سعد الحريري… ضرورة وطنية أم حاجة إسلامية؟
الأوساط السياسية اللبنانية على تنوعها ومعها العربية وحتى الدولية، بعضها او اكثرها يراقب ويتابع (تراجيديا) الرئيس ميشال عون وخطاباته وملحقاتها منذ عام 1988م، عام دوره الدموي المشؤوم، وحكومته العسكرية البتراء ومآسي سياساته وتحالفاته المتناقضة، وتداعياتها على صعيد النسيج الوطني اللبناني وحتى المسيحي الماروني تحديداً، قتلاً وتهجيراً ومحاولاته الغاء خصومه المسلمين والمسيحيين معاً وهروبه المعروف الى فرنسا، وبعد عودته الى لبنان واشكالية تسهيله مع صهره جبران لاختطاف دور لبنان وابعاده عن اشقائه العرب وخاصة السعودية ودول الخليج العربي، لمصلحة المشروع الصفوي الفارسي بأذرعه العسكرية المذهبية المتواجدة عنوة، في العراق وسوريا ولبنان واليمن، بحجة نصرة فلسطين وتحرير قدسها من العدو الصهيوني وحلفائه.
حتى غدت ساحات النفوذ الايراني في الحواضر العربية، متشابهة جوعاً وبطالة وعتمة وفرقة وتناحراً وانقساماً وهجرة وتهجيراً، وهذه هي حالة الاستحقاق الانتخابي النيابي المقبل في لبنان الذي أكد موعد اجرائه موخراً وزير الداخلية. فالقوى السياسية اللبنانية على تعددها بأخطائها وخطاياها المدمرة للوطن والشعب، مستنفرة في هذه الايام محلياً واقليمياً، تحضيراً لهذا الاستحقاق الانتخابي المفصلي، الذي سيحدد خيارات لبنان للمرحلة المقبلة، وحدها الساحة الاسلامية (وأعني اهل السنّة والجماعة) تعيش حالة ارباك الى حد الاحباط والتشتت والشعور بالاستهداف والتراجع والانحسار لدورها الميثاقي الوطني والعربي، فشخصياتها النيابية وتجمعاتها الحزبية محدودة الانتشار والتأثير اسلامياً ووطنياً، وساحتها الاسلامية الانتخابية مهيأة للاختراق والاختلاس من المشروع الايراني وذراعه “حزب الله” ونفوذه، ومن طموحات خصومها محلياً واقليمياً، في ظل انكفاء وصمت الرئيس سعد الحريري لاسبابه المشروعة، وهو الذي كان وما زال شخصياً ومع تياره السياسي محتضناً ومدعوماً من الاوفياء والصادقين لبنانياً وعربياً، ومنتشراً وممتداً على كامل الساحة اللبنانية الاسلامية والمسيحية معاً، من اقصى عكار والشمال، الى اعالي جبل لبنان والبقاع، وحتى اقاصي الجنوب، وطبعاً عاصمة الوطن بيروت، ولن تتمكن اية قوى سياسية لبنانية، اسلامية مستقلة او حزبية، او شخصية صديقة، او قريبة هجينة، تدّعي الحرص على ارث الرئيس الشهيد ان تملأ فراغ حالة الانكفاء للرئيس سعد الحريري التي نأمل ان تكون ظرفية وموقتة، فالساحة الاسلامية والوطنية تنتظر مرحلة انتهاء فترة الصمت والانكفاء للرئيس سعد الحريري، وترى في الاحتضان الوطني والعربي مجدداً للحريرية الوطنية وسيدها هي الخطوه الاولى نحو اعادة بناء الدولة اللبنانية الوطنية الجامعة التي سعت اليها الحريرية السياسية منذ نشأتها، وحال دون تحقيقها او تطبيق نهجها الوطني العربي، المشروع المذهبي الايراني المسلح والمتحالف مع (التيار الوطني الحر) في لبنان.
ومن اجل ذلك فإن الرئيس سعد الحريري وتياره السياسي العابر للخنادق الطائفية، والرافض لمستنقع الكهوف المذهبية، يبقى ضرورة وطنية عامة، وحاجة اسلامية جامعة للمرحله الانتخابية القادمة، لا بديل عنها وطنياً وشعبياً ليبقى لبنان سيداً حراً عربياً، ولا يمكن للمكاتب المموله شخصانياً، والتي بدأت بالانتشار والتفريخ مؤخراً هنا وهناك، بحجة الحفاظ على ارث الرئيس الشهيد، ومعها اتباع ازلام المشروع الصفوي الفارسي، ان تكون رديفاً او بديلاً للدور الوطني والاسلامي المعتدل للرئيس سعد الحريري ومشروعه السياسي في لبنان، اي مشروع البناء والنهوض والعدالة والاعمار.
فالساحة الوطنية اللبنانية، مدعوة مع هذا الاستحقاق الانتخابي القادم ان تحسم خيارها لمصلحة لبنان وشعبه اولاً واخيراً، وان تتخلص من ادران الفساد والمفسدين والحالات المرضية المركبة بعقد الأنا، وتحرص كل الحرص على سيادة وحرية وعروبة لبنان وشعبه، بعيداً عن المحاور والصفقات المشبوهة، وعن تبادل الرسائل الملتهبة بين المشروع الايراني الفارسي والنفوذ الاميركي التي يدفع ثمنها الشعب اللبناني حصاراً وحرماناً وعقوبات صارمة٠
أما آن الأوان للطبقة السياسية اللبنانية جماعات وافراداً ومع الاستحقاق الانتخابي النيابي ان تحسم خيارها وطنياً، لبناء الدولة الوطنية الجامعة، والتخلص من مشروع الدويلة وسلاحها المتكامل مع المشروع الايراني وجموحه المعادي لثقافة المواطنة والعروبة والحاقد على العرب وتاريخهم حاضراً وماضياً ومستقبلاً؟
القاضي الشيخ خلدون عريمط