الرئاسة بحاجة إلى أكثر من «صلاة استرئاس»!
مشكورٌ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، على دعوته النواب المسيحيين للصلاة والتأمل، لكنه في قرارة نفسه يعرف أنه «ليس بالصلاة وحدها تحيا… الرئاسة».
يعرف صاحب الغبطة والنيافة أنّ بعض النواب الذين اجتمعوا في «بيت عنيا»، لا ينتظرون أن «تحل النعمة»، بل أن «يحل الوحي». «سايروا» البطريرك بالاستجابة إلى الصلاة، لكن صندوق الاقتراع في ساحة النجمة وليس في حريصا، وربما كان يجدر بالبطريرك الراعي أن يطلب من بعض النواب أن يمروا على «كرسي الاعتراف» ويُدلوا بخطاياهم في التسبب في تعطيل إحدى عشرة جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. لم يفعلوا لكنهم تناولوا القربان المقدس على رغم خطاياهم! بالتأكيد لم يقل لهم البطريرك الراعي: «مغفورة لكم خطاياكم»، حتى وإنْ شاركوا في التأمل والصلاة والقداس، لأنّ المطلوب منهم أن يشاركوا في انتخاب رئيس وليس في التسبب في تطيير النصاب.
ويعرف البطريرك الراعي أنّه بين تاريخ الدعوة إلى الصلاة، ويوم الصلاة، استجدت تطورات كثيرة وكبيرة، لعل أبرزها زيارة رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجيه لباريس، والعقوبات الأميركية على أحد أصدقائه، ريمون رحمة، وشقيقه تيدي، وسبق للعقوبات الأميركية أن شملت وزير الأشغال من «تيار المردة» يوسف فنيانوس، في هذه الحال، هل سيستطيع مرشح ثنائي «حزب الله» حركة «أمل» تجاوز هذين «اللغمين» من العقوبات؟
الملف الرئاسي يزداد صعوبةً وتعقيداً، واشنطن لن تترك الملعب لباريس، وقطر بالمرصاد، الوفد القطري الذي جال على معظم القيادات والمرجعيات، أوصل رسالة واضحة إلى مَن التقاهم أن الدوحة لن تقف مكتوفة اليدين وأنها معنية على مستويين: مستوى سياسي، مذكِّرة بأنها رعت اتفاقاً عام 2008، وبالإمكان تسمية «اتفاق الدوحة» بأنّه «ميني طائف»، ففي العاصمة القطرية تبلور اسم رئيس الجمهورية والموازين داخل حكومة العهد الاولى، وإن كان الخلل تمَّ لاحقًا لأسباب لبنانية محض. ومستوى مالي، خصوصاً أنّ قطر داعمة أساسية للمؤسسة العسكرية.
بناءً على هذين المستويين، تعتبر قطر أنّ دورها ليس فقط أن تكون مستمعة، بل أن تكون مبادِرة، لكن ليس وحدَها بل بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية التي لا ترى حتى اليوم أي مؤشرٍ إيجابي في ما يتعلَّق بالرئاسة. إذاً، المسار الفرنسي في مأزق. المسار القطري في بداياته.
المسار الأميركي، إذا صح التعبير، يمتلك، حتى الآن، قدرة التعطيل أو الفيتو أو العرقلة أو توجيه رسائل العقوبات، لكن هذا المسار لم يتخذ حتى الساعة قراراً أن يكون مقرِّراً.
حيال كل هذه المعطيات، تبدو الرئاسة بحاجة إلى أكثر من «صلاة استرئاس»، وإذا كانت «صلاة الاستسقاء» تؤدي إلى تساقط الأمطار، فإنّ «صلاة الاسترئاس» لن تؤدي إلى «تساقط» الأوراق في صندوق الاقتراع الرئاسي.
جان الفغالي- نداء الوطن