من اللبنانيين في الجنوب كما في مختلف مناطق لبنان.. وتذكير بمرحلة سابقة توحي بعودة لبنان الى ان يكون ساحة مواجهة وفتح جبهات وتصفية حسابات..

ويمكن الاضاءة ايضاً الى ان حزب الله يريد توجيه رسالة الى اسرائيل بانه يريد بل قادر على الرد على الغارات الاسرائيلية المتكررة على مواقعه في سوريا والتي تكبده خسائر مادية وبشرية..دون الدخول في حرب مفتوحة او تصعيد واسع النطاق..وتطمين جمهوره بانه لا يزال قوي وقادر على مواجهة اسرائيل..

الخلاصة..

الاستقرار في لبنان، لم يعد مضموناً واعادة احياء الاقتصاد اللبناني غير ممكنة دون تحقيق خرق سياسي وتثبيت الامن على مختلف الاراضي اللبنانية.. وانتخاب رئيس يتبنى مواقف حزب الله ويدافع عن سياساته لن يشكل خطوة الى الامام، بناءً على ما شاهدناه وعشناه امس وربما سنرى تفاصيله اكثر في الايام المقبلة.. وبالتالي اعادة الحياة الى الكيان اللبناني وانعاش اقتصاده وترميم وضعه المالي وترسيخ استقراره السياسي يتطلب مسار سياسي مختلف تماماً عما نعاني منه اليوم..

الى متى سيبقى لبنان ساحة تظهير وتفعيل وتنفيذ للاستراتيجية الايرانية على حساب المصالح اللبنانية وعلاقات لبنان العربية والدولية..؟؟؟

بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات – حسان القطب

مقالات ذات صلة