“حزب الله” – “حماس” ضد لبنان والعرب: شر مستطير ودمار مروع!
في سبتمبر (أيلول) 2019، زار لبنان رئيس المكتب السياسي في حركة “حماس” إسماعيل هنية، والتقى علناً الأمين العام لميليشيا “حزب الله” حسن نصر الله.
وعلى هامش الزيارة، عبّر اللبنانيون عن استيائهم من تصريحات هنية التي هددت باستخدام لبنان كمنصة صاروخية تستهدف العمق الإسرائيلي (وهو ما تحقق البارحة بالفعل)، وهو ما يعني أمرين: أولاً، استخدام المخيمات الفلسطينية كأداة لزعزعة لبنان وتفتيته، وهو الذي يعيش الآن، وفي الأصل، فوق فوهة بركان. ثانياً، تأبيد الوضع اللبناني على خط الزلازل الإقليمية والدولية، بتأكيد استخدامه – بقوة الأمر الواقع – كورقة إيرانية، تارة في مواجهة إسرائيل وتارة أخرى في مواجهات الولايات المتحدة، وبالتأكيد ضد محور الاعتدال العربي.
في ذلك الوقت، أجرى نصر الله مقابلة بائسة في قناة “الميادين” التابعة له، لقد لمعت عيناه حين سأله المحاور عن لقائه بهنية وما دار معه، فأجاب منتشياً: “لقد تحدثنا في كل المواضيع”.
وشرح هذا المشهد، تكفل به النائب الأسبق ناصر قنديل، وهو المعروف بصلاته بالحزب الإلهي وبالرئيس السوري، في محطة otv اللبنانية التي تدور في فلك الممانعة، إذ “بشّر” القنديل في برنامج “بديبلوماسية” (29 ديسمبر/ كانون الأول 2020) بعودة العمل الفلسطيني المسلح الذي لن يستثني دول الخليج بسبب انخراطها وتبنيها لمشروع السلام.
ما جرى أمس في لبنان هو الثمرة الطبيعية لما تم إعداده من قبل لنكون أمام مشهد في غاية الخطورة، فالمسألة لم تعد مجرد العبث باستقرار لبنان ومصيره، بل تجاوزتها إلى ما يلي:
1- تهميش الدولة اللبنانية وتهشيمها وقطع كل امتداداتها العربية، انطلاقاً من الفصائل التابعة لـ “حماس” في المخيمات الفلسطينية.
2- سيعتبر محور الممانعة لبنان قاعدة إيرانية تماماً بسياسة الأمر الواقع، وتذكير اللبنانيين والعرب بأن لبنان وأهله رهينة في يد الميليشيات المتأيرنة.
3- إذا كان الثنائي الإرهابي (“حزب الله”/ “حماس”) سيستخدم ورقة المخيمات لتدمير لبنان، فإنه ومن خلال تلك المخيمات أيضاً، سواء في لبنان أو في سوريا أو في غزة، وبالإضافة إلى خلايا نائمة أو “ذئاب مفردة” في الشرق والغرب، قد نشهد – لا سمح الله – موجة إرهابية جديدة ترث موجات “القاعدة” ثم “داعش”.
4- إن الهدف من الإرهاب الجديد/ القديم الذي يستهدف المنطقة، إضعاف هيبة الدول العربية، وإظهارها بمظهر الضعف أمام مواطنيها في الداخل وأمام حلفائها في الخارج.
5- ويرمي الإرهاب الجديد/ القديم إلى تعزيز صورة إيران وفصائل الإسلام السياسي، من خلال الادعاء بأن هذه القوى هي التي تعبّر عن الشارع، وهي القادرة وحدها على التفاوض مع الغرب وصناعة السلام ثم حمايته. فإذا تصاعدت أحداث الجنوب إلى حرب سيحرص الحزب الإلهي على تأكيد دوره كضامن لأمن إسرائيل وحارس لحدودها التي تعاظمت بفضل اتفاق الترسيم.
6- إن الاتفاق السعودي – الإيراني في بكين كان واضحاً، فالمملكة لم تغير موقفها السلبي ضد الميليشيات بل اشترطت وقف تمويلها، والالترام بسياسة حسن الجوار وبعدم التدخل في شؤون الدول العربية، وبالتالي تريد إيران استئجار “حماس” لتفعل ما كانت تفعله ميليشياتها.
7- وبالتالي ستضيف إيران، الجملة السياسية الأهم في حديثها الخافت مع الغرب، هؤلاء السنة إرهابيون ميؤوس منهم، وخلاصكم معنا في ولاية الفقيه وتحالف الأقليات، إن السنة يقتلونكم، ونحن نقتل السنة. وهذا السياق يضاعف إثم “حماس” وجماعة الإخوان.
إن الإرهاب الجديد/ القديم لن يسفر عن وجهه صراحة كالعادة، فاكتشاف العلاقات الوثيقة بين “القاعدة” وإيران – على سبيل المثال – أتى متأخراً، ومن الضروري هنا استذكار تجربة منظمة أيلول الأسود، إذ ابتكر ياسر عرفات سراً هذه المنظمة للثأر من الدول التي ساندت الأردن في أحداث أيلول 1970 فقامت المنظمة باغتيال وصفي التل واستهداف السفارة السعودية في الخرطوم، وعمليات أخرى كلها موثقة ومثبتة.
وليس بعيداً كل ما يجري عن الفراغ الرئاسي في لبنان، إذ تريد الميليشيات فرض سليمان فرنجية رئيساً بعد أن رفضت كل مسعى توافقي، وكل المؤشرات تؤكد أن فرنجية سيكون رئيس مواجهة بالمعنى السياسي: نسف التحقيق في تفجير المرفأ وأيرنة القطاع المصرفي، ويبدو أن توفير البيئة الحاضنة لتحالف “حزب الله” – “حماس” ضد لبنان والعرب هو أهم أهداف العهد الجديد المنتظر.
احمد عدنان – لبنان الكبير